تتوقع الحكومة الألمانية والهيئات الاقتصادية والخبراء فيها استمرار التحسن في سوق العمل وانخفاض البطالة في البلد إلى ما دون عتبة الثلاثة ملايين شخص في نهاية العام الحالي. ومع أن تراجع البطالة في آب (أغسطس) الماضي كان متواضعاً ولم يتجاوز الأربعة آلاف شخص نتيجة تباطؤ النمو في الربع الثالث، يعتبر عدد العاطلين من العمل البالغ 3.188، الأدنى في الشهر ذاته خلال السنوات ال 18 الماضية. وفيما ارتفعت البطالة في قطاع الصناعة، ازداد التشغيل في قطاع الخدمات. ورأى عضو مجلس إدارة «الوكالة الاتحادية للعمل» هاينريش ألت، ان العدد «سينخفض بمقدار 300 ألف حتى تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل إلى أقل من ثلاثة ملايين شخص»، مضيفاً أنه غير قادر بعد ذلك على تحديد التطور اللاحق للبطالة. وفي المقابل ارتفع عدد العاملين في ألمانيا بحسب الوكالة إلى 40.35 مليون نسمة بزيادة 137 ألفاً عن العام الماضي. وأشار اتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية في تقريره أواخر الشهر الماضي، الى إن عدد العاطلين من العمل في ألمانيا هذا العام سيكون الأدنى منذ عام 1992، وإلى أن الانتعاش الذي سيسجل نمواً من 3.4 في المئة بحسب تقديره، «قوي جداً بفضل الاستثمارات الحاصلة في مختلف القطاعات وميل المستهلكين إلى الشراء». وأكدت وزيرة العمل أورزولا فون درلاين، منحى الانخفاض الحاصل في البطالة مشيرة إلى أن تضاؤل العمل الجزئي في الشركات «لا يعني أن فاقديه يخسرون عملهم، إنما يحصلون على دوام كامل من جديد». ونقلت غرف التجارة والصناعة العربية - الألمانية في تقريرها الاقتصادي الشهري الأخير عن إيكهارت توختفيلد الخبير في «كوميرتس بنك»، ان سوق العمل الألمانية التي تشهد تراجعاً في البطالة «أثبتت صلابتها بفضل النمو القوي الحاصل في الاقتصاد، ما شجّع الشركات على زيادة عدد العاملين فيها بصورة ملحوظة»، لافتاً إلى أن سوق العمل لن تصاب بنكسة بسبب الانخفاض المنتظر لوتيرة النمو في النصف الثاني من العام الحالي. لكن الخبير يورغ تسوينر من «فاو بي بنك» رأى «من غير الممكن استبعاد عودة البطالة إلى الارتفاع في الأشهر المقبلة من دون أن يعني ذلك وقوع ألمانيا من جديد في ركود اقتصادي». وإزاء الانتعاش الاقتصادي الحاصل في البلاد طالبت النقابات العمالية أرباب العمل بإفادة العاملين من تحسن أوضاع شركاتهم بعد ضبط النفس الذي مارسوه خلال سنوات الأزمة. وحضّ رئيس اتحاد «فيردي» فرانتس بسيرسكي أرباب العمل «على عدم النظر إلى الأجور والمعاشات كمصاريف إضافية، بل كعامل يقوّي الاستهلاك الذي يحرّك السوق الداخلية ويساهم في الانتعاش». وذكر أن هذا ما سيقوله بوضوح إلى رجال الأعمال خلال مفاوضات زيادة الأجور المقبلة. وأعلنت نقابة «إي غي ميتال» في قطاع المعادن والصناعة الالكترونية أنها ستطالب بزيادة تراوح بين 4,5 و8 في المئة في المفاوضات المقبلة. وقال رئيسها أوليفر بورهاردت: «زمن التواضع ولّى والعمال يطالبون بحصتهم من الأرباح المحققة». وانقسم رجال الأعمال والخبراء والسياسيون حول الموضوع. فقد حذّر خبير النمو في معهد «إيفو» للبحوث الاقتصادية في ميونيخ كاي كارستنزن، النقابات من المبالغة في نسب زيادة الأجور لافتاً إلى أن وتيرة النمو المرتفعة التي تحققت في النصف الأول من العام الحالي «لن تصمد طويلاً، وأن على المرء ألا ينسى وجود أكثر من ثلاثة ملايين عاطل من العمل في البلاد». واتخذ رئيس معهد الاقتصاد الكبير وبحوث النمو ميشائيل هوتر الموقف ذاته، ودعا إلى رؤية عام 2010 «كتصحيح للنكسة الكبيرة التي أصابت الاقتصاد الألماني العام الماضي». إلا أن رئيس المعهد الألماني لبحوث الاقتصاد كلاوس تسيمّرمان أيد مطلب زيادة الأجور من دون أي تردد، وكذلك الخبير الاقتصادي المعروف بيتر بوفينغر الذي شدّد «على ضرورة حصول العمال على حصتهم من الانتعاش»، مشيراً إلى «أن من مصلحة الاقتصاد رفع الأجور من أجل تقوية القوة الشرائية». وذهب خبير الأزمات ماكس أوتّه في الاتجاه ذاته، قائلاً إن من العدالة اتخاذ مثل هذه الخطوة. كما دعمت فون در لاين مطالبة العمال بزيادة الأجور.