لم تنجح الاتصالات في فتح ثغرة في الجدار الذي وصلت اليه العلاقة بين الأكثرية ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، تعيد الاعتبار لجلسات التشاور على رغم ان جهات دولية دخلت على الخط، لكنها اخفقت في التحدث الى بري بعد ساعات على انتقاله من بيروت الى طهران. وعلمت"الحياة"ان الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان الذي كان اتصل الأحد الماضي برئيس الحكومة فؤاد السنيورة، حاول التحدث الى بري لكنه لم يفلح في التواصل معه، فاستعاض عن المكالمة الهاتفية بتكليف ممثله في لبنان غير بيدرسون مهمة الاتصال بمسؤولين في حركة"أمل"وپ"حزب الله. وبحسب معلومات اوساط مطلعة، ابدى السنيورة استعداداً لتأجيل جلسة مجلس الوزراء أملاً في ان تفتح الباب امام العودة الى التواصل بين الاكثرية وبري، خصوصاً بعدما رفض الكتاب الذي تبلغه من رئيس الجمهورية اميل لحود بعدم دستورية الجلسة وشرعيتها، لأن مجرد موافقته عليه يعني انه أقر بمضمونه. وأشارت الاوساط الى ان بيدرسون نقل الى المسؤولين في"أمل"وپ"حزب الله"اقتراح السنيورة التأجيل فأبلغوه انهم غير معنيين بموعد عقدها وان سبب استقالة الوزراء الشيعة إصرار الاكثرية على رفض تشكيل حكومة وحدة وطنية تعطى فيها الاقلية"الثلث الضامن"ولا علاقة لهذه الاستقالة بالجلسة. وقالت الاوساط نفسها إن"امل"لم تكن مع الدعوة الى عقد جلسة مجلس الوزراء وتميز بين هذه الدعوة وبين موقفها الداعم لتشكيل المحكمة الدولية لمحاكمة المتهمين في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وأضافت:"الأكثرية لم تدرك المعنى المترتب على استقالة الوزراء الشيعة لجهة انها البديل من النزول الى الشارع بعدما كان الامين العام لپ"حزب الله"السيد حسن نصر الله حدد الاثنين في 13 تشرين الثاني نوفمبر الموعد النهائي للجوء الى الشارع كإطار يعبر عن أقصى درجات الاحتجاج السياسي على موقف الاكثرية الرافض لتشكيل حكومة وحدة وطنية على قاعدة اعطاء الثلث الضامن للتحالف الشيعي والتيار الوطني الحر بزعامة العماد ميشال عون". وتابعت:"الاستقالة لم تكن تستهدف المحكمة الدولية كما حاولت الاكثرية ان تشيع، بل الضغط كبديل من اللجوء الى الشارع للوصول الى تسوية حول حكومة الوحدة الوطنية". وسألت الاوساط نفسها الاكثرية عن الاسباب التي دفعتها"الى التفلت من مواقفها الايجابية حيال بري، وهي كانت تتحدث قبل ايام عن رئيس المجلس على انه يشكل نقطة توازن في اللعبة السياسية وانه القادر على لعب دور فاعل ليس في الحفاظ على الاستقرار السياسي فحسب وانما في انتاج تسوية بين جميع الاطراف، لكنها سرعان ما انقلبت على موقفها وأخذت تتهمه بأنه يتلقى تعليماته من المحور السوري - الايراني في اشارة الى ما تضمنه البيان الاخير لقوى 14 آذار". ونقلت هذه الاوساط عن مصادر في"أمل"ان بري"طُعن في الظهر من الاكثرية وانه لا يريد تسليط الاضواء على ما دار في الاجتماع الذي كان يعقده اثناء المشاورات مع وفد"حزب الله"عندما دخل عليهم رئيس كتلة"المستقبل"النائب سعد الحريري". وعزت السبب الى ان"أمل"،"لا تريد ان تحرج الحريري، لكنها تعتقد بأن المسؤولية تقع على عاتق الأكثرية في ايصال المشاورات الى طريق مسدود". وتابعت ان لا اعتراض من قبل بري على المحكمة الدولية وهو أول من أيد قيامها،"لكن الاكثرية ارادت ان توحي من خلال جلسة مجلس الوزراء بأنها قادرة على ان تحكم وحدها من دون الآخرين وان في مقدورها الاستمرار على رأس السلطة التنفيذية من دون إشراك الشريك الآخر". ورداً على سؤال، اكدت الاوساط عينها ان المعارضة"تدرس حالياً الطرق التي ستتبعها للتعبير عن رفضها مبدأ التفرد في السلطة". وقالت ان تحديد موعد التحرك على الارض"لا ينتظر استكمال الاستعدادات وانما لرغبة في التريث لسببين: عدم استعجال التحرك كي لا يقال انه يأتي رداً على المحكمة الدولية التي لم تكن وراء استقالة الوزراء الشيعة، ومواكبة ما سيترتب من مفاعيل سياسية على قرار الاستقالة الذي يجب ان يأخذ مداه في اطار تشديد الهجوم على الأكثرية". وأوضحت الاوساط ان القوى الاساسية في المعارضة تميز بين اتباع اقصى اساليب الاحتجاج السياسي على اقصاء قوى اساسية من المشاركة وبين جر البلد الى الفوضى وصولاً الى المجهول"، مؤكدة ان المعارضة"مسؤولة كغيرها عن البلد، وليست في وارد الاساءة الى السلم الاهلي. على رغم انه لن يكون في مقدور احد ضبط ايقاع الشارع وهذا ما يرتب علينا مسؤولية لقطع الطريق على من يحاول الانحراف بالتحرك باتجاه تهديد الامن العام في البلد". ولم تستبعد احتمال تعديل المعارضة جدول اعمالها تتجاوز فيه مطلبها بالثلث الضامن في حكومة الوحدة الوطنية الى مطالب اخرى"يجب عدم الاستهانة فيها". وإذ تصر الاوساط نفسها على عدم الدخول في تفاصيل المقصود من تعديل جدول اعمالها، استغربت ما يشاع عن وجود نيات قد تقود الى اتخاذ قرار بالانسحاب من اللجان النيابية، والانسحاب من البرلمان او دعوة المديرين العامين الى الاستقالة من وظائفهم في الادارات العامة والمؤسسات الرسمية. وقالت الاوساط المراقبة ان الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء، وان كانت مخصصة لإقرار مشروع انشاء المحكمة الدولية،"فإن من استعجل الدعوة اليها اراد ان يمرر رسالة للمعارضة بأنه لا حاجة لمشاركتها، وهذا يرتب على الاكثرية ان تتحمل المسؤولية وحدها بعدما زجت البلد في مأزق يستدعي منها وحدها البحث عن المخرج لتفادي الاستمرار فيه، خصوصاً انها كانت وراء الانقلاب على مبادرة بري الذي حاول جاهداً البحث عن تسوية للحؤول دون الوصول بالبلد الى ما وصل اليه على يد الأكثرية".