سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الحياة" في القاعدة الأميركية في كوبا تتابع قصة المفاوضات مع "المجلس السداسي" . غوانتانامو : "تمرد" المحتجزين "المتعاونين" في المعسكر الرابع ... وحالات الانتحار في "دلتا 1" 2 - 4
لا شيء هنا يدل على أن "تمرداً" ما يمكن أن يحصل. فالمحتجزون في المعسكر الرابع من معسكرات "دلتا" في غوانتانامو باي، مصنّفون على أنهم من أكثر النزلاء"تعاوناً"مع حراسهم وإدارة السجن. يرتدي المحتجزون هنا ملابس بيضاء طويلة فضفاضة، بدل البرتقالية، ولا يعيشون في زنزانات انفرادية، بل في عنابر جماعية يتسع الواحد منها لأكثر من عشرة محتجزين. يتناولون طعامهم معاً، وينامون ويصلون معاً. لكل نزيل سريره وفراشه، سجادة صلاة ومصحف، وأغراضه الخاصة التي توضع في صندوق يحوي كتبه وأوراقه التي يكتب عليها رسائله. وفي كل عنبر غرفة استحمام كبيرة، وحمام يتسع للنزلاء جميعاً، ومروحة كهربائية تُخفف وطأة الحر، في ظل غياب مكيفات الهواء المتوافرة في المعسكرين الخامس والسادس الحديثين. وللمحتجزين الحق في الحصول على لفة كاملة من أوراق التواليت، وهو أمر ليس متوافراً لكثيرين من رفاقهم من نزلاء معسكرات"دلتا". وما ليس متاحاً لغيرهم أيضاً متاح لهم. ففي المعسكر الرابع باحة للتريض واللعب. يلعبون الطاولة والشطرنج، ولهم الحق في الحصول على أوراق اللعب كوتشينة. ويسمح لهم بالخروج إلى باحة التريض لحوالي تسع ساعات يومياً. ولديهم حق الوصول الى باحة واسعة يمكن فيها لعب كرة السلة وكرة القدم. والأكثر من ذلك، يُسمح للمحتجزين بالحصول على بوظة آيس كريم كل يوم أحد، وتتوافر لهم كميات متنوعة من الطعام. كل ما عليهم هو المحافظة على نظافة غرفهم. وحصول محتجز ما على"شرف"نقله إلى هذا المعسكر"المتوسط الحراسة"المبني خارج دائرة المعسكرات الثلاثة 1 و2 و3 في معسكر"دلتا"، يعتمد على مدى"تعاونه"مع المحققين وحسن سلوكه في مكان احتجازه. لكن كل ذلك لم يمنع"تمرّد"هؤلاء المحتجزين"المتعاونين". كانت المؤشرات كلها تؤكد أن شيئاً ما سيحصل. فالمحتجزون يقومون منذ شهور بإضرابات جماعية متكررة عن الطعام، شملت أحياناً أكثر من 130 منهم. لبّت إدارة المعسكرات بعض مطالبهم، بعدما سمحت بحصول اتصال بينها وبين"مجلس سداسي"تولى تمثيل المحتجزين. ومن بين هؤلاء الستة برز خصوصاً السعودي عامر شاكر الذي ينفي علاقته بالإرهاب والمغربي أحمد الرشيدي والجزائري صابر الأحمر. وبناء على مطالب هؤلاء، حسّنت الإدارة ظروف المحتجزين نسبياً كمية الطعام والمعاملة باحترام. لكن ذلك لم يدم طويلاً. إذ قدّم هؤلاء مزيداً من المطالب، في حين لاحظ الأميركيون أن المحتجزين يُنظّمون أنفسهم في معسكراتهم في إطار خلايا لها زعماؤها أمراء، ورصدوا جهوداً للمحتجزين فسّروها بأنها محاولة محتملة من هؤلاء للسيطرة على مراكز الاحتجاز. وعادت الأمور الى التدهور هذه السنة، خصوصاً في ظل"يأس"كثيرين من المحتجزين إزاء اعتقالهم