انفجرت في أوكرانيا أمس أزمة سياسية حادة أعادت إلى الأذهان وضع ما قبل اندلاع"الثورة البرتقالية"العام الماضي، وأسفر قرار البرلمان الأوكراني مساء أول من أمس إقالة الحكومة على خلفية"أزمة الغاز"مع روسيا عن دخول البلاد مرحلة حاسمة توقع مراقبون أن تتصاعد حدتها مع اقتراب موعد الانتخابات العامة المقررة في آذار مارس المقبل. وجاء قرار البرلمان الأوكراني مساء الثلثاء إقالة الحكومة ليشكل ضربة قوية للرئيس فيكتور يوتشينكو الذي كان يتهيأ لأول لقاء جمعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ اتفاق الجانبين على حل وسط لإنهاء أزمة الغاز. وأعلن البرلمان قراره بينما كان يوتشينكو في طريقه إلى كازاخستان لحضور مراسم تنصيب الرئيس الكازاخي نور سلطان نزاربايف لولاية رئاسية جديدة جرت أمس على هامشها المحادثات الروسية - الأوكرانية. وأثار توقيت إطاحة الحكومة غضباً متزايداً داخل الأوساط المقربة من يوتشينكو، خصوصاً أن نواب المعارضة ربطوا قرارهم بأزمة الغاز، ما دفع البعض إلى اعتبار الإجراء"مقصوداً بهدف إضعاف يوتشينكو خلال محادثاته مع بوتين". واعتبر يوتشينكو في اول تصريح له فور تبلغه بالخبر قرار البرلمان"غير دستوري"، وأكد عزمه اللجوء الى المحكمة الدستورية للفصل في شرعية إطاحة الحكومة قبل شهرين من موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة. واللافت ان يوتشينكو شن حملة عنيفة على النواب، إذ اعتبر في حديث مع الصحافيين ان القرار هدف إلى"زعزعة الأوضاع في البلاد"، وقال إن الهيئة الاشتراعية أظهرت"عدم مسؤوليتها وتجاهلت مصالح الشعب وتحولت إلى أداة في يد البعض للاستيلاء على السلطة". وتصاعدت أمس حدة السجال في أوكرانيا بعدما انقسمت القوى السياسية الأوكرانية إلى معسكرين متعارضين، أيد أحدهما إطاحة الحكومة، فيما اعتبر الآخر الإجراء"كارثة وطنية"، ما أعاد إلى الأذهان الأوضاع في أوكرانيا قبل تفجر الثورة البرتقالية التي أوصلت يوتشينكو إلى السلطة بداية العام الماضي. واللافت أن حكومة يوري يخانوروف المقالة أعلنت رفضها القرار البرلماني. وقال رئيسها في جلسة وزارية أمس انه سيواصل تنفيذ مهماته ولن يقبل بوضعية"القائم بأعمال رئاسة الحكومة". ودعت وزارة العدل الرئيس يوتشينكو إلى إجبار البرلمان على إعادة النظر في قراره، فيما سارت وزارة الداخلية نحو تصعيد اكبر عندما اعلن متحدث باسمها أن إقالة الحكومة في هذا التوقيت تشكل دليلاً على"تغلغل هياكل الجريمة المنظمة داخل الهيئة الاشتراعية". واعتبر سياسي اوكراني تحدثت معه"الحياة"ان قرار البرلمان اسفر عن اطلاق حملة الانتخابات البرلمانية مبكراً، متوقعاً أن تزداد سخونتها مع اقتراب الموعد المحدد لها، ووصف القرار بأنه عملية"سحب بساط من تحت أقدام يوتشينكو وإضعاف لسلطاته". وعلى رغم التطورات الساخنة في أوكرانيا، سعى يوتشينكو امس خلال لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الظهور بمظهر الرئيس المسيطر على الامور، وأكد عزم بلاده على الالتزام"حرفياً"بنص الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع موسكو وأنهى أزمة الغاز، وأضاف ان من المهم للطرفين الروسي والاوكراني ان"نعلن لأوروبا والعالم ان روسياوأوكرانيا هما شريكان موثوقان وملتزمان ضمان استقرار امدادات الغاز الى اوروبا". ووصف يوتشينكو اتفاق الغاز مع روسيا بأنه"حل وسط رائع للطرفين سياسياً واقتصادياً"، واعتبر ان قرار اطاحة الحكومة"محاولة اطراف سياسية معينة لتسييس ملف الغاز بعدما نجحت جهود كييف وموسكو في احتوائه".