رنين خاص للهاتف الخليوي، واحد من أبرز مظاهر "الحب المعاصر"، تليه صورة للحبيب أو الحبيبة، تحتل الشاشة الأساسية للجهاز الصغير، أو تظهر بالتزامن مع رنّة مميّزة للشخص المميّز. وتمييز اتصال الحبيب عن اتصالات الآخرين يعود إلى رغبة الحبيب الشخصية في أن ينتبه المحيطون به إلى أهمية "هذا الاتصال إياه" في حياة الشريك، أو إلى إجراءات "لوجستية" يلجأ إليها تسهيلاً التواصل مع الحبيب، كالابتعاد عن الضجّة قبل الردّ استجابة للرنّة المميزة، أو الاستعداد للردّ في ظروف أخرى، في السيارة أو مكتب العمل، مثلاً. واعتماد نغمة خاصة لپ"الحبيب ة"، تهدف أحياناً إلى التقليل من تدفق المشاعر مع كل رنين، لا سيما إذا كانت العلاقة في مراحلها الأولى، أو تمرّ في مرحلة دقيقة. وترقية شخص ما إلى"رتبة"الرنّة الخاصة تؤكد أهمية اتصال هذا الشخص. ومع أن الصداقات العادية أو الحميمة تحظى بالترقية هي أيضاً، تبقى رنّة"الحبيب"مختلفة من خلال الأغنية أو النغمة أو الصورة أو كلها مجتمعة في تشكيلة خاصة، وفقاً للرمز الذي يفضل الشريك أن"يوسم"به شريكه. وأحياناً، تثير نغمة"الحبيب"أو"تشكيلته"أحاسيس متضاربة، فيتسارع خفقان القلب، أو ترتسم ابتسامة خفيّة على الشفتين، أو تتغلغل الراحة في نفس متلقي الاتصال بعد فترة قطيعة. "إهدَ يا قلبي إهدَ واستنَ حلم داه والله بتمنى ... هو دا حبيبنا هي دي الرنّة"... كلمات أغنية للمطرب المصري خالد سليم، تصوّر ردّ فعل حبيب على اتصال خاص فيهرع إلى جهازه. يتأكّد من الرقم، وكأنه لا يصدّق أذنيه. ثم يفتح الخط، مغنياً لحبيبته:"ايوه يا حبيبي بحبك أنا ... كنت فين الحب دوبنا ... والاّ أقولك بلاش الملامة، سيدي أنا الحمدالله بالسلامة...". مقتطفات من فيلم مصري، تشكّل فيديو كليب أغنية سليم، ترسم ملخّصاً عن الجو المحيط ب"ظاهرة"ارتباط المتصل، بنغمة خاصّة. علامات"الحب المعاصر"، لا تقتصر على النغمة، فقد يتحوّل الجهاز نفسه، أحياناً، إلى لاعب بارز في العلاقة، لا سيما عندما تكثر المشاغل وتتباعد أوقات التلاقي. ويصبح انبعاث النور من شاشته، معلناً عن وصول اتصال، بمثابة"شروق"شمس يوم جديد مفعم بالأمل. وتبقى الاتصالات والمؤثرات الصوتية والبصرية التابعة لها أكثر"انسانية"إذا ما قورنت بالپsms، التي يصفها كثيرون بپ"فاقدة المشاعر"أو"الجافّة"، خصوصاً في أوقات الخلافات والخصام بين الشريكين. ودخول الحبيب"الجديد"إلى هاتف الشريك، يترافق مع مراحل تطوّر العلاقة بينهما. ويلعب الحيز الذي يحتلّه أحدهم في الجهاز دوراً إضافياً في تطوّر هذه العلاقة. فعلى سبيل المثال، تتسلل الفتاة إلى هاتف صديقها، عبر تسجيل رقمها تحت اسم دلع يعتمده لها. وبعد تخصيص رقمها بنغمة، يفرز لها واحدة من أجمل صورها، أو يكتفي بصورة"تعبيرية"إذا لم يكن كسب ثقتها كفاية لتعطيه صورة شخصية. فإذا اكتملت الشروط والعناصر اللوجستية كلها، تتربّع الفتاة"ملكة"على الشاشة الأساسية للهاتف. وتحافظ على تاجها، إلى أن تبدأ فتاة أخرى بالتسلل إلى حياتهما... وفجأة، تختفي"ملكة"لتظهر"ملكة"جديدة تحتل عرش الشاشة، بمجرّد تنفيذ نقرة"انقلابية"بسيطة. السرعة التي تحكم التنقل بين الصور، تشبه كلمات أغنية"بعز الجو"، للمطربة لطيفة التونسية. فكاتب الأغنية الفنان اللبناني زياد الرحباني يبدأها بكلمات"بعز الجو. بطفّي الضو. بغيّر جوّ. بيرعبني"، لافتاً إلى عنصر المفاجأة في العلاقات"المعاصرة". وتشكّل الأغنية، لفتة إلى"جو"تعيشه شريحة من الشابات والشبّان في علاقات تحكمها السرعة والصخب عوضاً عن التفاهم. وتخلص الأغنية إلى القول"لا شو التقليد، لا شو التعقيد، ما أنا أطباعي شرقية"، من بعد أن تكون عبّرت عن رغبتها بالحديث معه، مستغنية عن الرقص في الأماكن الصاخبة. ومن مميزات الحبيبة العصرية، في زمن الحب الحديث، قدرتها على تحمّل توزيع ابتسامة شريكها على كلّ ما هو مؤنّث في السهرات، ومجاراة أنواع الموسيقى الصاخبة في الملاهي الليلية، مع التزامها الابتعاد عن كل ما هو مذكّر غير شريكها. وثمة ميزة إضافية تتمثّل بتفضيل الخروج جماعة على الخروج tete a tete... فضلاً عن الاكتفاء بالاستمتاع بال"جو"من دون أي اعتراض أو طلب مسبق لجلسة نقاش بعد انتهاء السهرة... وإلاّ فپ"النقرة الانقلابية"جاهزة و"النغمات الموسيقية"وفيرة ولا بد من أن تتناسب إحداها مع"وجه جديد"يليق بشاشة الخليوي.