المفتوح من دون محاكمة أو اتهامات. إذ لوحظ أن نسبة المحتجزين المضربين عن الطعام ارتفعت مجدداً، وتبيّن للمشرفين على أوضاع المحتجزين أن الذين يُرغمون على تناول"الطعام"من خلال"أنبوب التغذية"في حلقهم وجدوا طريقة تمنع وصول الغذاء في الأنبوب البلاستيكي إلى جسمهم لجأوا إلى قضم الأنبوب بطريقة تمنع وصول السعرات الحرارية إلى المعدة. كما حصلت أحداث ساهمت في تعقيد الأمور أكثر. فأحياناً كان بعض المحتجزين يشكو من تجاوزات يقوم بها الحراس خلال تفتيش الزنزانات. ثم حصل"صدام"بين محقق ومحتجز عربي من شمال أفريقيا أدى الى توتر في صفوف بقية المحتجزين. كما اكتشف الحراس حبوب دواء إثر محاولة"انتحار"لأحد المحتجزين، مما أدى إلى شن حملة تفتيش واسعة في الزنزانات - أثارت غضباً في صفوف النزلاء - خشية أن يكون سجناء آخرون نجحوا في إخفاء أدوية قد يستخدمونها في ترتيب عمليات انتحار حقيقية. وظل هذا الأمر في التصاعد حتى أيار مايو الماضي عندما نجح المحتجزون في أحد عنابر المعسكر الرابع في"استدراج"الحراس بعدما أوهموهم بأن أحد النزلاء أقدم على محاولة انتحار بشراشف سريره إلتي حوّلها إلى ما يُشبه"الحبل"محاولاً شنق نفسه. وضع المحتجزون، كما شرح أحد المشرفين على المعسكر ل"الحياة"، غطاء على كاميرا مراقبة تسمح للحراس بمعرفة ماذا يحصل في داخل العنابر. وعندما هرع الحراس إلى العنبر، كان المحتجزون قد نصبوا لهم"مكمناً، بعدما فكّوا الغطاء الحديدي للمروحة المتاحة لهم في غرفتهم وحوّلوها إلى"سلاح". كما"تسلّحوا"أيضاً بزجاج لمبة إنارة، ورموا قاذورات وسوائل على الأرض مياه ممزوجة بصابون، وبول. مرّت دقائق بدت طويلة سيطر فيها المحتجزون على العنبر، لكن سرعان ما استعاد الحراس زمام المبادرة وفرضوا سيطرتهم. لكن"التمرد"كان قد امتد إلى عنابر أخرى في المعسكر الذي يغلب عليه محتجزون من الأفغان"المتعاونين"الذين خرّبوا عنابرهم"تضامناً"مع زملائهم، مسببين خسائر تُقدّر بأكثر من مئة ألف دولار، كما يقول مسؤولون. نُقل"المتمردون"من المعسكر الرابع عقاباً لهم. لكن ما كادت"ثورتهم"تُخمد، حتى حصلت المأساة في المعسكر الأول في"دلتا". ففي العاشر من حزيران يونيو الماضي، اكتشف الحراس ثلاثة محتجزين متدلين من شراشف حوّلت إلى ما يشبه"حبل المشنقة". لم يمكن إسعاف السعوديين واليمني، إذ كانوا قد فارقوا الحياة. حالات الانتحار الثلاثة ليست الوحيدة التي سُجّلت في كوبا. فالسلطات الأميركية تعترف ب 41 محاولة انتحار قام بها 25 سجيناً منذ 2002. فتحت إدارة غوانتانامو فوراً تحقيقاً في ملابسات"الانتحار"الذي وصفه قائد معسكرات الاحتجاز الأدميرال هاري هاريس بأنه بمثابة"حرب غير متكافئة ضدنا وليس تصرّفاً ينم عن يأس"، وهو تصريح أثار استياء واسعاً بين محامي المحتجزين. ويشكك بعض ذوي الثلاثة في رواية"انتحارهم"، خصوصاً أن الدين الإسلامي يُحرّم قتل النفس. وفي وقت يواصل المحققون جهدهم لكشف ملابسات"انتحار"الثلاثة