يصل اليوم المبعوث الجديد للأمم المتحدة إلى السودان الموريتاني أحمدون بن عبدالله، فيما تبدأ غداً في أسمرا المفاوضات التي ترعاها اريتريا بين الخرطوم ومتمردي "جبهة الخلاص الوطني" الرافضين لاتفاق أبوجا للسلام. وفي حين ساد التوتر المدن الرئيسية في ولايات دارفور الثلاث، رحبت الحكومة السودانية بطلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية المكلف ملف جرائم الحرب في الإقليم لويس مورينو اوكامبو زيارة البلاد في شباط فبراير المقبل. وأبلغ الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان الرئيس عمر البشير اعتزامه تعيين بن عبدالله مبعوثاً إلى السودان، خلفاً ليان برونك الذي طردته الخرطوم بعد كشفه هزيمة الجيش في معارك مع متمردي دارفور. وحدد أنان في اتصال هاتفي مع البشير مساء أول من أمس مهمة المبعوث الجديد بمناقشة الحكومة في تنفيذ حزم الدعم اللوجستي المتفق عليها بين المنظمة الدولية والاتحاد الأفريقي، لتعزيز القوة الافريقية المنتشرة في الإقليم. وأثنى البشير على اهتمام أنان بالسودان وحرصه على الوصول إلى حل شامل لمشكلة دارفور عبر الحوار والدعم والمساندة. وقالت مصادر رسمية ل"الحياة"أمس إن المبعوث الأممي سيصل الخرطوم اليوم، وسيدرس مع البشير غداً المرحلة الثانية من الدعم اللوجستي الدولي للقوة الأفريقية التي يبدأ تنفيذها مطلع العام الجديد وينتشر بموجبها نحو 1300 خبير عسكري وشرطي وفني، إضافة إلى معدات. وأرجأت الخرطوم الاجتماع الثلاثي مع الاتحاد الافريقي والأممالمتحدة الذي كان مقرراً أمس إلى وقت يحدده بن عبدالله لتحديد هوية الخبراء المقرر نشرهم نهاية الأسبوع في إطار المرحلة الأولى من الدعم. وفي تطور مفاجئ، أعلن مستشار الرئيس الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل تلقيه اتصالاً من السفير الاريترى في الخرطوم عيسى أحمد عيسى يخطره بأن المحادثات بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة الرافضة لاتفاق أبوجا للسلام في دارفور ستبدأ غداً الأربعاء في أسمرا. وأشار إلى أن الاريتريين أكدوا أن كل الحركات وافقت على المشاركة في المفاوضات. غير أنه شكك في جدية رئيس"حركة تحرير السودان"عبدالواحد محمد نور، وتوقع تراجعه في أي لحظة. وجاءت هذه التطورات في وقت اشتعل التوتر في المدن الرئيسية في ولايات دارفور الثلاث. وعاش المواطنون في مدينة الجنينة المتاخمة للحدود التشادية غرب الاقليم ثلاثة أيام من الرعب بسبب إطلاق عناصر استخبارات الحدود التابعة للجيش التي اتهمت اخيرا بتفجير العنف في الفاشر، نيران أسلحتها بكثافة في الهواء في المدينة. وشهدت أمس الجنينة يوما من التوتر والترقب بعد إقالة حاكم ولاية غرب دارفور جعفر عبدالحكم نائبه محمد يوسف التليب. وسمع المواطنون إطلاق نار متقطع في الهواء منذ الصباح، ولم يُنصب سوق المدينة، وأغلقت غالبية المدارس أبوابها خشية اندلاع اعمال عنف. ولزم موظفو المنظمات الإغاثية والإنسانية منازلهم، كما أكد شهود أن قوة الاتحاد الافريقي لم تتجول في المدينة كما جرت العادة. وأكد ناطق باسم الاممالمتحدة استمرار التوتر في الجنينة نتيجة ازدياد نشاط الميليشيات العربية والمعارضة التشادية حول المدينة، ووصف الأوضاع الأمنية فى المنطقة بأنها"خطيرة". وفي الفاشر، كبرى مدن دارفور عاصمة ولاية الشمال، ارتفعت وتيرة خطف سيارات القوة الافريقية والمنظمات الانسانية من المدينة. وأكدت وكالة الانباء السودانية الرسمية خطف سيارة إسعاف تابعة لوزارة الصحة، بعدما أطلق مجهولون النار على سائقها، بعد أقل من أربع وعشرين ساعة من خطف سيارة تابعة للبعثة الأفريقية وإصابة سائقها بجروح خطيرة. وقال الناطق باسم الأممالمتحدة في ولاية جنوب دارفور جورج صمانويل ان الميليشيات العربية هاجمت المناطق الواقعة جنوب منطقة مهاجرية، واقامت معسكراً فى قرية أبو حديدة التي تقع على بعد نحو 24 كيلومترا جنوب المنطقة. إلى ذلك، وافق النائب الأول للرئيس رئيس حكومة إقليم جنوب السودان الفريق سلفاكير ميارديت على اقتراح كبير مساعدي الرئيس رئيس السلطة الانتقالية في دارفور مني أركو مناوي بنشر قوة مشتركة بين الحكومة و"الجيش الشعبي لتحرير السودان"و"حركة تحرير السودان"والاتحاد الافريقي لحماية المدنيين وتحسين الأوضاع الأمنية والإنسانية في دارفور. وقال مناوي أمس إن المحادثات التي أجراها مع سلفاكير في جوبا أخيراً"كانت مثمرة وناجحة"، مشيراً إلى أنها"خرجت بقرارات مهمة"لتحسين الأوضاع في دارفور والعلاقات السودانية - التشادية وإلحاق رافضي أبوجا بالاتفاق. وأضاف أنه اتفق مع سلفاكير على"تكوين آلية مشتركة لتبادل دعم المواقف في القضايا المتعلقة بتنفيذ اتفاقات السلام فى جنوب البلاد وغربها وشرقها، إضافة إلى توحيد الخطاب السياسي والإعلامي حول قضايا الحريات وحقوق الانسان والتحول الديموقراطي". وكشف أنه سيقوم قريباً بجولة تشمل مصر وليبيا واريتريا لحشد الدعم والتأييد لاتفاق سلام دارفور، كما أعلن مبادرة قال إنه اجرى مشاورات حولها مع الخرطوم ونجامينا لتحسين العلاقات المتوترة بينهما. من جهة أخرى، كشف وزير العدل محمد علي المرضي تلقي حكومته طلباً من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لزيارة السودان في شباط فبراير المقبل. وأكد في مقابلة مع التلفزيون الرسمي عدم اعتراض حكومته على الزيارة، نافياً تلقي أي طلب لتسليم شخصيات للتحقيق معها أو محاكمتها عن جرائم الحرب في دارفور. وشدد على أن زيارة أوكامبو لن تؤثر في موقف الحكومة الرافض لتسليم أي متهم للمحاكمة خارج البلاد، باعتبار أن السودان لم يوقع ميثاق إنشاء المحكمة الجنائية الدولية.