دعا البرلمان الصومالي و "المحاكم الإسلامية" إثيوبيا أمس إلى سحب قواتها من الصومال ووقف "خطابها العداوني" تجاه هذا البلد العربي الذي مزقته الحروب منذ أكثر من عقد. ودعا الجانبان في اتفاق جديد وقعاه في العاصمة مقديشو المجتمع الدولي إلى العمل من أجل حل المشكلة الصومالية. وعقد رئيس البرلمان الانتقالي شريف حسن شيخ آدم ورئيس المجلس التنفيذي ل"المحاكم الإسلامية"في الصومال شيخ حسن طاهر عويس مؤتمراً صحافياً مشتركاً في مقديشو كشفا فيه اتفاق الجانبين على ضرورة مواصلة المحادثات بين الحكومة الانتقالية و"المحاكم"في الخرطوم منتصف كانون الأول ديسمبر المقبل برعاية الجامعة العربية. وتأتي هذه الدعوة في وقت تفيد الأنباء الواردة من مقر الحكومة الانتقالية في بيداوة بأن المواطنين بدأوا النزوح منها خوفاً من نشوب حرب بين قوات الحكومة بمساندة الإثيوبيين وبين قوات"المحاكم الإسلامية". وفي بعض المناطق لا يفصل بين قوات الجانبين سوى كيلومترين فقط. واستبعدت مصادر ديبلوماسية مطلعة ل"الحياة"إمكان اندلاع المعارك بين طرفي النزاع قبل انحسار موسم الأمطار. وقالت إن هدف إثيوبيا من إدخال قوات لها إلى الصومال في الوقت الحاضر، وحشد أخرى على الحدود الفاصلة بين البلدين، هو منع وقوع الحكومة فريسة سهلة لقوات"المحاكم"التي تحيط ببيداوة من ثلاث جهات على الأقل. وتوقعت أن تندلع الحرب فور انتهاء موسم الأمطار في البلاد. وذكر مواطنون في بورهكابو أن قوات الحكومة تحرّكت ليل أول من أمس في اتجاه مراكز انتشار مقاتلي"المحاكم". لكن لم يحصل حتى الآن صدام مباشر بين الطرفين باستثناء مناوشات وقعت قبل أيام في مدينة إيديلي حين نصبت ميليشيات"المحاكم"مكمناً لقوات إثيوبية كانت تتجه إلى بيداوة. وتضاربت الراويات في شأن حقيقة ما حصل هناك، إذ ذكر شهود أن الإثيوبيين فقدوا 90 جندياً وست عربات عسكرية، بينما تحدثت رواية أخرى عن تدمير 9 عربات ومقتل أو إصابة طواقمها. ويقول مواطنون في بيداوة والمناطق القريبة منها أن مناوشات متفرقة تحصل بين فينة وأخرى بين الإثيوبيين وميليشيات محلية تابعة ل"المحاكم"قرب مقر الحكومة. وعلى صعيد الاتفاق بين النواب الصوماليين و"المحاكم"في مقديشو، أفيد بأنه يتألف من ستة بنود تقضي بتشكيل لجنة مشتركة هدفها تسهيل مشاركة الطرفين في مؤتمر الخرطوم لايجاد"دولة فعالة"و"وحدة وطنية"، والبحث في الطريقة الأنسب لتقسيم السلطة، وإيجاد حلول لمشاكل سياسية وأمنية. وقال الطرفان في اتفاقهما الذي حصلت"الحياة"على نسخة منه:"أدخل رئيس الوزراء الإثيوبي ملس زيناوي قوات ضخمة إلى الصومال بطريقة غير شرعية، وقد يؤدي هذا الفعل إلى اشعال حرب طويلة الأمد بين البلدين يؤثر على القرن الأفريقي برمته، ولذا نناشد الحكومة الاثيوبية إيقاف تهديداتها العدوانية التي تنم عن رغبتها في خوض حرب، وانسحاب قواتها من الصومال". وأضاف البيان"نناشد المجتمع الدولي، إيغاد، الاتحاد الأفريقي، الجامعة العربية، المؤتمر الإسلامي، الاتحاد الأوروبي وأميركا المساهمة بجدية في تنفيذ التفاهم بين المحاكم ووفد البرلمان الصومالي مما يؤدي إلى حل المشكلة الصومالية، وإقامة دولة مشتركة تبسط سلطتها على ربوع البلاد". ويواجه هذا الاتفاق الذي لا يختلف في مضمونه عن الاتفاق المبدئي بين الطرفين قبل أسبوعين، معارضة الحكومة التي لم تشارك في المحادثات الجارية بين البرلمانيين برئاسة رئيس البرلمان، و"المحاكم الاسلامية". وكانت الحكومة دعت في وقت سابق رئيس البرلمان شريف حسن شيخ آدم إلى المجيء إلى مقرها في بيداوة واستئناف أعماله من هناك. وجاء رد الحكومة على هذا الاتفاق الجديد سريعاً، إذ قال وزير الإعلام في الحكومة الانتقالية علي أحمد جامع:"ليس لديهم أي البرلمانيين تفويض من قبل الحكومة، ولا يمثلونها. ورئيس البرلمان يعمل خارج سلطته، وليس لديه أساس قانوني في ما يفعله". وكان رئيس الوزراء الإثيوبي قال الخميس الماضي إن بلاده أكملت استعداداتها لمواجهة أي هجوم محتمل تشنه"المحاكم"الصومالية، وتوقع أن يمرر برلمان بلاده قراراً بخصوص مهاجمة"المحاكم". وقال زيناوي للصحافيين في مكتبه أمس:"أتوقع أن يمرر البرلمان قرار الدفاع الأسبوع المقبل". وأضاف:"هناك معلومات تفيد بأن الجهاديين في الصومال يدرّبون ويدخلون عناصر معارضة من الصومال إلى إثيوبيا، هذا عداون سافر"، مؤكداً"نحن لا نعلن حرباً. سأكون صبوراً، وسأستنفد كل الوسائل السلمية لحل هذه المشكلة. ولكن في حال فشلنا في طلب السلام، نحتفظ بحق الدفاع عن أنفسنا في وجه عدوان سافر على سيادتنا وأمننا القومي".