استقال حاكم ولاية شمال دارفور عثمان يوسف كبر وحكومته بعد تصاعد المواجهات والاضطرابات في الفاشر كبرى مدن الإقليم، فيما قتل نحو 30 شخصاً وجرح آخرون في هجوم استهدف قافلة إغاثية قرب الجنينة غرب دارفور، كما شهدت نيالا في جنوبه تظاهرات للنازحين احتجاجاً على مقتل أحدهم فى اشتباكات مع الشرطة. وحاصرت أمس قوات"حركة تحرير السودان"الفاشر، ما دفع الرئاسة السودانية إلى إيفاد مساعد الرئيس ووزيرى الدفاع والداخلية إلى المدينة لاحتواء العنف. وقالت مصادر رسمية إن حاكم ولاية شمال دارفور عثمان يوسف كبر قدم استقالة حكومته احتجاجاً على تدهور الأوضاع الامنية فى الفاشر، وفشل السلطات المحلية في فرض الأمن والنظام، واستمرار المواجهات المسلحة في وسط المدينة، ما أدى إلى مقتل سبعة أشخاص خلال أسبوع. ووصل الفاشر أمس وفد حكومي رفيع المستوى برئاسة مساعد الرئيس السوداني الدكتور نافع علي نافع ووزير الدفاع الفريق عبدالرحيم محمد حسين ووزير الداخلية الزبير بشير طه ومدير الشرطة الفريق محجوب حسن سعد ومسؤول العمليات في الجيش الفريق عصمت عثمان زين العابدين، في محاولة لاحتواء التوتر بعد أعمال العنف التي تجددت السبت. وقالت مصادر شبه رسمية ل"الحياة"إن المسؤولين يحاولون إثناء حاكم الولاية وأعضاء حكومته عن الاستقالة. وأضافت أن كبر"يرى أن حرس الحدود يتلقون أوامرهم العسكرية من الخرطوم، الأمر الذي لم يمكنه من السيطرة على الاوضاع، وأنه لا يتحمل مسؤولية ما يجري". واعتبر مناوي استقالة حكومة شمال دارفور"دليلاً على أن الوضع الأمني غير مستتب". وقال في تصريح نقلته وكالة الانباء السودانية الرسمية بعد محادثات مع المبعوث الرئاسي الأميركي إلى السودان أندرو ناتسيوس أمس إن الأوضاع في الفاشر غير مستقرة. وأشار إلى أنه أطلع ناتسيوس على"مجمل الأوضاع الأمنية والإنسانية في دارفور". وأضاف أنه طرح رؤيته للمبعوث الأميركي في ما يختص بتنفيذ الاتفاق، كما استمع أيضاً إلى رؤية واشنطن للأوضاع في دارفور. وأجرى ناتسيوس محادثات مع وزير الخارجية السوداني لام أكول ركزت على نشر قوات مشتركة من الاتحاد الافريقى والامم المتحدة في دارفور. وقال الناطق باسم الخارجية السفير علي الصادق إن المبعوث الأميركي لم يطرح مبادرة لحل المشكلة في الإقليم كما وعد في زيارته الأولى في تشرين الاول اكتوبر الماضي. واعتبر أن ناتسيوس"جاء بمعلومات مغلوطة حول ما دار في قمة الاتحاد الافريقي في أبوجا أخيراً". وأفادت معلومات أن قوة كبيرة من"حركة تحرير السودان"التي يتزعمها كبير مساعدى الرئيس مني أركو مناوي حاصرت الفاشر عصر أمس للمطالبة بإخراج ميليشيا"الجنجاويد"من المدينة، أو السماح للحركة بإخراجها بالقوة. واتهمت الحكومة بتسليح"الجنجاويد"واستخدامهم ضد المدنيين. وكانت الشرطة فرقت ليل السبت تظاهرات احتجاجية باستخدام قنابل الغاز والهراوات قبل أن تخلو طرقات المدينة بعد فرض حظر تجول. وفي موازاة ذلك، قتل نحو 30 شخصاً وجرح 10 آخرين. في هجوم نفذه مسلحون يمتطون جياداً استهدف قافلة تحمل مواد إغاثية وأدوية قرب قرية سربا غرب دارفور. وأكد حاكم الولاية بالوكالة محمد يوسف التليب وقوع الهجوم. وقال للصحافيين إن الشاحنة تعرضت إلى إطلاق نار من مجهولين فى منطقة سربا شمال مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور المتاخمة للحدود التشادية. وأضاف أن حكومته نشرت الشرطة في المنطقة. ورفض اتهام أي جهة بارتكاب الحادث. لكنه أكد استمرار التحقيق لتحديد الجناة. وقالت بعثة الاتحاد الافريقي في الخرطوم إنها أرسلت محققين إلى سربا، وأن سكاناً من القرية حاولوا منع فريق التحقيق من الرحيل بعد احتجاز بعض أفراده لفترة وجيزة في مركز شرطة المدينة. وفي عودة إلى التطورات في الفاشر، أكدت الناطقة باسم الأممالمتحدة في السودان راضية عاشوري ل"الحياة"أن قرار المنظمة سحب موظفيها من الفاشر كان"لاعتبارات جدية". وأضافت:"على رغم محدودية أحداث العنف التي وقعت أول من أمس، فإنها كفيلة بخلق توتر كبير فى المدينة". وأشارت إلى أنها تتابع الموقف"عن كثب لمعرفة المتورطين". وسقط قتيلان في أعمال العنف التي شهدتها سوق الفاشر أول من أمس على ايدي عنصرين من حرس الحدود التابع للجيش. وقال شهود إن مشادة كلامية نشبت بين اثنين من حرس الحدود وخياط انتهت بمقتل الأخير على أيدي الجنديين. وأطلقت مجموعة كبيرة من قوات حرس الحدود النار في الهواء لحماية منسوبيها. وحمل ذوو القتيل جثمانه إلى المستشفى، ما أثار مشاعر أهالي المدينة الذين خرجوا يهتفون ضد تدهور الأوضاع الأمنية في الفاشر، فتدخلت السلطات الأمنية لتفريق المتظاهرين. وقال مكتب الناطق باسم الجيش إن"فردين يتبعان حرس الحدود أرديا أحد تجار سوق الفاشر قتيلاً، في اعقاب مشاجرة بين الطرفين، ما أدى إلى إغلاق السوق وأشعل تظاهرات ضد المعتدين". وأكد ان"الحادث لا يعدو أن يكون تصرفاً فردياً". لكن رئيس"حركة تحرير السودان"في شمال دارفور الدكتور إسماعيل حسين قال إن الجنديين لا يمثلان إلا"الجنجاويد"الذين أدمجتهم الحكومة في الجيش. وفي جنوب دارفور، تظاهر مئات النازحين قرب مخيمي كلمة وعطاش القريبين من نيالا ثاني أكبر مدن الاقليم، احتجاجاً على مقتل أحد النازحين في اشتباك مع الشرطة. وردد المتظاهرون شعارات مناهضة للحكومة، لكن الشرطة استخدمت قنابل الغاز والهراوات واطلقت النار في الهواء لتفريقهم. إلى ذلك، أعلن أمس نائب رئيس هيئة أركان قوات"حركة تحرير السودان"صلاح جوك الذي يمثل الحركة في لجنة الترتيبات الأمنية لاتفاق السلام، انسحابه من اتفاق أبوجا وانضمامه إلى"جبهة الخلاص الوطني"، بسبب الفوضى في الفاشر. واتهم الحكومة بدعم ميليشيا"الجنجاويد".