لم تبشر الدراسة التي أصدرها أخيراً معهد البحوث الألماني"دي إي في"بتراجع البطالة بصورة محسوسة في الفترة المقبلة على رغم زيادة النمو الاقتصادي والأوضاع المالية الجيدة لعدد كبير من الشركات. وذكر خبراء المعهد في دراستهم التي تطرقت اليها نشرة"اتجاهات الاقتصاد الألماني"الصادرة عن غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية الغرفة، ان وضع سوق العمل"سيبقى صعباً جداً"وان مستوى البطالة في البلاد سيبقى هذا العام وعام 2007 المقبل على حاله، أي مستقراً على مستوى مرتفع نسبياً، انما من دون العودة الى حد الخمسة ملايين عاطل عن العمل. أما الاستطلاع الذي عرض نتائجه معهد الاقتصاد الألماني في كولونيا"إي في"فأشار بدوره الى ان اربعة قطاعات اقتصادية فقط من اصل 44 قطاعاً، ذكرت انها ستؤمن وظائف جديدة، وهي قطاعات النقل والفنادق والطيران وبحوث الفضاء. ولا ينتظر رئيس اتحاد الصناعة الألمانية يورغن تومان تحسناً في موضوع التشغيل وخفض البطالة بصورة ملموسة إلا اذا حقق اقتصاد البلاد نمواً من 4 او 5 في المئة على حد قوله، وهو أمر شبه مستحيل على المدى المنظور والمتوسط، علماً ان كل المحللين الاقتصاديين يتفقون على ان خفض البطالة يتطلب نمواً من 2 في المئة، وهي نسبة قد تتحقق هذا العام فقط بحسب ما يتوقعه مؤشر معهد"إيفو"، ولذلك فان تأثيرها ان تحققت سيكون محدوداً. ويرى تومان ان هذه النسبة المتوقعة للعام الحالي"ستمكن فقط من الإبقاء على الوضع الحالي للبطالة". واستناداً الى بيانات المكتب الاتحادي للإحصاء في فيسبادن مطلع العام الجاري، خسرت ألمانيا بصورة نهائية 121 ألف وظيفة دائمة العام الماضي، خصوصاً في قطاعي الصناعة والبناء، وانخفض مجمل عدد العاملين في البلاد الى 38.7 مليون شخص، أي اقل ب0.3 في المئة عن عام 2004 مع استمرار الاتجاه نحو التراجع، على رغم الارباح التي تحققها الشركات والمصانع، الامر الذي دفع قادة الاتحاد العام للنقابات العمالية الى تحذير ارباب العمل من مغبة الامر، مشيرين الى ان فقدان المزيد من فرص العمل"سيدفع بالعمال ونقاباتهم الى التطرف والجذرية". كما ان"التصرفات المدمرة التي ينتهجها مسؤولو الشركات وتؤدي الى إقفال المصانع على رغم الارباح التي تحققها، لن يقبل بها العاملون الى ما لا نهاية". وتطالب النقابات بپ"نقاش حقيقي حول مشاركة حقيقية"للعمال والموظفين في بحث الامور الاقتصادية للشركات، مؤيدين في هذا المجال دعوة رئيس الدولة هورست كولر"لإشراك العاملين في ملكية شركاتهم وفي الارباح والخسائر". 25 بليون يورو لدعم النمو والتشغيل ولمواجهة أزمة البطالة المستدامة وضع"التحالف الكبير"القائم حالياً بين الاتحاد المسيحي والحزب الاشتراكي الديموقراطي بنوداً عدة لتأمين مزيد من النمو الاقتصادي في البلاد. وسارعت الحكومة الألمانية ومن ثم البرلمان الاتحادي الى اقرار"برنامج النمو والتشغيل"الذي سيخصص اكثر من 25 بليون يورو على مدى السنوات الأربع المقبلة لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وسوق العمل، والبحوث والتطوير، والمواصلات والخدماات وتحديث المباني، ورعاية الاطفال ومساعدة العائلات المحدودة الدخل. وتقرر ان يصرف المبلغ المذكور على هذه القطاعات والفئات على الشكل الآتي: وأمام التناقض الحاصل في البلاد بين ازدياد ارباح الشركات من جهة، وبين تنامي البطالة او عدم تراجعها بصورة ملموسة من جهة اخرى، توجهت ميركل الى الشركات الألمانية قائلة انها تنتظر منها"تحمل المسؤولية في تأمين فرص عمل جديدة في البلاد لقاء التسهيلات الضريبية وغيرها التي تؤمنها الحكومة لها"، وهي لهجة غير مألوفة لمسؤول ديموقراطي مسيحي يرفض من حيث المبدأ التدخل في شؤون التوظيف للشركات. وشدد نائبها وزير العمل فرانتس مونتيفيرينغ على اهمية برنامج النمو والتشغيل الحكومي لدفع عجلة الاقتصاد والبلاد الى الأمام، خصوصاً في مجالي البحوث والتطوير. وتنطلق الحكومة من ان مزيداً من النمو يعني مزيداً من المال في خزينة الدولة وفي صناديق أنظمة الضمان، وهي خطوة نحو الخروج من الازمة، وبدرجة اولى ازمة سوق العمل. وراوحت ردود فعل ممثلي الاقتصاد والخبراء والنقابات العمالية والأحزاب السياسية المعارضة على البرنامج بين التحفظ والقبول والرفض. وفيما رحب اتحاد الحرفيين في ألمانيا بشدة بالبرنامج وقبل به اتحاد الصناعة الألمانية من دون ثناء كبير عليه، انتقده الخبراء والمحللون الاقتصاديون. ورأى بعض هؤلاء ان مبلغ 3.8 بليون يورو تقريباً المخصصة للسنة الأولى 2006، لا ضرورة لصرفه وسيذهب هباء لأن تعزيز الاقتصاد سيحصل من دونها ايضاً ولن تزيد شيئاً على النمو الذي سيحصل. اما النقابات العمالية فرأت ان ما هو مخصص غير كاف لمواجهة البطالة، مشيرة الى"ان ضآلة الاستثمارات الحكومية في البلاد هي احد اسباب البطالة العالية". وتحفظ اتحاد البناء في ألمانيا على البرنامج الحكومي المعلن قائلاً ان مبلغ 25 بليون يورو لا يكفي أبداً لموازنة تراجع القدرة الشرائية والاستهلاكية للمواطنين بسبب رفع ضربية القيمة المضافة وإلغاء الدعم المالي الحكومي للراغبين في بناء منازل خاصة لهم.