الذين تركوا رسائل لم يُكشف مضمونها بعد، يؤكد مسؤولون أميركيون أن أحد خيوط التحقيق سيركّز على مزاعم عن"رؤيا"لمحتجز سعودي تتردد بين نزلاء المعسكرات ومفادها أن غوانتانامو لن يُغلق سوى بعد حصول"ثلاث وفيات". وأكد البريغادير جنرال إدوارد ليكوك، نائب قائد معسكرات غوانتانامو، أن ثمة معلومات عن هذه الرؤيا. لكنه رفض، في لقاء مع صحافيين حضرته"الحياة"، استباق التحقيق في ملابسات هذه"الانتحارات". وأضاف أن تقدير الأميركيين لمن سمّاهم"إرهابيين"محتجزين في غوانتانامو هو أنهم"ما زالوا يخوضون معركة"ضد الولاياتالمتحدة."ليسوا في ساحة معركة لكنهم يواصلون القتال حتى هذا اليوم". وأقر بأن المحتجزين أعادوا تنظيم أنفسهم في المعسكرات، واختاروا"قياديين"في المجالين"العسكري والديني"، إضافة إلى"العضلات"، في إشارة إلى الوصف الذي يستخدمه الأميركيون لخاطفي الطائرات في هجمات 11 أيلول سبتمبر 2001:"القادة"وهم عبارة عن"الطيارين"الأربعة، و"العضلات"وهم بقية الخاطفين الذين أرهبوا الركاب ريثما تولى"طيّارو القاعدة"السيطرة على غرفة القيادة في الطائرات الأميركية المنكوبة. واعتبر ليكوك أن عمليات تنظيم صفوف المحتجزين هدفه التحضير"لتنسيق"الهجمات ضد الحراس. وقال:"هؤلاء الناس في المعسكرات - لقد حددناهم - يواصلون محاولة إثارة المشاكل في داخل كل معسكر.... نجهد كي نمنعهم من تطوير خططهم التي قد تتسبب في أي نوع من التمرد". لم يُحدد ليكوك من هم هؤلاء، لكن من الواضح أن قيادته تعتقد أن بعض أفراد"مجلس الستة"هم جزء من خطط المحتجزين لتنظيم صفوفهم تحت لواء تنظيم"القاعدة"."مجلس الستة ... لم يعد يعقد اجتماعات"، كما قال ليكوك. فالاميركيون فككوه. معسكرات "دلتا" يتألف"معسكر دلتا"من سبعة مراكز احتجاز، هي المعسكرات 1، 2، 3، 4، 5، 6، ومعسكر"ايكو". والمعسكرات ليست مرقّمة تبعاً لأهميتها الأمنية. ثلاثة من هذه المعسكرات 3 و2 و1 ذات نظام أمني صارم شديد الحراسة ويمكن أن تتسع ل 800 محتجز يعيشون في غرف انفرادية. أما المعسكران الخامس والسادس تناولتهما الحلقة الأولى فهما مبنيان من الإسمنت والفولاذ، ومصممان ليكونا"دائمين"، ومدخلهما مختلف تماماً عن مدخل معسكرات"دلتا"الأول والثاني والثالث. ومعسكر"ايغوانا"منفصل بدوره عن معسكرات دلتا أيضاً. المعسكر الثالث المعسكر الثالث هو"الأشد حراسة"بين معسكرات دلتا. إنه"مركز الترحيب"ب"المقاتلين الأعداء"الذين يُنقلون إلى كوبا. في زنزانات المعسكر ستة أقدام بثمانية أقدام حمام يجلس فيه المحتجز القرفصاء، ومغسلة حديدية، وفراش مثبت بحائط فولاذي مشبّك يفصلها عن الزنزانة المجاورة. المحتجزون هنا يرتدون بدلات برتقالية، يتريضون نصف ساعة ثلاث مرات اسبوعياً. ليس مسموحاً لهم التريض الجماعي. وليس مسموحاً لهم بالحصول على لفّة أوراق تواليت كاملة، بل عليهم طلبها في كل مرة يريدون"دخول الحمام"في زنزانتهم. المعسكر الثاني المحتجزون"المتعاونون"مع الحراس والمحققين يُنقلون