بعد مضي خمس سنوات، يتجرأ المخرج الأميركي، أوليفر ستون، ويعرض صوراً عن 11 ايلول سبتمبر 2001 في فيلمه الجديد الموسوم بپ"مركز التجارة العالمي". وصوّر ستون فصول فيلمه تصويراً دقيقاً. وأولى اهتمامه، في المرتبة الأولى، الى بطولات الأفراد الذين عانوا التجربة، وأغفل بعد الحادثة السياسي. وصعوبة العمل مصدرها نقل مشاهد الاعتداءات الى شريط سينمائي. فغداة الاعتداءات، أزيلت صور البرجين من المسلسلات والأفلام بواسطة رقمنتها، تفادياً لإصابة المشاهدين بصدمات عسيرة على الاحتمال. وتخطى الفيلم المحرم منذ عنوانه البسيط، وشق طريق هوليوود الى معالجة الحادثة. وشاء المخرج ان يصف المأساة على نحو حصولها. فلا مشاهد للهجمات في مستهل الفيلم، بل ظل طائرة تطير على علو منخفض، فوق رؤوس رجال الشرطة المنشغلين بمهماتهم اليومية. ويحمل المشهد الحادثة على حوادث الشارع العادي والوقائع السائرة والرتيبة. ونأى ستون بشريطه من السياسة على خلاف ما كان يتوقع منه. ولم يجهر معارضته السياسة الخارجية الأميركية، على نهج"سالفادور"1986. ولا قدم للحوادث بتعقب خيوط مؤامرة، على مثال"جي أف كاي"1991 الذي يعزو ستون فيه اغتيال الرئيس جون كينيدي الى مؤامرة حاكها نائبه، جونسون، ووكالة الاستخبارات الأميركية. فلا شيء من هذا في"مركز التجارة العالمي". وهو يروي قصة حقيقية وفردية تدور على شرطيين من نيويورك، جون مكلوفلين يؤدي دوره نيكولاس كايج وخوسيه خيمينو مايكل بينيا، طمرهما الحطام بعد انهيار البرجين، وانتشلا، بمعجزة، حيين. ولم يحظ الفيلم بالإعجاب. والذين سخروا من"ارتياب"ستون في أعماله السابقة، يسخرون اليوم من معالجته التقليدية. واختار ستون تناول مصير ناس الشارع، مستلهماً إرث المخرج فرانك كابرا. فأبطاله حقيقيون، ولا يقومون بأعمال بطولية. فهم يصبرون، وينتظرون تحت الردم، مثلما فعلت عائلاتهم التي صدورها ستون طويلاً. والبطولة في مرآة تساؤل المخرج الأميركي، هي افعال مثل التنفس والانتظار والمحادثة. فما الداعي الى التشبث والمثابرة والاستمرار عمراً كاملاً؟ فما يريده فيلم ستون هو تخطي الحادثة العظيمة من غير الوقوع في التعظيم الملحمي، ورواية قدرة بعضنا على الاعتناء ببعضنا الآخر حين تدعو الشدة الى الانصراف والتخلي. عن ساندرا لوجييه ، "فيلوزوفي ماغازين" الفرنسية، 10-11-2006