استضافت بيروت امس، الاجتماع الاستثنائي للاشتراكية الدولية المخصص لدعم الحزب التقدمي الاشتراكي وقوى 14 آذار والحكومة اللبنانية، وشكل الاجتماع تظاهرة سياسية حاشدة حضرها رئيس الجمهورية السابق امين الجميل، ورئيس كتلة"المستقبل"النيابية سعد الحريري، ورئيس"اللقاء الديموقراطي"النيابي وليد جنبلاط، الى جانب رئيس الاشتراكية الدولية جورج باباندريو وممثلين عن الاحزاب الاشتراكية في فلسطين، تركيا، السويد، النروج، ايطاليا، اسبانيا واليونان. كما حضر الاجتماع الذي عقد في فندق"بريستول"نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، الوزيران مروان حمادة ونايلة معوض، والنواب: غسان تويني، الياس عطا الله، بطرس حرب، صولانج الجميل، وائل ابو فاعور، مصباح الاحدب وسمير فرنجية، والنواب السابقون: نسيب لحود، غطاس خوري وفارس سعيد، عميد الكتلة الوطنية كارلوس اده، عضو الهيئة التنفيذية في"القوات اللبنانية"ادي ابي اللمع. وقدم الامين العام للاشتراكية الدولية لويس أيالا التعازي للجميل باستشهاد نجله الوزير بيار الجميل، ثم وقف الحضور دقيقة صمت عن روحه وارواح شهداء لبنان. وقال:"لبنان كان موضوع اهتمام الاشتراكية الدولية خلال السنوات القليلة الماضية"، مؤكداً"دعمه الشعب اللبناني والقوى السياسية التي تسعى الى التقدم بالبلد"، ومشيراً الى"اهمية السعي الدائم لدعم الخيارات الديموقراطية في لبنان". ودعا الى"مواصلة الحوار بين اللبنانيين". واكد"تأييد الاشتراكية الدولية لتحقيق العدالة خصوصاً ان الاممالمتحدة تعمل على تطبيق العدالة في لبنان"، مشيراً الى"ضرورة تطبيق القرار 1701". الجميل واعتبر الرئيس الجميل ان"عقد الاشتراكية الدولية مؤتمرها في لبنان، رسالة قوية وبصيص نور في سمائنا الملبدة"، وقال:"في هذه المرحلة الحرجة من تاريخه يشهد لبنان بالدم، بدم شهدائه في سبيل قيمه وأسسه التي ندافع عنها". واعتبر"ان الاشتراكية الدولية وحزب الكتائب والحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان وكل قوى 14 آذار، تدافع كلها عن القيم والمبادئ نفسها، الحرية والديموقراطية وكرامة الانسان والتقدم الثقافي والاقتصادي والاجتماعي. كلها قيم ندافع عنها يومياً ومستعدون للتضحية بالغالي في سبيلها ولا نتخلى عنها بأي ثمن". واضاف:"سطر اللبنانيون بدمائهم تاريخ لبنان المرتكز على الديموقراطية والسيادة والحرية، وحول هذه الطاولة شهداء احياء موجودون اليوم للتأكيد على تصميمنا على مواصلة التزام هذه القيم والمبادئ"، مؤكداً"ان حقوق الانسان والحرية ليست مجرد شعار او كلام بل حلم نعيشه بوعينا وإصرارنا". جنبلاط ورحب جنبلاط بالاجتماع الدولي باسم "ثورة الارز، ثورة 14 آذار السلمية في لبنان التي دعمتموها وشاركتم فيها من اجل لبنان حر مستقل ديموقراطي فريد في تنوعه وفي صيغة التعايش في هذه المنطقة المضطربة من الشرق الاوسط". وشكر الاشتراكية الدولية"على مساعدتكم في اخراج لبنان من الوصاية السورية كي لا اقول الاحتلال". وقال:"بدعمكم للبنان الحر، غادروا بعد ان مهدت الطريق لذلك دماء الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه. ماذا عساي اقول لكم اكثر؟ الجنوب اللبناني تحرر بالكامل سنة 2000، في العام 2006، كان في استطاعتنا تفادي الاعتداء الاسرائيلي الذي ادى الى قتل المئات من المدنيين وخسائر اقتصادية فادحة، لولا سوء تقدير الحسابات من قبل"حزب الله"، او العمل المقصود من قبلهم لتفادي المسائل الضاغطة التي تم بحثها في"مؤتمر الحوار"قبل الحرب ومن بينها القضية الاساسية وهي المحكمة الدولية. وأضاف:"بيار الجميل يبدو انه لن يكون الاخير. هذه هي القضية الاساسية، فإما ان ننجح في تثبيت المحكمة او نفشل، فننحدر عميقاً الى القعر، الى عالم القتلة والمجرمين، يا لها من مفارقة انه في القرن الحادي والعشرين يحاصر لبنان البلد الوحيد في الشرق الاوسط المؤهل للانضمام الى العالم الحر، من قبل قوى الظلام والكراهية، فهم يكرهون حتى مدينتهم بيروت، قوى تنتمي الى ثقافة الموت، هم يسمونها شهادة، انا اسميها ثقافة القتل. يا لها من مفارقة انه في القرن الحادي والعشرين والى الشرق الاوسط يجر لبنان الى القرن الحادي عشر، القرن الذي عاش فيه حسن الصباح في فارس، والى مملكة القتلة في الموت. للأسف، التاريخ يعيد نفسه. القتلة هم الذين ينكرون المحرقة، القتلة هم الذين يعترفون بامتلاك الترسانة النووية بزلة لسان ثم ينكرونها في محاولة لتبرير اهداف القتلة الاخرين لامتلاك قنبلتهم. القتلة هم الذين يحاولون اشعال الحرب الاهلية في فلسطين لتأخير الحل النهائي بقيام دولتين. القتلة هم الذين يريدون منا تأخير ارسال نظام المحكمة التي تم التوافق عليها في مجلس الامن وينتظر التصديق من المجلس النيابي اللبناني الذي انتخب ومنح الثقة للحكومة اللبنانية الشرعية والمحاصرة". وأضاف:"وافقنا مع عمرو موسى على تشكيل لجنة لقراءة مشتركة لنظام المحكمة، ولكن لن نقبل بأي شكل من الاشكال تغيير نظام المحكمة لارضاء قوى الظلام، سورية وحلفائها في لبنان، والعودة مجدداً الى موافقة اخرى من مجلس الامن مع كل تعقيداتها وصعوباتها". الحريري وشدد النائب سعد الحريري على"الغالبية النيابية التي حققها لبنان في أول انتخابات حرة يشهدها البلد خلال أكثر من 30 سنة". وقال:"إن وجودكم هنا هو أيضاً فعل تضامن مع الحكومة التي انتخبت ديموقراطياً بتصويت عارم للثقة فيها في المجلس النيابي الذي يمثل بحسب دستورنا التعبير الأعلى عن إرادة الشعب. وإن حركة 14 آذار، التي يجتمع معظم قياداتها معكم هنا اليوم، هي تحالف متنوع لكل القوى السياسية التي تبنت جماهيرها قيم الحرية والاستقلال والسيادة في لبنان. وهي نشأت، وسميت، على اسم ذاك اليوم التاريخي، 14 آذار مارس 2005، بعد شهر تماماً على اغتيال والدي الرئيس الشهيد رفيق الحريري، عندما تظاهر الشعب اللبناني في ساحة الحرية، مطالباً بانسحاب القوات السورية وتفكيك النظام الأمني وإقامة المحكمة الدولية لمحاكمة القتلة". ورأى ان"ليس من قبيل الصدفة الهجوم الحالي من جانب سورية وإيران وأتباعهما المحليين في لبنان على الحكومة المنتخبة ديموقراطياً وعلى حركة 14 آذار الاستقلالية، هو هجوم يهدف تحديداً لإجهاض قيام هذه المحكمة الدولية. وبالفعل، فإن إرادة الشعب اللبناني تم تحويرها وإفسادها خلال السنوات الثلاثين الأخيرة، ليس فقط بواسطة الوجود العسكري المباشر لسورية وأتباع إيران، ولكن أيضاً وبشكل أهم، بفعل الاغتيالات السياسية المستمرة، الهادفة لإخضاع إرادة اللبنانيين الحرة للابتزاز والترهيب على يد قوى إقليمية". واشار الى ان"هذه الاغتيالات استهدفت رجال الدولة والدين والقلم وقادة الرأي، طوال السنوات الثلاثين الأخيرة. ويجمع بين كل ضحاياها شيء واحد: كانوا جميعاً معارضين للوصاية السورية، وعملوا من أجل وحدة كل اللبنانيين للوصول إلى دولة حرة ديموقراطية ومستقلة. ويجمع بين كل الجرائم شيء واحد: غياب المحاسبة. كان المجرمون يقتلون قادة لبنان بوحشية ثم يتجولون بحرية ليتمتعوا بالثمار السياسية والمادية والإجرامية