نشأت علاقة وطيدة جداً بين عالم الهواتف المحمولة، ومجال الفن والدراما. والعلاقة هذه، التي تمتع الجماهير وترضي أذواقهم، هي مصدر رزق إضافي للفنانين، ومهنة جديدة للهواة وأرباح منقطعة النظير لرجال الأعمال في آن. والنتيجة في النهاية علاقة وطيدة غير محددة المعالم أو الأبعاد بين الهاتف المحمول والفن. وربما يكون المشترك بين عالمي المحمول والفن في بلد مثل مصر، هو أن كليهما يحظى بشعبية منقطعة النظير. فالمصريون يعشقون الأفلام والمسلسلات والأغاني، كما أنهم تحدوا مصاعبهم الاقتصادية الطاحنة في شكل يستحق الدراسة والتحليل، وتمكنوا في خلال نحو ستة أعوام أن يرتفعوا بعدد مشتركي الهواتف النقالة إلى ثمانية ملايين مصري تقريباً، ينفقون نحو تسعة بلايين جنيه سنوياً على هذه الرفاهية، ونحو مليوني جنيه يومياً على الرسائل القصيرة فقط. وفي الآونة الأخيرة، تبلور هذا الحب أكثر فأكثر، واندمج ليصبح الهاتف المحمول في أيدي الكثيرين وسيلة من وسائل الترفيه الفني. كما تحول الفن إلى"رنة"أو نغمة أو رسالة قصيرة أو مشهد أو فيديو كليب أو صور فاضحة لفنانات ترسل بال"بلو تووث"، أو رسالة صوتية هزلية بهدف الضحك والسخرية. أما"بيزنس"ال"رنات"أو ال ring tones فأصبح مجالاً قائماً بذاته في عالم الفن والمحمول. حتى أن كثيراً من جلسات العمل، التي تجمع المطربين والملحنين ومؤلفي الكلمات والمنتجين عادة، باتت تحوي بنداً خاصاً لنصيب كل منهم في"بيزنس"ال"رنات"المتوقع من الأغنية الجديدة. و"البيزنس"الفني وثيق الصلة بعالم المحمول يعبر عن نفسه هذه الأيام من خلال كم مذهل من الإعلانات التي تنشرها الصحف وتبثها محطات الاذاعة، عن خدمات وعروض جديدة تقدمها شركات المحمول ويشترك فيها فنانون كثر. فعلى محطة"نجوم إف إم"مثلا، يذاع إعلان هزلي يقدم له المذيع بصوت أجش، يتشبه فيه، بأسلوب الإعلان عن الأفلام التراجيدية أيام زمان، وتقوم الفنانة ياسمين عبد العزيز فيه بدور امرأة تكثر الحديث في الهاتف المحمول، الامر الذي يتسبب في نشوء خلافات بينها وبين زوجها. وينتهي الإعلان بعرض مميزات إحدى بطاقات الاتصال الجديدة المدفوعة مقدماً. في الوقت نفسه يظهر الفنان طلعت زكريا بصفة شبه يومية على صفحات الجرائد، معلناً عن هدايا فورية عند شراء هواتف من نوعية معينة. أما الرسائل المسجلة المأخوذة من مقاطع أفلام سينمائية شهيرة والتي تحمل عبارات و"قفشات"شهيرة من أفلام سينمائية بأصوات الفنانين من أمثال محمود عبد العزيز وزينات صدقي ويوسف وهبي ونجيب الريحاني وغيرهم، فهي ذائعة الصيت بين جمهور المشتركين في خدمات المحمول لاسيما بين الشباب. فقد بلغ حجم صناعتها، والتجارة فيها في مصر على مدى عامين، نحو ثلاثة بلايين جنيه مصري. إضافة إلى الترويج المباشر والإعلان الصريح للهاتف المحمول الذي يتولاه فنانون، تظهر بين الحين والآخر سبل أخرى، فنية، من شأنها ترسيخ قيمة المحمول وأهميته سواء بقصد أو غير قصد. فتغنى الفنان خالد سليم مثلاً، بأغنية شهدت انتشاراً كبيراً عنوانها"بلاش الملامة"، بالهواتف المحمولة، وجاء في كلماتها"هو ده حبيبنا، إللي دوبنا، هوه ده إسمه، وهي دي الرنة". وهو ما يؤكد تغلغل ثقافة المحمول حتى في الأعمال الفنية. وإذا كان خالد سليم اكتفى ب"رنة"فقط من ثقافة المحمول في أغنيته، فإن الفنان الكوميدي أحمد حلمي استعار منظومة المحمول بأكملها في أغنيته التي حملت اسم"قول ألو"في فيلم"ظرف طارق"والتي استعرضت كل ما يتعلق بالمحمول من رنات وvibration ورسائل قصيرة وخاصية الانتظار ونفاد بطاقة الشحن وغيرها في شكل هزلي... وفي الآونة الأخيرة يكاد لا يغيب اسم إحدى شركات خدمات المحمول، أو أنواع الهواتف، عن قائمة رعاة الأحداث الفنية الكبرى من حفلات غنائية، أو افتتاح عروض الأفلام السينمائية الجديدة، أو ندوات تلفزيونية تستضيف فنانين.