تخطو موريتانيا اليوم خطوة جديدة مهمة على طريق تسليم العسكريين الذين وصلوا إلى الحكم بإنقلاب العام الماضي، السلطة مجدداً إلى المدنيين. إذ تشهد البلاد انتخابات تشريعية وبلدية تشارك فيها أحزاب مختلفة، بما فيها التيارات الإسلامية، ويلتزم فيها"المجلس العسكري"الحاكم الحياد. وأعلنت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات أن"كل شيء جاهز"لضمان حسن سير الإقتراع. وقال الناطق باسم اللجنة الشيخ سعد بو كمارا لوكالة"فرانس برس":"كل شيء بات جاهزاً في مكاتب التصويت ال 2336: البطاقات والحبر الذي لا يمحى والعوازل وصناديق الاقتراع والإنارة، وتحققنا من أنه سيكون هناك ممثل عن اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات في كل مكتب تصويت". وانشئت اللجنة في نهاية 2005 بمبادرة من العسكريين الذين نفذوا إنقلاباً في آب أغسطس 2005 وأطاحوا الرئيس السابق معاوية ولد طايع. وهي مكلفة الإشراف على العمليات الانتخابية ومراقبتها ومتابعتها لضمان عملية الانتقال الديموقراطي التي باشرها المجلس العسكري بقيادة العقيد أعلي ولد محمد فال. وسيصوت الناخبون اليوم لاختيار ممثليهم في ثلاث عمليات انتخابية بلدية وتشريعية محلية وتشريعية وطنية. وأعرب ائتلاف قوى التغيير الديموقراطي الذي يضم ثمانية أحزاب من المعارضة السابقة، أمس، عن"تفاؤله"بحسن سير الانتخابات. وقال محمد ولد مولود رئيس"اتحاد القوى الوطنية"المكلف الرئاسة الدورية للائتلاف متحدثاً إلى الصحافيين:"إننا متفائلون، وكانت هناك روح شراكة جيدة بيننا وبين السلطات"، مؤكداً وجود"مؤشرات ايجابية إلى حياد الادارة، وإذا ما تأكد ذلك يوم التصويت فسيكون هذا نجاحاً لتجربتنا الديموقراطية". ودعي نحو 1.07 مليون مواطن للتوجه الى 2336 مركز اقتراع لانتخاب 219 مجلساً بلدياً ونواب الجمعية الوطنية ال 95 بعد أن حلها المجلس العسكري عام 2005 متعهداً اعادة السلطات المدنية في البلاد العام 2007. وحدد الثالث من كانون الأول ديسمبر موعدا للدورة الثانية من الانتخابات التشريعية، على أن تُنظّم انتخابات لمجلس الشيوخ في كانون الثاني يناير، ومن ثم انتخابات رئاسية تمهد لحل المجلس العسكري في آذار مارس 2007. وستضمن المرأة في انتخابات اليوم حصة 20 في المئة من المقاعد في المجالس البلدية والبرلمان، بعدما وافق المجلس العسكري على تبني آلية تهدف الى منح المرأة خُمس المقاعد في الانتخابات التشريعية والبلدية. وقالت جميلة بنت ايشيدو المحامية واحدى واضعات القانون"ان هذا القانون كان ضرورياً في بلد لا تنال فيه المرأة اكثر من 3 في المئة من المواقع الانتخابية وحيث لا توجد إمرأة واحدة في منصب وال أو قاض". واوضحت ان"القانون ينص على تواجد المرأة في المرتبة الثانية والخامسة والسابعة بين لوائح مرشحي الانتخابات البلدية ولوائح يتناوب فيها رجل وامرأة على التوالي في الانتخابات التشريعية". وأضافت"في انتخابات مجلس الشيوخ نريد أن تكون المرأة على رأس اللوائح الانتخابية، غير انه لم يتم حسم الأمر بعد". أما فاطمة مباي، رئيسة الجمعية الموريتانية لحقوق الانسان، فاعتبرت ان هذه"الثورة الهادئة ضرورية لتطور البلاد". وفي إشارة الى تغيير ظاهر في الذهنيات على ما يبدو، قدم الاسلاميون المبعدون حتى الآن عن السياسة في موريتانيا، لوائح"مستقلة"نصف المرشحين فيها من النساء. واختُتمت الحملة الانتخابية مساء الجمعة وسط أجواء حماسية. ففي وسط نواكشوط، أغرق الاسلاميون الذين ترشحوا ضمن لوائح مستقلة، بقعة أرض اختيرت لتجمعهم باللافتات والأعلام الزرقاء مع الحرص على منع اختلاط النساء والرجال. وتوالى الخطباء في تجمع حزب التحالف الشعبي التقدمي بين كل اغنيتين على مخاطبة الحشود بلغات متعددة منها السوننكي وبولار والوولوف والفرنسية والعربية. وكان الحضور مزيجاً من أعراق متعددة في تجمع هذا الحزب المعارض للنظام السابق. وفي المقابل فضل الاسلاميون مخاطبة جمهورهم باللغة العربية. ومع تنوع الشعارات الداعية الى"انهاء التمييز بين الأعراق والقبائل"عند التحالف الشعبي الى"حقيقة الاسلام ملك الجميع"عند الاسلاميين، فإن التنظيمين حرصا على تفسير كيفية القيام"في شكل جيد"بعملية الانتخاب للحضور خاصة مع ارتفاع نسبة الامية في موريتانيا المقدرة ب 46 في المئة. وسيكون على الناخبين اختيار مرشحيهم من بين العديد من اللوائح المتنافسة التي تميزت كل منها بلون او رسم. وشدد مسعود ولد بلخير، زعيم التحالف الشعبي التقدمي، وسط هتافات جمهور يرفع شارات النصر"ان الكثيرين يعولون على فوضى الألوان للحصول على اصوات اضافية. لذلك ادعوكم الى عدم الخطأ"في اختيار الالوان والبطاقات. أما"مجموعة الإصلاحيين الوسطيين"التي تضم اسلاميين مستقلين، فاختارت أن تعرض بعد القاء كل كلمة فيلماً قصيراً يفسّر طريقة التصويت"الصحيح"وكانت تعلو هتافات"الله اكبر"عقب كل عرض.