"يا رب ولد" وپ"يا رب بنت"، دعاء ينبع من قلوب الأمهات والآباء. وبات معروفاً لدى كثيرين أن الأمل في إنجاب بنت أو ولد لم يعد مرتبطاً بعبارة "سيكون في يوم من الأيام". ولو أجاز الشرع والقانون في كل دول العالم، عمليات تحديد الجنس قبل الحمل، فلن يحتاج الأزواج إلى إنجاب "درزن" من البنات ليصلوا إلى الولد، أو "درزن" من الأولاد ليصلوا إلى البنت. ليس جديداً أن في إمكان الأسر اختيار جنس الوليد، في حال وجود أمراض وراثية تؤثر في جنس دون آخر. ولم تكن السعودية في كوكب آخر ليصل إليها"الاختراع". وبغض النظر عن محدوديته والفتوى التي تجيز التوسّل به ضمن ضوابط، فهو ممكن وبمبلغ لا يتجاوز ال 25 ألف ريال. اليوم، تجاوز الأمر - تحديد جنس المولود في حال وجود الأمراض، ووصل إلى القطاع الخاص، وبات وسيلة متاحة لكل زوج وزوجة لم يرزقا مواليد من أحد الجنسين. فيتجاوزان الفتوى متذرعين بحاجتهما إلى ما يوفره لهم العلم. وكل ما يحتاجان إليه مركز طبي يوافق على إجراء العملية. ولو اضطرا إلى السفر خارج السعودية. اختصاصي أمراض العقم والولادة الدكتور أحمد مهيب، يقول:"بسبب الأمراض الوراثية التي تصيب جنساً ولا تصيب آخر، سُمح، حديثاً، بتداول مثل هذه الطرق - تحديد الجنس - في السعودية، إذ إن عمليات كهذه تستدعي بلا شك موافقة أو فتوى شرعية. ولا تزال هذه العمليات تُجرى في السعودية ضمن هذا الإطار - سواء وُجدت تجاوزات أم لم توجد، إذ لم يسمح في شكل رسمي إلى الآن بإجراء هذه العمليات مطلقاً من دون سبب طبي. لكن ذلك لا يحول دون إجرائها في بلدان أخرى وبتكاليف تتراوح بين 2800 و4 آلاف دولار". وبالنسبة إلى طريقة تحديد الجنس يقول:"يعالج علماء الأجنة اليوم السائل المنوي من خلال فصل الحيوانات المنوية المذكرة عن تلك المؤنثة، إلا أن الخليط الذي يُفصل يحتوي في حال كان الطلب على ذكر على 80 في المئة من الحيوانات المنوية المذكرة و20 في المئة من تلك المؤنثة، والعكس صحيح في حال كان الطلب على أنثى. وتُستخدم الحيوانات المنوية بعد فصلها لتلقيح الزوجة اصطناعياً أو مجهرياً كما يحصل في تلقيح"طفل الأنبوب"إن - فيترو. وتُحقن الحيوانات المنوية المذكرة أو المؤنثة داخل الرحم أثناء مرحلة"الإباضة"تحديداً، لتكون نسبة حدوث الحمل 25 في المئة، أما نسبة أن يكون الجنين من الجنس المرغوب فيه فهي 80 في المئة. والطريقة الأكثر نجاحاً، هي ب"ارتشاف"البويضات خارج جسم المرأة من طريق المهبل ومن دون عملية. فتلقح البويضات بالحيوانات المنوية بعد فصلها وتكون نسبة الحمل 50 في المئة، واحتمال أن يأتي الجنين من الجنس المرغوب فيه يرتفع إلى 99 في المئة. ثم تعاد البويضات المطلوبة فقط إلى الرحم". معظم الحالات التي واجهها الدكتور أحمد مهيب تطلب مولوداً ذكراً، ويعلق:"في هذه الحال نرفض إجراء العملية لمجرد أنهم يفضلون الذكر على الأنثى أو العكس"، لكنه يؤكد أن أحداً لا يمكنه منع مراكز كثيرة، داخل البلاد وخارجها، من إجراء هذا النوع من العمليات،"إذ يبقى الخوف من استغلال القطاع الخاص هذا الاكتشاف طمعاً في جني الأموال". ويقول:"معارضو تحديد جنس الجنين يرون أن له انعكاسات خطيرة على المجتمع، ويعتبرونه يسمح بإنجاب أطفال بحسب الطلب، ويغدو الأمر أشبه بالتجارة. ويرتكز هؤلاء إلى أن معظم عمليات تحديد الجنس أنجبت أولاداً، بل إنهم يتوقعون أن الطلب على الذكور سيزيد، في مجتمعات تفضل الذكر على الأنثى". ويستند مهيب وأطباء وخبراء تحديد الجنس في الدول الإسلامية، إلى الحكم الشرعي لمجلس المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي:"إذا كان الغرض الحصول على مولود ذكر كراهية في الأنثى، أو لمعرفة جنس اللقيحة ثم إجهاضها، فهذا غير مسموح به. أما إذا كان الغرض تحديد جنس اللقيحة باكراً للحصول على جنس معين في حال وجود مرض وراثي في العائلة، خصوصاً تلك التي تنتقل عبر الكروموسومات الجنسية، فهذا ممكن، ويُستحسن عدم اللجوء إلى هذه الطرق إلا على نطاق ضيق جداً".