يلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس غداً في أريحا، في خطوة تهدف إلى إعطاء مزيد من الزخم لبوادر انفراج سياسي بين الفلسطينيين وإسرئيل للمرة الأولى منذ ما يزيد على ست سنوات. وقالت مصادر قريبة من عباس إنه سيبحث ورايس في موضوعين رئيسيين، الأول فرص رفع الحصار عن حكومة الوحدة الوطنية الجاري البحث في تشكيلها، والثاني فرص تدخل أميركي لاستئناف مفاوضات جدية مع إسرائيل. ويشكل وعد رايس برفع الحصار عن الحكومة الجديدة التي لن تضم، حسب الاتفاق، شخصيات قيادية بارزة من"حماس"، إشارة البدء للشروع في تشكيلها، لتجاوز الصعوبات الهائلة التي وضعها الحصار في طريق الحكومة الحالية التي لم تستطع توفير رواتب موظفيها. واستبق الرئيس لقاءه مع رايس بإعلان ترحيبه ب"التصريحات الإيجابية"لرئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، خصوصاً ما يتعلق منها بالمبادرة العربية. وقال عباس في بيان أمس إنه يرحب"باستعداد أولمرت العودة إلى طاولة المفاوضات على أساس تنفيذ خارطة الطريق ومبادرة السلام العربية التي تؤدي إلى اقامة دولة فلسطينية مستقلة ومتواصلة وحل عادل لقضية اللاجئين على أساس القرار 194". وكان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني دعا خلال استقباله الرئيس الفلسطيني أمس، المجتمع الدولي إلى إحياء المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وافاد بيان عن الديوان الملكي الأردني أن الملك قال إن"حاجة شعوب المنطقة إلى إحراز تقدم حقيقي في عملية السلام ينهي دوامة العنف ويعزز فرص تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين هي اليوم اكبر من أي وقت مضى". ويأتي اجتماع الزعيمين الأردني والفلسطيني عشية لقاء القمة بين الأول والرئيس الأميركي جورج بوش في عمان. واكد العاهل الأردني أنه"سيُخصص جزءاً كبيراً من محادثاته مع الرئيس بوش لتأكيد جوهرية القضية الفلسطينية وأولوية إيجاد حل عادل لها، إضافة إلى البحث في السبل الكفيلة بالتخفيف من حدة الأوضاع الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون حالياً". وقال"لا مجال لتحقيق تطلعات شعوب المنطقة بالأمن والاستقرار ما لم يعود الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي إلى طاولة المفاوضات"، مؤكداً"دعم الأردن لكل الجهود العربية والإقليمية والدولية الهادفة إلى إحراز تقدم في عملية السلام ودفعها إلى الأمام". واعتبر أن"مبادرة السلام العربية التي ضمنت لإسرائيل اعترافاً عربياً على أساس الأرض مقابل السلام تشكل إطاراً ملائماً لإقامة سلام شامل ودائم في المنطقة". وفي عودة إلى زيارة رايس، التي كانت زارت الأراضي الفلسطينية وإسرائيل مرتين هذا العام، تكتسب الزيارة أهمية خاصة، لمواكبتها تطورات مثل الهدنة بين الجانبين وإعلان أولمرت نيته الانسحاب من مناطق واسعة من الضفة الغربية وإطلاق سراح أسرى وإخلاء مستوطنات في حال قبول الفلسطينيين عرضه"استئناف عملية السلام"المتوقفة منذ اندلاع الانتفاضة في أيلول سبتمبر 2000. وسبق تصريحات أولمرت ذات اللهجة التصالحية التي غابت عن الخطاب السياسي الإسرائيلي منذ سنوات، تطور لافت تمثل في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الذي شاركت فيه حركة"حماس". ويرى مراقبون في هذا الاتفاق بداية لعملية سياسية ربما تكون واعدة، مستندين في ذلك إلى التغيرات التي طرأت في الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. ففي الجانب الإسرائيلي، يواجه أولمرت امتحاناً قاسياً لمستقبله السياسي ومستقبل حزبه"كاديما"، خصوصاً مع رفض الإسرائيليين مشروعه لفرض حل أحادي الجانب على الفلسطينيين، بعدما أظهر الانسحاب من غزة والحرب على لبنان"هشاشة الجبهة الداخلية". أما في الجانب الفلسطيني، فتقدمت حركة"حماس"بضع خطوات إلى الامام من أجل حماية وجودها في الحكم، وفي مقدمها إقرار الهدنة وقبول تشكيل حكومة ترأسها شخصية من خارج الصفوف القيادية في الحركة، إضافة إلى إعلان رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل مطلع هذا الاسبوع في القاهرة عقب الاتفاق على الهدنة مع إسرائيل، أن سقف"حماس"السياسي يتمثل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة في حدود العام 1967. ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة"بير زيت"علي الجرباوي أن هذا الإعلان"يعني أن ثمة أرضية للقاء مع برنامج اولمرت الذي يتحدث اليوم عن دولة فلسطينية في هذه المنطقة مع تعديلات حدودية". وقال:"لقد أثبتت حماس أن هدفها لا يختلف عن هدف حركة فتح ومنظمة التحرير، وهذا مدخل مهم لقبولها". وأشار إلى وجود فرص لقبول الاميركيين والإسرائيليين الحركة شريكاً مباشراً أو غير مباشر، خصوصاً بعد توقفها عن العمليات الانتحارية، وظهورها كأكثر المنظمات الفلسطينية التزاماً بالهدنة.