تهدد السياسة الايرانية نفوذ العرب. وجليّ أن فحوى رسالة الايرانيين الى جيرانهم العرب هي التالية:"منذ نصف قرن، تقاعس العرب السنّة عن تحرير القدس وتخلوا عن الفلسطينيين. وقريباً نمتلك نحن الفرس المسلمين الشيعة السلاح النووي، ونقود الامة الاسلامية، ونقضي على تفوق العرب على الاعاجم، ونبعث الخلافة الاسلامية". والحق أن الحكومات العربية قلقة من احتمال تجاوب "الشارع العربي" مع الدعوات الايرانية. فهذا الشارع يتعاطف مع الفلسطينيين. وتنقل نشرات الأخبار يومياً أخبار المواجهات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ومقتل العشرات منهم في رد اسرائيلي غير متكافئ على العمليات الفلسطينية. والحق أن الاسلاميين الاوائل، لم يبادروا الى استغلال "الجرح الفلسطيني"، على ما تفعل ايران. فالجزائريون العائدون من أفغانستان ومصدرو الحرب الاهلية الى بلدهم، ومنفذو هجمات الحادي عشر من ايلول سبتمبر وأسامة بن لادن، لم يذكروا في خطاباتهم القضية الفلسطينية. فمعاداة أميركا اقتصرت على التنديد بمحاذاة قواعد عسكرية اميركية الاماكن المقدسة في مكةالمكرمة. وغلب الميل الى معاداة السامية على الميل الى معاداة اميركا مع حرب العراق. ومع الحرب على لبنان، انتشرت المغالاة في معاداة السامية في أوساط العرب والمسلمين. والنظريات الفرنسية المعادية للسامية، ومنها نظرية روبرت فوريسون الذي ينفي حصول المحرقة، وروجيه غارودي الذي يعتبر ان هزيمة العرب ومصاب الفلسطينيين مردهما الى شعور الغرب بالذنب من ارتكابه المحرقة، هي عين الحق بالنسبة الى الحكومة الايرانية. ولا شك في ان هذه النظريات هي مرجعية المسلمين المعادين للسامية. فالمسلمون يسيرون اليوم على خطى المسيحية، وهذه تركت معاداة السامية بعد ألفي عام من انتهاجها، في مناوأة اليهود. والحق أن الباحثين الغربيين انصرفوا الى دراسة نبذ معاداة السامية في الغرب، وأهملوا إعمال الفكر في فهم حلول الاصولية الاسلامية المعادية للسامية محل القومية العربية المعادية للصهيونية في العالم العربي. ولا شك في أن الصراع الاسرائيلي - الفلسطيني ليس وراء تعاسة العالم العربي. ولكن هذا الصراع يعزز رغبة العرب والمسلمين في إعلان الجهاد لتحرير الاراضي المقدسة، ورفع الضيم اللاحق بالمسلمين. ويأمل المسلمون في استعادة مجد الاسلام عن طريق تحرير القدس، وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني. ويدعو مراقبون غربيون الى تفادي تكرار اخطاء الماضي، وعدم الاستسلام أمام أحمدي نجاد على ما فعلوا مع هتلر في مؤتمر ميونخ في 1939. وهؤلاء من أنصار تدمير المنشآت النووية الايرانية. ومن شأن المبادرة الى مهاجمة ايران قبل حل النزاع الاسرائيلي - الفلسطيني تعزيز الاصولية ومعاداة السامية في الشرق الاوسط، على ما حصل على أثر الحرب على العراق. وبحسب جيمي كارتر، رئيس الولاياتالمتحدة السابق، وزبغنيو بريجنيسكي خبير استراتيجي ومستشار الرئيس كارتر، وجب على الادارة الاميركية والحكومة البريطانية السعي الى إحلال السلام في فلسطين قبل اجتياح العراق، ومعاقبة صدام حسين على جرائم نظامه المستبد. فالعالمان الاسلامي والعربي يربطان العدالة بالسلام في فلسطين. عن جان دانيال ،"لونوفيل اوبسرفاتور"الفرنسية ، 25 / 12 / 2006