سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"قرارات الحكومة دستورية ... ودور لجنة التحقيق أكثر خطورة فيما المحكمة صمام أمان" . رزق لپ"الحياة" : الأزمة تطول إذا ربطت بالمحكمة ولا أظن انها ستعطل مسار إقرارها في مجلس الأمن
هل سيؤثر الخلاف في السلطة التنفيذية، ورسالة رئيس الجمهورية الى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان على مسار إقرار مجلس الأمن للمحكمة الدولية؟ يقول وزير العدل شارل رزق لپ"الحياة"ان"من السذاجة الاعتقاد بأن الخلاف بين المؤسسات، بين رئاسة الجمهورية والحكومة، ليس له تأثير، وتأثيره سلبي لأن العالم الخارجي ينظر الى لبنان ككل وهو مطلع على الأمور". ويضيف رزق:"أظن انه لا يمكن ان يعطل مسار المحكمة الدولية اللهم إلا إذا انطلق بعض الدول الفاعلة في مجلس الأمن، عن حق أو عن غير حق، وفي شكل شرعي أو غير شرعي، من التناقضات اللبنانية ليغير مواقفه". ويقول رزق ان روسيا لعبت دوراً في مجلس الأمن خلافاً لما أشيع،"إذ ركز الناس على بعض التحفظات الروسية، وفي رأيي لأني كوزير عدل على اطلاع على هذا الدور. كان الدور الروسي مفيداً جداً لأنه سهّل لمجلس الأمن التوصل الى توافق، كان ولا يزال مدخلاً للتوافق اللبناني - اللبناني، فعندما اعترضت روسيا على بعض المواد التي كانت موجودة في المسودة الأولى والتي تثير تحفظات جهات سياسية في لبنان أو المنطقة، وأزالت هذه المواد، فإني أظن ان روسيا ساعدت في التوصل الى اتفاق". ورأى رزق ان"مواقف بعض الدول في مجلس الأمن، والخلافات تتأثر بدول في المنطقة لها تأثير على دول في المجلس. ومعروف ان روسيا تتعاطف الى حد ما مع سورية. لذلك أقول ان الملاحظات الروسية في مجلس الأمن جنبتنا خلافات مع الجار السوري، نحن في غنى عنها". ويقول:"لا نعرف ما الذي سيحصل غداً اليوم في مجلس الأمن لأن أنان أحال الملف، هل سيثار الموضوع أي الخلافات الداخلية وليس الرسالة في حد ذاتها، بمناسبة موافقة الحكومة اللبنانية على مسودة المحكمة، فالرسالة، كما نعرف جميعاً والأمم المتحدة تعرف وأنان أيضاً، تعكس وضعاً أوسع منها. وأنا أرجو ألا تكون الانقسامات حجة لدول في مجلس الأمن ليتعثر الموضوع". وحينما يسأل كوزير عدل عما إذا كان إقرار الحكومة المحكمة، قانونياً بالمعنى الدستوري، خصوصاً أن الخلافات تتناول التفسير الدستوري؟ يجيب رزق:"دستورياً بالمعنى التقني، طبعاً هو دستوري، طالما ان الأكثرية مؤمنة. لكن على الصعيد السياسي، كان يفضل ان يقر المشروع في حضور جميع الوزراء، وألا تحصل هذه الأجواء. غياب فئة كبيرة من الوزراء يضعف الحكومة سياسياً. دستورياً لا تزال الحكومة شرعية. إذا استمر هذا الانسحاب لشريحة كبيرة من الوزراء تمثل شريحة كبيرة من اللبنانيين، سيضعف شرعية الحكومة. لكن آلياً وآنياً، هذه الحكومة شرعية وقراراتها دستورية لا غبار عليها. وهذا لا يعني ان هذا الوضع يمكن ان يستمر، من جهة رئيس جمهورية لا يعترف بشرعية الحكومة وأكثرية في الحكومة لا تعترف بشرعيته منذ التمديد... هذا يدل