لأعمالهم الشريرة، وما من سؤال يُسأل. إن المحكمة الدولية التي تنشأ اليوم تحت عيونهم، بقرار من مجلس الأمن الدولي، هي التعبير الأول لإرادة المجتمع العربي والدولي لإخضاع مرتكبي هذه الجرائم السياسية الإجرامية إلى شكل من أشكال العدالة. قد يبدو الأمر عادياً في معظم البلدان التي تمثلونها. لكنه يشكل شرطاً حيوياً وأساسياً لا بد منه كي يكون للديموقراطية ولبقائها على قيد الحياة أي أمل في لبنان وفي هذه المنطقة من العالم. لأنه إذا تمكنت ديكتاتورية وحشية أن تقتل في وضح النهار شخصية نهضوية ديموقراطية تاريخية في لبنان، ثم أن تصفي قادة الحركة الاستقلالية الديموقراطية فيه، بمن فيهم خمسة نواب منتخبين بإرادة الشعب الحرة، ثم أن تحاول إطاحة حكومة لبنان". وقال الحريري:"في وقت تجدون بيننا هنا، مجموعة حزينة من آباء الشهداء وأبنائهم وإخوانهم وأخواتهم وأراملهم، إنه لأمر بالغ الأهمية أن تفهموا، وأن تفهم شعوبكم بواسطتكم، أن الأمر لا يتعلق بالثأر الشخصي. بل يتعلق بالعدالة والديموقراطية وبمثل الحرية وحقوق الإنسان والاعتدال والحداثة التي تجمع بين تياراتنا، من السواحل الشرقية للبحر المتوسط، حيث ولدت الديموقراطية، إلى أبعد سواحل المعمورة، حيث ازدهرت. وهذه ليست المثل الوحيدة التي تجمع حركة 14 آذار بكم. نحن متمسكون وملتزمون بالدفاع عن دولة الرعاية الحديثة والشفافية وحسن الإدارة والإصلاح الاقتصادي والقضاء المستقل والشرعية الدولية عبر التطبيق الكامل لكل مقررات الأممالمتحدة وعن عالم يتحرر من الإرهاب. لكننا نعلم أن مكافحة الإرهاب تبدأ بمعالجة أسبابه العميقة والأرضية التي يتغذى منها. في بعض المجتمعات، هذه الأسباب اقتصادية واجتماعية. وفي منطقتنا من العالم، إن هذه الأسباب ترتبط مباشرة بالظلم التاريخي الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني. ونحن مؤمنون بأن السبيل الفاعل الوحيد لمعالجة هذه المشكلة هي عبر التطبيق الكامل لمبادرة السلام العربية التي أطلقت في قمة بيروت في العام 2002. إذا كان هناك شيء واحد أتمنى أن تعودوا به إلى أوطانكم من بيروت، فهو الفهم الواضح والواعي أن هذا المكان يختصر ما يمكن للعالم أن يكون عليه، بحسب نتيجة الهزة التي تشهدها منطقتنا اليوم. لبنان هو مكان لقاء الحضارات والديانات والأفكار والأحلام والطموحات". باباندريو واعرب باباندريو عن"تضامنه مع اللبنانيين"، مبدياً"اهتمام مجتمع الاشتراكية الدولية بما يحصل في لبنان". وقال:"جئنا نقدم التعازي ونتعاطف مع اهالي الضحايا وشهداء الاغتيالات"، شاجباً"جريمة اغتيال الوزير الجميل وكل اعمال العنف بدءاً من مجزرة قانا الى قافلة الشهداء السياسيين". وابدى"تعاطفه مع كل السياسيين اللبنانيين الذين لا يخشون من التعبير عن مواقفهم السياسية الخاصة على رغم انهم يعلمون ان حياتهم في خطر"، مؤكداً"دعم لبنان وشعبه وكل من يحارب من اجل الديموقراطية والحرية"، ومشيراً الى"ان ما حصلت عليه قوى 14 اذار من خلال انتخابات حرة ونزيهة لا يمكن انتزاعه منها". واكد دعمه لتطبيق القرار 1701، داعياً اسرائيل الى احترامه بعدم اختراق الاجواء اللبنانية، مشدداً على ضرورة دعم قيام المحكمة الدولية وعدم التدخل في الشؤون اللبنانية من اي طرف خارجي، ومبدياً دعمه لمبادرة الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى. ولفت الى"ضرورة وجود حل عادل لفلسطين لتعيش بسلام مع جارتها اسرائيل". وزار وفد الاشتراكية الدولية مساء رئيس المجلس النيابي نبيه بري والرئيس فؤاد السنيورة.