من المعسكر 3 إلى المعسكر 2. هنا يبقى المحتجزون يرتدون بدلاتهم البرتقالية أيضاً، لكن زنزاناتهم أكبر بقليل من زنزانات المعسكر 3. المراحيض هنا أيضاً مراحيض قرفصاء، وكل زنزانة تحوي سريراً مُثبتاً في حائط حديدي مشبّك. يُسمح للنزلاء بالتريض نصف ساعة ثلاث مرات اسبوعياً، لكن ليس مسموحاً لهم بالتريض رياضة جماعية. وليس مسموحاً لهم بإبقاء لفة ورق تواليت معم. عليهم طلبها من الحارس. لكن المحتجزين في المعسكر الثاني في"دلتا"يمنحون بعض وسائل الراحة غير المتاحة في المعسكر 3. فمثلاً يُسمح لهم بشامبو مضاد للقشرة، وأقلام مصممة بطريقة لا تسمح بتحويلها سلاحاً. المعسكر الأول يؤوي المعسكر 1 السجناء"المتعاونين"أكثر من المعسكرين السابقين، وتُتاح لهم"ميزات"قريبة من"ميزات"المعسكر الرابع الذي يُكافأ"أفضل"المحتجزين بوضعهم فيه. في المعسكر الأول عشرة عنابر، وفي كل عنبر 48 زنزانة. كل زنزانة هنا 6 أقدام ب 8 أقدام، وفيها حمام قرفصاء ومغسلة. وتبقى الأنوار مضاءة هنا 24 ساعة يومياً، وليست هناك مكيفات هواء بل يُستعان بمراوح كهربائية للتخفيف من حرارة الجو. يرتدي المحتجزون في المعسكر الثاني ملابس سمراء، بدل البدلات البرتقالية أو البيضاء التي يتم ارتداؤها في المعسكرات الباقية. ويسمح لهم بحذاء قماشي وفرشاة أسنان - مصممة في شكل يمنع تحويلها إلى سلاح - ومعجون أسنان، وصابون، وشامبو، وصندل"فليب فلوب"، وملابس قطنية داخلية، وبنطال وتي شيرت. لكن لا يسمح لهم بورق تواليت، وعليهم أن يطلبوها كلما احتاجوا إلى"دخول الحمام". ويسمح لهم ب 30 دقيقة تريض، ثلاث مرات اسبوعياً. كما يسمح لكل اثنين منهم بلعب الكرة مع بعضهما. وتُتاح لهم فرصة الاستحمام في حمام خارجي بعد قيامهم بالتريض. والمعسكر الاول شبه خال الان بعد الانتحارات الثلاثة فيه. معسكر "إيكو" "معسكر إيكو"يقع خارج المنشأة الأساسية لمراكز الاحتجاز في غوانتانامو. هنا يوضع المحتجزون قبل إحالتهم على"اللجان العسكرية"المحاكم العسكرية. يسمح تصميم هذا المعسكر بحصول اتصال بين المحتجزين ومحاميهم، وأن يكون هذا الاتصال"خاصاً". ويحق للمحتجزين الاحتفاظ بقلم وأوراق ووثائق قانونية ومواد أخرى لا يُسمح بها في"معسكرات دلتا". يتألف"معسكر إيكو"من أكثر من 12 مبنى إسمنتي لا تعلو سوى طابق واحد. وكل مبنى مقسم إلى قسمين، في داخله"قفص"حديدي، وغرفة استراحة، وطاولة للمقابلات وعمليات الاستجواب. وهذا يسمح للمحتجزين بلقاء محاميهم في مساحة داخل زنزانتهم، ولكن تحت إشراف الحراس الذين يراقبون الجلسات لكنهم لا يستمعون إلى فحواها. "معسكر إيغوانا" يمكن للمحتجزين في هذا المعسكر غير الشديد الحراسة، أن يشاهدوا مياه البحر في خليج كوبا من خلال فتحة في السور المحيط به. وهو يؤوي حالياً سجناء تقرر انهم لم يعودوا"مقاتلين أعداء"ويجب أن يُرحّلوا من غوانتانامو. ويمكن للمحتجزين هنا مشاهدة التلفزيون والاستحمام متى شاؤوا. كما يمكن لبعضهم أن يلعبوا كرة القدم.