عطلت عقدة "الثلث المعطل" جلسة التشاور الرابعة للأقطاب اللبنانيين، وأدى عدم تحديد أي موعد لجلسة مقبلة الى ترك البلاد مشرعة أمام احتمالات اقلها الجمود او التجاذب وصولاً الى التصعيد سياسياً وربما في الشارع. واذ حرص ممثلو الأكثرية خلال تصريحاتهم بعد تعليق الجلسة على التقليل من مخاوف استخدام الشارع فان ممثلي المعارضة اما غابوا عن السمع كلياً بعدما"انسحبوا من أبواب خلفية الى خارج البرلمان واكتفى آخرون بالحديث عن فشل التشاور ورفع قسم ثالث من حرارة المواقف بالحديث عن ان لعبة الأكثرية"انتهت". وزاد من البلبلة التي أصابت الصحافيين بعد تعليق الجلسة بعد اقل من ساعتين على انطلاقها ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري، أو كما يحلو لبعضهم تسميته،"صمام أمان التشاور"، غادر المجلس ومن الباب الخلفي أيضاً من دون عقد مؤتمره الصحافي الذي بات تقليداً بعد كل جلسة حوار أو تشاور، للحاق بطائرة حملته الى طهران للمشاركة في المؤتمر البرلماني الآسيوي ولإجراء لقاءات مع مسؤولين إيرانيين تتعلق بالوضع اللبناني على هامش مشاركته في المؤتمر. وجاء لقاء المتشاورين أمس، غداة تسلم لبنان مسودة المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وتردد ان تحلقهم حول الطاولة لم يصمد اكثر من نصف ساعة تخللها مناقشات ساخنة تحول بعدها الى مشاورات جانبية وخلوات منها بين الرئيس بري ووزير الإعلام غازي العريضي، وبين كل من رئيس"كتلة المستقبل النيابية"سعد الحريري ورئيس"اللقاء الديموقراطي النيابي"ورئيس الهيئة التنفيذية لپ"القوات اللبنانية"الدكتور سمير جعجع. وكانت الجولة الرابعة استؤنفت وفق توقيت الرئيس بري الساعة الحادية عشرة في اليوم الحادي عشر من الشهر الحادي عشر. وعاون بري النائبان علي حسن خليل وسمير عازار، وحضر الجلسة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة عاونه الوزيران احمد فتفت وميشال فرعون، النائب الحريري عاونه النائبان نبيل دو فريج ووليد عيدو، رئيس كتلة"الوفاء للمقاومة"محمد رعد عاونه الوزير محمد فنيش والنائب حسين الحاج حسن، النائب جنبلاط عاونه الوزيران العريضي ومروان حماده، رئيس كتلة"التغيير والإصلاح"النيابية ميشال عون عاونه النائبان عباس هاشم وفريد الخازن، الدكتور جعجع عاونه النائبان ستريدا جعجع وجورج عدوان، الرئيس الأعلى لحزب الكتائب الرئيس أمين الجميل عاونه النائب انطوان غانم، رئيس الكتلة الشعبية - زحلة النائب الياس سكاف عاونه النائبان عاصم عراجي وكميل المعلوف، الوزير محمد الصفدي ممثلاً كتلة نواب طرابلس عاونه النائب قاسم عبد العزيز، والنائب بطرس حرب ممثلا نواب"قرنة شهوان"عاونه النائب جواد بولس، النائب اغوب بقرادونيان ممثلاً الأحزاب الأرمنية الثلاثة عاونه النائب يغيا جرجيان واغوب قصارجيان، النائب ميشال المر، النائب غسان تويني. عريضة وقدم النائب تويني خلال الجلسة الى الرئيس بري نص عريضة ستوقع من النواب تطلب من رئيس الجمهورية الاستقالة، وفيها:"عملاً بالدستور اللبناني، ولما كانت تصرفات رئيس الجمهورية قد ادت الى"ازمة حكم"ثمة إجماع على وجوب الحؤول دون تفاقمها، جئنا بهذه العريضة