سنة مضت أمس على اغتيال الزميل الشهيد والصديق العزيز جبران تويني، والاغتيالات مستمرة في لبنان والقاضي الدولي سيرج براميرتز لم يكشف بعد عن الحقيقة. في 8 كانون الأول ديسمبر من السنة الماضية كان الزميل الشهيد جبران يتحدث إلى رئيس الحكومة الفرنسي دومينيك دوفيلبان في قصر ماتينيون على هامش حفل تقليد الاستاذ غسان تويني وسام جوقة الشرف الفرنسية. وكان جبران يشرح لدوفيلبان، بعنفوانه ومشاعره القوية، الوضع اللبناني ويدافع بقوة عن ضرورة محاكمة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري والنائب باسل فيلحان ورفاقهما والزميل سمير قصير. وشدد جبران عندها على أهمية الكشف عن الحقيقة من أجل لبنان وسيادته وردع القتلة الذين يعبثون فيه. فتحدث ودافع عن المحكمة الدولية، قبل أربعة ايام من اغتياله من قبل الأيدي الجبانة التي ضاقت بقلمه وبكلمته وصراحته، خصوصاً أن جبران لم يكن يخاف الموت، بل كان دائماً مجازفاً ومحباً للتحدي. فبعيد حادث السير الذي أودى بحياة شقيقه الشاب مكرم في باريس، خلال فترة أعياد الميلاد سنة 1987، كان جبران يتحدى من يقول له إن عليه الانتباه الى حياته، على الأقل من أجل والده الذي لم يبق له سواه بعد فقدان نايلة ومكرم ووالدته ناديا. وكان جبران يرد دائماً"ماشي الحال"، لكنه كان شديد الايمان لا يخاف الموت. واليوم والقتلة المجرمون مرتاحون أينما كانوا بعد اغتيالهم أقلام الحرية والكرامة والسيادة، أقلام سمير قصير وجبران تويني، لا يمكن للبنان أن يتنازل عن محكمة دولية وشبابه مستهدفون بالاغتيالات بعد رئيس وزرائه. فجبران وسمير ومي شدياق ومروان حمادة لم يحملوا سلاحاً إلا سلاح القلم والكلمة، والرئيس الحريري قُتل لأنه أراد تحرير بلده واستعادة سيادته وكرامته. فدمه حرر لبنان من الوجود العسكري السوري، وكلمة جبران وقلمه وايضاً كلمة سمير وقلمه قتلتهما من أجل الكرامة والسيادة. فكثيراً ما كان جبران يستخدم هذه العبارات، كرامة وسيادة وحرية، وهو اغتيل دفاعاً عنها. والاغتيالات لم تتوقف، وهي ماضية في استهداف شباب لبنان الواعد، وكان آخرهم الوزير بيار أمين الجميل وهو في سن الرابعة والثلاثين، وكان أيضاً شاباً شجاعاً ومعروفاً بمداخلاته في مجلس الوزراء وعنفوانه في الدفاع عن السيادة والحرية والمحكمة الدولية. فالمحكمة الدولية مطلب شرعي وضروري للبنان ولأبنائه ولا يمكن المساومة عليه. فالمرجو أن يعود جميع الأفرقاء إلى طاولة الحوار، لأنه لا يمكن لأحد إلغاء الآخر، ولكن هناك قضايا لا بد للجميع من التسليم بضرورتها وهي محاكمة القتلة الذين اغتالوا قلم الصراحة والكرامة والسيادة.