الزمن نعمة من أنعم الله على خلقه ، وذو أهمية بالغة في عمر الإنسان ، لذا ينبغي ألا يهدر في غير مرضاة الله عز وجل ، فالحرص عليه أمر واجب ، ومنذ بداية التاريخ والإنسان يجتهد في وضع نظام لهذا الزمن يستطيع من خلاله تنظيم أعماله وأنشطته اليومية ، واليوم هو فترة زمنية قياسية مدته أربع وعشرون ساعة بالتوقيت العربي ، وهو مكون من الليل والنهار اللذين يتعاقبان باستمرار دوران الأرض حول محورها ، وقد كان التوقيت الزمني المعمول به إلا ما قبل ثلاثة عقود ونيف يحسب بغروب الشمس فتكون الساعة الثانية عشرة ، وعندها يحل وقت دخول المغرب ، وعند الساعة الواحدة والنصف يرفع صوت الأذان معلناً دخول وقت العشاء ، وكان فيه ليلة اليوم سابقة النهار ، وقد راعى الخالق تبارك وتعالى ذلك في كتابه الكريم (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ ) وقوله تعالى { لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) وقوله تعالى ( وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) وقوله تعالى (سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ ) ... إلى غير ذلك من الآيات التي وردت في القرآن الكريم التي يحسب اليوم فيها من شروق الشمس إلى غروبها ، وبذلك يشمل اليوم أجزاء الليل والنهار ، وسار الزمن على هذا النمط في الأيام السالفة ، وتدريجياً اندثر التوقيت الغروبي من عمر الزمن نتيجة الغزو الحضاري الغربي لمجتمعنا الإسلامي ، واستبدل التوقيت العربي ( الساعة) إلى التوقيت الزوالي الذي يبدأ اليوم فيه عند الساعة الثانية عشرة من منتصف الليل ، وليلة يبدأ عند الساعة الثانية عشرة ظهراً ، وأصبح التوقيت المعتمد في مجتمعنا العربي ، وبذلك فقدنا جزءاً من تراثنا المرتبط بعقائدنا وتاريخنا . فهل من وقفة جادة ، ورؤية عميقة ، وصحوة صادقة نستطيع من خلالها إعادة الزمن العربي (التوقيت الغروبي) لأوطانه ، والتمسك به وبكل الأساسيات العربية في شتى المناهج وتنميتها بما يتواكب مع عصر الحضارة والتقدم ، ومن ثم فرضها على المجتمعات الأخرى لنكون متبوعين لا تابعين . همسة : الإشارات تُغْني اللبيب عن العبارات . ومن أصدق من الله قيلاً (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً ) .