كم ان المؤسسات اللبنانية مريضة وفي حالة تأزم كبير". وعن الحل لهذا الخلاف يدعو رزق الى وعي عمق الأزمة"التي تتألف من أزمات عدة متراكمة وهي تنم عن عجز كبير لدى الطبقة السياسية في فهم معطيات المجتمع السياسي اللبناني وتعدديته، فالتعددية اللبنانية الدينية والثقافية كانت ويجب أن تكون سبب قوة. فكون هذه الفئة اللبنانية تتعاطف مع قوة إقليمية معينة وغيرها مع قوة إقليمية أخرى، يمكن أن يجعل من هذه الطائفة أو تلك، ممراً يستفيد منه لبنان مع الخارج، بدلاً من أن يكون كما هو اليوم ممراً للخارج كي يستفيد هو من الواقع ويضعف لبنان". ويتابع:"لفتني تصريح لجهة خارجية أحترمها مرشد الثورة الإسلامية السيد علي خامنئي يقول ان لبنان أصبح ساحة لهزم أميركا، ويقابل تصريحات أخرى تقول ان لبنان ساحة لهزم سورية أو إيران. هذا يدل على عمق أزمتنا فإذا لم نغلّب ما يوحدنا، أي الجماعات المختلفة للمجتمع اللبناني، بحيث تستفيد من الخارج بدلاً من ان يستفيد منها الخارج، سيبقى انفتاحنا على الخارج وستكون تعدديتنا مصيبة بدلاً من أن تكون على العكس نعمة. وأظن أن من الصعب أن نرى في تاريخنا المعاصر فترة، يبرز فيها هذا بالوضوح التي تبرز فيه هذه الأزمة اليوم. هناك عجز كامل من الطبقة السياسية في إدراك ذلك، ولتفادي مخاطره ما جعلنا ساحة مشرعة على كل التدخلات الأجنبية. أنا ضد التدخل، بل مع الانفتاح الأجنبي، لكن على هذا الانفتاح أن تسبقه خريطة طريق لبنانية الى أين نحن ذاهبون وكيف نستفيد من انفتاح كل منا على جهة إقليمية وخارجية". ويرى رزق ان ما يخيف ويقلق"هو انعدام السياسة التي تعني في المجتمعات المتحضرة معالجة نزاعات الناس في شكل سلمي وبعيداً من شريعة الغاب. اليوم أصبحنا على قاب قوسين من حرب أهلية. وهذا مخيف. وعندما يعود كل واحد الى ما يسميه شارعه ونعود الى المتاريس التي كنا اعتقدنا اننا نبذناها، يكون دليل عجز لمؤسساتنا. الدليل الآخر لعجز نظامنا السياسي هو أنه بدلاً من أن تكون المؤسسات الدستورية لاستيعاب وامتصاص الخلافات، فهي تعززها وأصبحت أداة وتحارب بعضها بعضاً. رئاسة الجمهورية تحارب الحكومة التي تحارب الرئاسة. بالأمس وجّه كتاب من رأس الهرم ينفي شرعية المؤسسة الأخرى ويقول ان قراراتها غير شرعية. لا أريد أن أدخل في اللوم لكن هذا دليل مرض عميق في نظامنا، المعطّل. المؤسسات بدلاً من معالجة الأزمات أصبحت أدواته لزيادة التأزم. ماذا تريدون أخطر من ذلك؟". وعما إذا كان الحل الشامل بانتخابات نيابية مبكرة ورئاسية مع تغيير الحكومة؟ يشترط رزق"الاتفاق على ماهية نظامنا السياسي كالعام 1943، حين كان المسيحيون يريدون الانتداب الفرنسي والمسلمون يريدون الوحدة مع سورية، جرى اتفاق الميثاق الوطني وكل واحد ترك الجهة المرتبط بها وقررنا الاستقلال". ويضيف:"المطلوب منا رؤية، لقيام لبنان عام 2006، ويجب أن تسبق أي مبادرة سياسية. الانتخابات والحكومة وسائل لننفذ ما نتفق عليه نحن كمجتمع متحضر... العام 1943 اتفقنا وعملنا انتخابات وجاء بشارة الخوري ورياض الصلح. اليوم على أي أساس نجري انتخابات؟ قانون الانتخابات يفترض أن يحل الأزمة العميقة للنظام السياسي. من قال إذا حصلت، وإذا بقيت الأكثرية الحالية لن يستمر الاحتجاج، وانه اذا أصبحت الأكثرية أقلية فتسمي الأكثرية الجديدة بأنها أكثرية موقتة؟". ويتابع قائلاً:"في نهاية المطاف الأقلية ليست خارج النظام وتمارس دورها كمعارضة. عندنا المفارقة هي في أن الأقلية ترفض أن تكون معارضة وتريد أن تكون جزءاً من الحكم. هذا غير قابل للتنفيذ والاستمرار. أنا أفهم إقامة حكومة وحدة وطنية لعبور هذه المرحلة لكن يجب أن يستقر نظامنا على مبادئ واضحة... أكثرية تحكم وأقلية تعارض وليس أقلية تريد أن يكون لها جزء معطل للحكومة. لكن للخروج من الأزمة، لست ضد حكومة وحدة وطنية وأظن اننا سنصل اليها وهذا وارد، بتوسيع الحكومة الى 30 وزيراً كما يقال، لكنه حل مسكن لفترة. أما في المدى البعيد فيجب أن نعيد النظر كلياً في طريقة تعاملنا مع بعضنا البعض. ولا أقول تعديل الدستور، بل ممارسته كما هو". وحينما يقال لرزق ان توسيع الحكومة وارد لكن من دون اسمه لأن رئيس الجمهورية إميل لحود يرفض توقيع مرسوم يبقيه فيها، يجيب:"هل معقول هذا؟ هذا شرف كبير لي. لا أطلب كل هذا الاهتمام بي. وأنا ممتن لهذا الاهتمام. وربما يؤدي الى أشياء ربما الذين يأخذون هذا الموقف لم يحسبوها". ويعود رزق للحديث عن المحكمة الدولية مؤكداً ان"الأزمة السياسية إذا بقيت مربوطة بالمحكمة الدولية فإنها قد تدوم سنوات لأن المحكمة ستأخذ وقتاً. ان المحكمة تطمئن. وكما عاملنا لجنة التحقيق الدولية بهدوء لماذا لا نعامل المحكمة بهدوء أكثر. وإذا أرادت لجنة التحقيق أن تتهم أحداً من دون وجود المحكمة فهذا سيكون خطيراً جداً، بينما المحكمة صمام أمان للحؤول دون الانعكاسات الخطيرة". ويضيف:"أنا عندما أقول بإخراج المحكمة الدولية عن النزاعات السياسية، أعني اننا يجب أن ننظر إليها كأداة لتوحيد الناس. وأنا لا أفهم لماذا بعد التعديلات الأخيرة التي حصلت، لا سيما التي أدخلتها روسيا، والتي تطمئن الجميع. فهذه المحكمة كلاسيكية يطبق فيها القانون اللبناني. ورأيي انه بعد أن يكون الإجماع الوطني اللبناني قرر لجنة التحقيق الدولية التي ترأسها ديتليف ميليس والآن القاضي سيرج براميرتز، فإن دورها أكثر خطورة وإثارة لبعض المخاوف من المحكمة نفسها. ولنفترض ان بعض الشخصيات أو الأنظمة تخشى قرارات المحكمة، فإن الأنظمة لا تخشى الأحكام. ولنفترض لا سمح الله ان دولة بعيدة أدين في المحاكمة أحد مسؤوليها، فكيف تنفيذ الحكم؟ يكفي الاتهام الذي يأتي من المدعي العام لكن يبدأ من لجنة التحقيق أكثر من المحكمة لا سيما اننا أحطنا المحكمة بكل الضمانات وشروط النزاهة والكفاءة العلمية للقضاة ومن شأنها ان تكون من أفضل المحاكم التي شهدتها المحاكم الدولية والوطنية منذ فترة طويلة وستكون قمة من النزاهة والكفاءة. أظن ان بعض المخاوف غير مبررة بالنسبة الى المحكمة. قد تكون أكثر تبريراً بالنسبة الى اللجنة، التي لا يعترض عليها أحد. وهذه المفارقة".