يتجلّى ايمان الصين بمكانة أفريقيا في الوثيقة المشتركة التي تجهر ارادة الطرفين انتهاج استراتيجية قوامها المساواة والثقة والمصلحة المشتركة. ومن القرائن على قوة الشراكة الاقتصادية الجديدة تدريس مدارس زمبابوي الماندارين اللغة الصينية، وافتتاح"معهد كونفوشيوس"بنيروبي، عاصمة كينيا. وتربط عواصم أفريقية ببيجينغ وشانغهاي خطوط طيران مباشرة. فالقارة الأفريقية، في الميزان الصيفي، مصدّر أساسي للطاقة والمادن، وهي سوق كبيرة للمنتجات الصينية. وعلامة made in china صنع في الصين ظهرت على قمصان حمر قطنية، كان يرتديها موظفون ومتبطّلون اجتمعوا بجوهانسبورغ عاصمة جنوب أفريقيا وتظاهروا منددين بپ"الخطر الأصفر"وتهديده صناعة النسيج المحلية. وكانت الواقعة هذه مفارقة أشبه بفضيحة. وفي أثناء عقدين، زاد حجم المبادلات التجارية 50 ضعفاً. ومن 2000 الى 2005، زاد ثلاثة أضعاف، وبلغ نحو 40 بليون يورو، ويُتوقّع أن يتخطى 100 بليون يورو في 2010. ويزود مثلث السودان ونيجيريا وأنغولا بيجينغ بربع حاجتها من النفط الذي تلتهمه صناعتها. وثمة استثمارات كبيرة تنفقها شركات صينية رسمية على تشييد محطة تكرير ضخمة هنا، وعلى إحياء حقل نفطي مهمل هناك. ويعول النمو الصيني على مناجم المانغانيز والنحاس والكروم والنيكل. وفي المقابل، تصدّر الصين جيشاً جراراً من المعماريين والبنائين الذين يقلصون فرص عمل اليد العاملة المحلية. ومنذ عهد ماو تسي تونغ، هبّ آلاف الأطباء والمهندسين الزراعيين الى نجدة البلدان الفتية التي طوت صفحة الاستعمار. ومن إنجازات"التعاون الثوري"خط سكة الحديد بين"تانزام"زامبيا والمناجم بتانزانيا. ويعزز الصينيون العلاقات التجارية بواسطة إجراءات مثل خفض الديون، والرسوم الجمركية التفضيلية، وتدريب آلاف الكوادر والطلاب الأفارقة. وتشتري الصين القطن من مالي وبِنين، ولكنها تُغرق أسواق الغرب الأفريقي بالسلع الرخيصة مثل منتجات البلاستيك والألبسة والألعاب والأجهزة الكهربائية المتفرقة والإلكترونيات. وأدى"الغزو الصيني"، الى خسارة صناعة النسيج بجنوب أفريقيا البلد الأقوى اقتصادياً عشرات آلاف الوظائف. ويلغ رجال الأعمال الصينيون في الفساد والتزوير والإساءة الى البيئة وتهريب الماس والعاج والخشب النفيس. والصناعات الصينية العسكرية هي مصدر الأسلحة الخفيفة الأول بأفريقيا. وتبيع الصين الطوافات والمقاتلات. وأنشأت ثلاثة مصانع أسلحة غير بعيد من الخرطوم. وتتستر بيجينغ على أنظمة مارقة. ولوحت باستخدام حق"الفيتو"في مجلس الأمن اذا أقر المجلس ملاحقة مدبّري مجازر دارفور. وسياسات مثل هذه ليست ابتكاراً صينياً. فالأوروبيون سبقوا اليها. وعلى الصين أن تنتبه الى أن"طهرها"الظاهر لا يتستر عليها طويلاً. عن فانسان هيغو،"لكسبريس"الفرنسية، 2/11/2006