وافق الاتحاد الأوروبي على انضمام جمهورية قبرص اليونانية اليه في كانون الثاني يناير 2005، على رغم معرفته ان الجيش التركي يحتل جزءاً من الأراضي القبرصية. وتسعى بعض الدول الأوروبية، اليوم، الى متابعة المفاوضات مع تركيا على عضويتها في الاتحاد الأوروبي. فكأن انتشار تركيا العسكري بقبرص هو أمر واقع أو مسألة ثانوية يصح تجاوزها. ويجب تفادي الانزلاق الى إجراءات أوروبية صارمة خلال مفاوضة الاتحاد الأوروبي تركيا على المسألة القبرصية. والحق ان الاتحاد الأوروبي طلب الى تركيا التزام بروتوكول أنقرة، وهو ينص على شمول الوحدة الجمركية الدول الأعضاء، قبل نهاية العام الجاري. وإذا التزمت تركيا هذا البروتوكول، اعترفت بسيادة حكومة قبرص اليونانية على شطري الجزيرة. ويخالف هذا الاعتراف الموقف التركي من"جمهورية شمال قبرص التركية"المستقلة. ولكن الحكومة التركية لم تلتزم بروتوكول أنقرة، ولم تخرج عما تخال أنه"مصالح استراتيجية حيوية". وجليّ أن تركيا لا تنتهج سياسة تخولها الانضمام الى الاتحاد الأوروبي، وحيازة عضوية كاملة فيه. وهي تقدم سياستها المحلية على سياسة الاتحاد الذي ترغب في الانتساب اليه. والحق أن مطالب الاتحاد الأوروبي السياسية متواضعة، ولا تتعدى اعتراف تركيا بدول الاتحاد كلها. وتثير تركيا حفيظة معظم الزعماء الأوروبيين. فهي تدير ظهرها الى اوروبا. وزار رجب طيب اردوغان، رئيس الوزراء التركي، طهران ودمشق، أخيراً، في رسالة واضحة الى دول الاتحاد الأوروبي. ولوح باستبدال بلاده الشراكة مع الاتحاد الأوروبي بشراكة استرتيجية مع ايران وسورية في حال تمسك الأوروبيون بشرط اعتراف تركيا بجمهورية قبرص اليونانية. وعلى الاوروبيين التخلي عن السياسة البراغماتية التقليدية، والحكومة الاسبانية من ابرز دعاتها. فهذه السياسة مسؤولة عن أزمة فقدان الثقة بالاتحاد الأوروبي. ولا شك في أن انضمام تركيا الى الاتحاد الأوروبي مسألة شائكة. ويجد كثر من الأوروبيين صعوبة في الترحيب في مثل هذه الخطوة. وعلى الاتحاد الاوروبي التأني في معالجة هذه المسألة. ولا شك، كذلك، في أن أهمية مستقبل الاتحاد الأوروبي تفوق أهمية مشكلة التفاوض مع تركيا. وعليه، على هذا الاتحاد التوصل الى حل يمكنه ضم تركيا اليه من دون إثارة استياء المواطنين الأوروبيين. وهؤلاء يرغبون في امتثال تركيا للقوانين الأوروبية، ويرفضون امتثال الاتحاد الأوروبي للقوانين التركية. عن افتتاحية "أ ب ث" الاسبانية، 8 / 12 / 2006