أوحى أمس، اقطاب الحوار الوطني اللبناني سابقاً، التشاور حالياً، بأن الاجواء التي احاطت بلقائهم الاول منذ 29 حزيران يونيو الماضي، كانت ايجابية. ورسم معظم المتشاورين لدى خروجهم بعد حوالى اربع ساعات من"كسر الجليد"، كما وصف الوضع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ابتسامات على وجوههم للدلالة على هذه الايجابية. غير ان التكتم الذي حاول الجميع فرضه على فحوى الجلسة اظهر ان خلاصات اليوم الاول لا تزال من دون توقعات اللبنانيين القلقين من"سلاح"النزول الى الشارع الذي لوح به الجميع. الجلسة الاولى من التشاور، التي عقدت غداة الانفجار الذي هز منطقة الطريق الجديدة ليل اول من امس، احيطت بإجراءات أمنية مشددة تجاوز قطرها المساحة السابقة لتشمل المزيد من مواقف السيارات والابنية والشوارع، وبدا لافتاً امس، ظهور عناصر مدنية تابعة لأمن"حزب الله"في الطرق المؤدية الى ساحة النجمة، علما ان مسؤولية الامن في المنطقة يتوزعها الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي وحرس المجلس النيابي. وانسحبت الاجراءات الامنية على مواكب اقطاب التشاور انفسهم، فكثرت المواكب الوهمية التي كانت تتوقف أمام مبنى البرلمان وتغادر من دون نزول احد منها. وعلى رغم غياب الامين العام لپ"حزب الله"السيد حسن نصر الله عن الجلسة لدواعٍ امنية تفهمها الجميع، فإن الوفد الذي مثله وكان برئاسة رئيس كتلة"الوفاء للمقاومة"النيابية محمد رعد ومعه الوزير محمد فنيش والنائب حسين الحاج حسن، استخدم الأسلوب نفسه الذي استخدمه السيد نصر الله للوصول الى المجلس، أي عبر منافذ مخفية، والاسلوب نفسه اعتمده رئيس المجلس بري وحتى رئيس الهيئة التنفيذية لپ"القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع. وحضر الى طاولة التشاور: رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ومعه وزير الداخلية أحمد فتفت والوزير ميشال فرعون، رئيس كتلة"المستقبل"النائب سعد الحريري ومعه النائبان نبيل دي فريج ووليد عيدو بدل النائب بهيج طبارة، رئيس"اللقاء الديموقراطي"النائب وليد جنبلاط ومعه الوزير مروان حماده والنائب فؤاد السعد، رئيس الهيئة التنفيذية لحزب"القوات اللبنانية"سمير جعجع ومعه النائبان جورج عدوان وايلي كيروز، رئيس"تكتل التغيير والاصلاح"النائب ميشال عون ومعه النائبان فريد الخازن وعباس هاشم، الرئيس الاعلى لحزب الكتائب الرئيس أمين الجميل ومعه النائب انطوان غانم. كما حضر النائبان غسان تويني وميشال المر، والنائب بطرس حرب ممثلاً نواب"لقاء قرنة شهوان"ومعه النائب جواد بولس، وممثل كتلة نواب طرابلس الوزير محمد الصفدي ومعه النائب قاسم عبد العزيز، والنائب أغوب قصارجيان ممثلاً الاحزاب الارمنية الثلاثة ومعه النائبان أغوب بقردونيان ويغيا جرجيان، ورئيس"الكتلة الشعبية"النائب ايلي سكاف ومعه النائب حسن يعقوب. ولم تخل بداية الجلسة من"تحفظات"لمشاركين فيها، فجلس النائب جنبلاط قبل بداية الجلسة الى الطاولة يتصفح الصحف الصادرة امس، فيما لم يتصافح النواب رعد وجنبلاط والحريري، وسجل على هامش طاولة التشاور عقد خلوة بين عون وجعجع، كما سجلت مصافحة بين عون والحريري، وبينه وبين النائب جنبلاط في حضور الوزير مروان حماده، ومصافحة مماثلة بين الرئيس بري وجعجع، وحوار بين الرئيس الجميل والنائب المر. وحين التقط المصورون صورة الحضور بادر بري الى