تلف الانتخابات الرئاسية الفرنسية في نيسان ابريل المقبل نقمة نسائية مردها إلى تزايد عدد المرشحات، أو الطامحات للترشح، إلى أعلى منصب في الدولة الفرنسية، وذلك في كلا الوسطين اليميني واليساري. وقد تكون النائبة الاشتراكية سيغولين رويال أول من بادر لإبداء مثل هذه الرغبة، وتبعتها بعد ذلك نساء عدة من العاملات في الحقل العام، مثل وزيرة الدفاع الفرنسية ميشال آليو - ماري من اليمين الحاكم ودومينيك فواتيه من حزب أنصار البيئة"الخضر"والنائبة اليمينية كريستين بوتان والأمينة العامة للحزب الشيوعي الفرنسي ماري جورج بوفيه، والوزيرة السابقة كورين لوباج، إلى جانب المرشحة التقليدية لليسار المتطرف منذ عقود آرليت لانجليه. وتشير هذه الشهية النسائية المستجدة حيال الرئاسة الى تحول في الهالة التي اتسم بها هذا المنصب حتى الآن، باعتباره منصباً ذكورياً، نظراً الى المواصفات التي يستدعيها والأعباء المترتبة عليه. فأعلى منصب تسنى لامرأة فرنسية أن تشغله حتى الآن هو منصب رئاسة الحكومة الذي تولته الاشتراكية أديت كريسون في عهد الرئيس الراحل فرنسوا ميتران، واضطرت الى تركه بعد التدهور البالغ والسريع في شعبيتها الذي جعلها تصنف بمثابة رئيس الحكومة الأدنى شعبية في تاريخ فرنسا. وتركت هذه التجربة شعوراً بالمرارة لدى كريسون التي تناولته في كتاب اصدرته أخيراً، الشوفينية التي عوملت بها كونها امرأة على رأس الحكومة، كما تناولت التعليقات الماكرة التي استهدفتها من قبل العاملين معها في الوسط السياسي. وعلى رغم أن فرنسا بلد ديموقراطي وعصري ومتقدم اجتماعياً وثقافياً واقتصادياً، وتشغل النساء فيه مختلف الميادين المهنية، فإن الوسط السياسي الفرنسي ميال الى الذكورية المفرطة وإلى اعتبار المرأة أقل كفاءة من الرجل في هذا المجال. هذا ما تكشفه تجربة كريسون ولاحقاً تجربة آليو - ماري التي تعد من أنجح وزراء الدفاع الفرنسيين، والتي اضطرت الى خوض معارك قاسية داخل اسرتها السياسية كي تتولى هذا المنصب، مثلما خاضت معارك قاسية قبله لتولي رئاسة حزب اليمين الحاكم في حينه"التجمع من أجل الجمهورية". وعندما بادرت رويال لابداء استعدادها لخوض الانتخابات الرئاسية، فإن أول سؤال تبادر الى أذهان الجميع هو ما إذا كان الفرنسيون يقبلون بوجود امرأة في قصر الاليزيه. وعلى رغم وجود قانون فرنسي يفرض المساواة بين الرجال والنساء في الوظائف والمناصب العامة، فإن هذا القانون غير مطبق عملياً، بل تفضل الأحزاب، ومنها الحزبان الرئيسيان"الاتحاد من أجل الحركة الشعبية"يميني والاشتراكي المعارض، دفع غرامات مالية بقيمة 4.2 مليون يورو للأول و1.650 مليون للثاني، على ان تلتزم التوزيع العادل للمناصب والوظائف بين النساء والرجال. وقد يكون سأم الفرنسيين وشعورهم بالخيبة العامة حيال سياسييهم ومسؤوليهم التقليديين، هما اللذان حملاهم على التعاطف مع رويال التي تعد الى جانب وزير الداخلية نيكولا ساركوزي الأوفر حظاً بالفوز في الرئاسة. فهي بأسلوبها في الكلام واناقتها وتهذيبها، تجسد بالنسبة الى العديد من الفرنسيين نوعاً من الصدقية والتجدد، ما ساعدهم على التخلي عن تحفظهم على وجود امرأة على رأس دولتهم. وإذا حالف الحظ رويال او سواها من الطامحات في خوض المعترك الرئاسي، إذ أن غالبية الترشيحات، سواء كانت نسائية أم لا، ليست رسمية حتى الآن، فإن هذا لن يجعلها بمنأى عن الانتقادات التي تستهدف جنسها. وكانت رويال كشفت عن بعض ما تعرضت له في إطار التنافس الداخلي على ترشيح الحزب الاشتراكي فنقلت عن منافسيها، وهما رئيس الحكومة السابق لوران فابيوس والوزير السابق دومينيك ستروس كان، تساؤل الأول عمن سيرعى الأولاد في حال فوزها، وقول الثاني ان من الأفضل لها ملازمة المنزل وعدم المشاركة في مناظرات تتلو فيها وصفات طبخ.