لا يزال نمط "شلل" الاصدقاء المختلطة بين ذكور وإناث ظاهرة غير متفق عليها في المجتمع الأردني على رغم شيوعها في الآونة الأخيرة. فمسألة الصداقة بين الشباب والفتيات عموماً متنازعة بين قيود اجتماعية وأحكام أخلاقية من جهة وأفكار تحررية ومحفزات إعلامية من جهة أخرى. وتبرز عوامل الانفتاح وانتشار الجامعات كعوامل أساسية للظاهرة، لكنها في المقابل تصطدم بالدين والتقاليد في بلد يسجل سنوياً عشرات الحالات من قتل الفتيات بحجة"الدفاع عن الشرف". ويبدو أن شكل الشلل الجديد نأى عن الصورة النمطية للعلاقة بين الشاب والفتاة والقائمة غالباً على الحب أو الزواج مباشرة. شلة شادي مثلاً تضم ثلاثة شبان وأربع فتيات، يعتبرهن شادي"صديقات ليس إلا"، مؤكداً أنه"تحدث إليهن عن إعجابه بفتاة ذات مرة وأخذ بنصيحتهن للتقرب منها". شبان وفتيات يحملون أفكاراً متوافقة، ويملكون هوايات متشابهة يمارسونها معاً ما يمهد لتمتين العلاقات بينهم. ويقول شادي الطالب الجامعي:"أعضاء شلتي يحبون لعب الورق ونحن نمضي أكثر من ثلاث ساعات يوميا حول طاولة اللعب، ساعات يتخللها الضحك والحديث وحتى الشجار". وعلى رغم شيوع نمط الشلل المختلطة في الآونة الأخيرة لا ينفي ذلك وجود تيار محافظ يرفضه بشدة. فمروى 27 سنة ترى ان ذلك النوع من الشلل"مسخرة"، وتقول:"ليس مقبولاً أن تذوب الحواجز بين الفتيات والشبان إلى هذا الحد، وتبلغ العلاقة بينهم هذه الدرجة من الحميمية".وتشكك مروى بوجود علاقات"بريئة"بين أعضاء الشلة. وينحو رائد 29 سنة منحى مروى في رفضه للشلل المختلطة من منطلق ديني على رغم أنه يتحفظ عن فكرة"صعوبة التحكم بالغرائز". ويتوقف رائد كذلك عند تفسير الظاهرة، فهو يرى أن محتوى الفضائيات خلخل القيم المجتمعية وخفف من قيودها على سلوك الأفراد، ضارباً مثلاً"برامج تلفزيون الواقع"التي جعلت معيشة الشبان والفتيات تحت سقف واحد أمراً"عادياً ومأمون النتائج". ولعب ظهور المدارس والجامعات المختلطة دوراً كبيراً في تقبل المجتمع لتشكل شلل من الجنسين. تقول شيماء:"من الطبيعي أن أنضم الى شلة ينتمي إليها شباب، فقد رافقوني منذ الطفولة"درست في مدرسة مختلطة ثم الجامعة وها أنا أعمل في شركة معظم موظفيها من الرجال". وعلى رغم الحماسة الكبيرة التي يبديها أعضاء الشلة الواحدة في الدفاع عن تلاحمهم وعلاقتهم"البريئة"ثمة أوقات تحتاج فيها فتيات الشلة كما شبانها الى الاختلاء بأبناء جنسهم. فتلمح دانا طالبة جامعية إلى أنها تنفرد أحياناً بصديقتها هلا لتسر إليها بأمور ما زالت تخجل من مكاشفة الشبان بها. والأمر ينسحب على الشبان كذلك، يقول رامي وهو من شلة دانا:"أحياناً أرسل رسالة نصية لصديقي على رغم أننا نجلس معاً لأعلق على أمر ما". واللافت، أن الشلل المختلطة ليست حكراً على أبناء المدن فتشكلها في الجامعة ينسحب على أبناء القرية والبادية ممن يرتادون الكلية نفسها. لكن ذلك يؤدي الى انفراط عقدها بمجرد مغادرة الحرم الجامعي خشية"القيل والقال". يقول لافي وهو طالب جامعي أنه يتحرر من تلك القيود في الجامعة فيصادق الفتيات لكنه يسعى الى أن تكون علاقات محصورة لا تخرج عن أسوار الجامعة.