القول:"ابتسم انت في الذوق"، وحرص على ابلاغ المتشاروين بزيارة سيقوم بها الى طهران السبت المقبل للمشاركة في مؤتمر للاتحاد البرلماني الاسيوي. تصاريح مقتضبة في الثانية والدقيقة ال45 بعد الظهر غادر المجلس النائب جنبلاط يرافقه الوزير حماده الذي اكتفى بابلاغ الصحافيين بان الجلسة ستستأنف غداً اليوم، ثم غادر الرئيس الجميل وحين سئل عن الاجواء صرح بكلمة واحدة"ممتازة"، وقال النائب عيدو"لا بأس"، و"فاض"الوزير الصفدي بالقول:"بحثنا كل شيء والاجواء جيدة وغداً نتابع". وكان الصفدي توقع ولادة حكومة جديدة نتيجة اللقاءات التشاورية، لافتاً الى ان اي بيان وزاري جديد"يجب ان يتضمن كل الامور الخلافية والتوافق على حلها بما فيها بند رئاسة الجمهورية او ما اصطلح على تسميته أزمة الحكم". واكتفى الوزير فتفت بالقول"الاجواء منيحة"وارفق كلامه بابتسامة. اما النائب سكاف فكان اكثر"صراحة"اذ قال:"الاجواء مثل العادة"، وحين سئل عما يقصد بذلك اشار بسبابته نزولاً ومضى. وأرضى النائب تويني"نهم"الصحافيين الى معلومة مفيدة عن اجواء الجلسة فقال:"هدنة اعلامية وما فينا نقول شيئاً"، واكتفى الرئيس السنيورة بالقول:"الرئيس بري سيحكي"وابتسم واردف ان الجلسة كانت"كويسة"، وحين سئل النائب حرب عما اذا كانت الاجواء جيدة رد بالقول:"قولوا إن شاء الله، انتم ماذا تريدون؟". اما النائب هاشم فكشف عن"غزل"ساد بداية الجلسة وتحدث ايضاً عن اجواء ايجابية، مشيراً الى ان اللقاء"لاثبات ان ليس هناك تشنج". وتوقف خروج المشاركين لبعض الوقت وبقي في الداخل الرئيس بري وجعجع وعون والحريري ولم يظهر ما اذا كان وفد"حزب الله"غادر بالطريقة التي دخل بها ام لم يزل في القاعة، وتزامن النداء على الصحافيين لحضور المؤتمر الصحافي لبري، مع خروج لافت لجعجع وعون جنباً الى جنب، وحين سئلا ما اذا كان في الامر"مصالحة"ما، رد عون بان"هذا السؤال غلط"وضحك، اما جعجع فقال ان الاجواء"منيحة"، واكملا طريقهما الى مطعم"الساعة"المجاور لتناول الغداء سوياً. وأوجز بري للصحافيين خلاصة اليوم الاول بقوله:"تخلل الجلسة عرض عام من كل الاخوة المتحاورين للمشاكل والمداخلات، ولضرورة التوصل الى ايجاد حل لانه لا يجوز ابقاء الوضع على ما هو، وبالتالي كان هناك كسر للجليد الذي كان قائماً، وكان الجميع حريصاً على التكافل والتضامن لحل المشكلات والتوحد". وأضاف:"انطلاقاً من هنا بدأنا بالاتفاق على هدنة إعلامية، آملين من الاعلام ان يساعدنا، خصوصاً الاخوة الاعلاميين المعتمدين في المجلس النيابي، لان الهدنة الاعلامية تساعد لكي لا يكون هناك توتير للأجواء. وكان تأكيد أيضاً الجدية التي تمتع بها الجميع. وأرجئت الجلسة لاتمام البحث في جلسة تعقد الحادية عشرة قبل ظهر غد اليوم". ولفت بري الى أن جلسة اللجان المشتركة المقررة اليوم للبحث في مشاريع قوانين مالية ستبقى قائمة،"وهذا لا يمنع ذاك". ورفض بري الرد على أسئلة الصحافيين. الى ذلك، نقلت"وكالة الانباء الألمانية"عن مصادر مقربة من بري ان"ليس من مصلحة أحد أن يقود البلاد إلى اشتباكات في الشوارع". وأشارت المصادر الى ان بري سيحاول"العمل على أن تتوصل الجماعات المؤيدة لسورية والمعارضة لها إلى حل وسط حتى إذا استغرق ذلك عقد المزيد من الاجتماعات هذا الاسبوع". إلا أن مصدراً حكومياً بارزاً قال للوكالة نفسها"إن فرص الوصول إلى حل للازمة السياسية في البلاد ضئيلة".