نرجو من دولتكم ان تطلبوا الى رئيس الجمهورية ايداعكم استقالته التي تصبح نهائية، وفق التقاليد الدستورية عند تقديمكم اياها الى المجلس النيابي. وتفضلوا بقبول فائق الشكر والدعاء بالتوفيق في هذه المهمة التاريخية لما فيه خير واستقامة النظام الديموقراطي ومعالجة الازمات المتفاعلة منذ التمديد غير الشرعي". وقرابة الواحدة بعد الظهر، بدأ المشاركون الخروج من القاعة وبدا وكان اولهم الرئيس السنيورة الذي رفض الادلاء باي تصريح مكتفيا بالقول"ان شاء الله خيرا"، وتمسك النائب جنبلاط بالصمت وكذلك الوزير العريضي. عون وحرص النائب عون على التصريح وللمرة الأولى بعد انتهاء جلسة التشاور، واعتلى المنصة المخصصة للاعلاميين وقال:"لم نتوصل اليوم الى نتيجة حاسمة، على اعتبار ان كل نظام ديموقراطي أو غيره له ضوابط الممارسة. في النظام الديموقراطي هناك صماما أمان في السلطة التنفيذية ويتشكل من الثلث زائد واحد، وصمام الأمان هذا للفرملة وعدم حصول طغيان وهيمنة ضمن السلطة التنفيذية، انه نوع من الوقاية منعاً للخلافات الكبيرة، وكذلك في السلطة التشريعية هناك فرملة للأكثرية تتمثل بالمجلس الدستوري، وهو معطل، ولا يمكننا أن نحرم السلطة التنفيذية من امكانية تشكيل الثلث المعطل اذا كان هناك خلاف داخل الحكومة، هناك أناس يريدون الممارسة يمكن خارج اطار الضوابط التي يفرضها النظام الديموقراطي، لذلك لم نتمكن من الوصول الى نتيجة ورفعت الجلسة من دون تحديد موعد جديد". فرعون وشدد الوزير ميشال فرعون على أهمية المحكمة الدولية التي"مع اقرارها تتحسن الأجواء وتزول بعض الهواجس"وقال:"لم يتغير خلال الجلسة الكثير من المواقف كان هناك قبول بدخول كتلة العماد عون الى الحكومة بالوزراء المطلوبين، واعتقد ان الموقف أيضاً أن لا مجال للثلث المعطل من دون حل للهواجس المطلوبة، ان كان المحكمة الدولية أو باريس - 3 أو رئاسة الجمهورية، وأعتقد أن بالمبدأ حصلت موافقة على حكومة الوحدة الوطنية ورفعت الجلسة". وعما اذا طرح موضوع المحكمة الدولية خلال الجلسة رد فرعون:"أكيد. هناك هاجس أساسي يتمثل بالمحكمة ومع اقرارها تتحسن الأجواء وتزول بعض الهواجس". جعجع ونفى الدكتور جعجع حصول أي"مشكلة خلال الجلسة"، وقال:"لكن الأمور ما تزال على حالها". وعن الأجواء قال:"ليست مشجعة كثيراً، لكن لا أحد يعتقد أن الاثنين هناك نزول الى الشارع، سيكون يوماً عادياً مثل أي يوم آخر". وأوضح انه"لم يحصل أي تقدم وما أحرص على قوله أن ثمة من يشيع أجواء خوف وقلق وكأن الاثنين سيحصل شيء، على العكس لن يحصل أي شيء واذا كان شكلنا يوحي بأن لم يحصل أي تفاهم فلأنه لم يحصل فعلياً، وموضوع المحكمة الدولية لم يطرح وغير مطروح ولا يمكن طرحه، سبق أن اتخذ في هذا الموضوع قرار بالإجماع على طاولة الحوار الماضي، وللأسف يحاول بعضهم تعطيل المحكمة". وأكد"أن طرح مسودة المحكمة ليست من شغل طاولة التشاور، انها تفاصيل تتعلق بوزارة العدل اللبنانية التي كلفها مجلس الوزراء بحث التفاصيل". واستغرب الافتراض بوجود شارع أو شوارع لتعطيل المحكمة"وقال بإصرار:"لن يحصل شيء". وأشار الى ان العماد عون كان وافق على الدخول في الحكومة،"أما في ما يتعلق بالثلث المعطل كما كان مطروحاً فغير وارد على الاطلاق والباقي عرضة للبحث". ونفى ما تردد عن انه كان سيغيب عن الجلسة، وأوضح ان ظرفاً خاصاً جداً كان لديه"وعندما لم يجرِ تحديد موعد آخر للجلسة بسبب سفر الرئيس بري، حضرت الى الجلسة في موعدها". وأكد"ان مبدأ التشاور سيبقى قائماً وحتى آخر لحظة"، وقال:"في أي وقت وفي أي حكومة يمكن تشكيل ثلث معطل، هل ضروري الاتيان بثلث معطل من الخارج؟ لماذا هناك تصنيف للناس إما كلهم بيض أو سود"، مشيراً الى ان مواصلة التشاور سيكون"على أساس مواقفنا". وأكد الالتزام بالهدنة الإعلامية"في الموقف السياسي". وأكد على نقطتين:"هناك اجماع على ان لا اشكالية بل ترحيب بمشاركة كتلة عون في الحكومة والنقطة الثانية مرفوض أن يخيف أحد الناس، لن يحصل أي شيء". وأشار الى"ان سبب عدم التوصل الى اتفاق في هذه الجلسة مجموعة أمور أبرزها الثلث المعطل بشكل معين". ونبهت ستريدا جعجع بدورها من ان"اذا خرب لبنان سيأتي الخراب على كل الناس وليس على فئة ضد فئة، ومن موقعي كإمرأة بين كل هؤلاء الرجال أي شيء يمكن أن يقرّب في هذا الظرف لن أوفره". أما النائب حرب فرفض وصف الأجواء بپ"السلبية"وقال:"هذا استباق لنتائج المشاورات، صحيح ان في هذه الجلسة لم نتوصل الى اتفاق أو تفاهم وخرجنا على أن نترك للرئيس بري الوقت كي يشارك في المؤتمر السفر الى طهران وان نتابع البحث في ما بيننا لعلنا نصل الى شيء ايجابي". ونفى أي صفقة في موضوع المحكمة الدولية"للعودة عنها"وقال:"المحكمة الدولية احدى القضايا الأساسية المطروحة التي يفترض أن نتفق عليها ولم يطرح بتاتاً اجراء مقايضة بينها وبين الثلث المعطل". تويني: تطمين رعد وقلل النائب تويني من اهمية عدم تحديد موعد لجلسة تشاور مقبلة وقال:"الجلسة انتهت بأن النائب محمد رعد قال ان لا لجوء الى الشارع، وقلت له بأن يصرح بهذا الأمر أمام الإعلام لتطمين الناس، لكنه قال لي اعمل هذا التصريح بالنيابة عني". وعن المحكمة الدولية قال تويني:"يبدو ان لا خلاف حولها لأنها لم تُبحث خلال الجلسة، على اعتبار ان هناك موافقة عليها في جلسات سابقة". واستغرب النائب حسن خليل الحديث عن أجواء متشجنة على الطاولة على رغم عدم حصول تقدم، ونفى الربط بين المحكمة الدولية والثلث المعطل. واعتبر"ان كل الناس مسؤولين عن تعزيز ثقة الناس بوطنها وليس التقليل منها". واعتبر الكلام عن استقالة وزراء من الحكومة"سابقاً بكثير لأوانه". ورأى"ان النقاش قد يحصل داخل جلسة التشاور وخارجها". أما النائب عباس هاشم كتلة عون فاعتبر في تصريح"ان اللعبة انتهت"قالها باللغة الانكليزية، ورأى ان الذين سيتحركون في تظاهرة لإقالة الحكومة سيلتزمون"أسلوباً حضارياً وديموقراطياً، وان الطرف الآخر خسر أهم فرصة له لتحقيق حكومة الوحدة الوطنية". عند الضريح وحرص النائب الحريري لدى مغادرته المجلس النيابي على التوجه برفقة الوزيرين الصفدي وأحمد فتفت والنواب: يغيا جيرجيان وعيدو ودو فريج الى ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى جانب مسجد محمد الأمين حيث وضع على الضريح مشروع المحكمة الدولية، وقرأ الفاتحة عن روحه وأرواح رفاقه الشهداء.