رحلات ممتعة تلك التي تنظمها «الكروبات» أو المجموعات الشبابية في العراق اثناء العطلة الصيفية، فالسياحة الجماعية ما عادت تقتصر على العائلات بل بدأت تأخذ طابع تجمعات الأصدقاء، وبات الشباب يميلون الى الخروج مع شلتهم بدلاً من الأهل والأقارب. وعلى رغم ان غالبية تلك المجموعات تقتصر على الشباب الذكور، الا ان بعض العائلات تسمح للفتيات بالانضمام اليها والقيام برحلات مشتركة الى المواقع السياحية في كردستان مثلاً شرط مرافقة احد الأشقاء الصغار او احد افراد العائلة الى الرحلة كنوع من الحرص. وتخضع هذه المسألة الى مؤامرات خفية في الكثير من الأحيان تحاك بعيداً من عيون الأهل يدبرها الشباب في ما بينهم للحصول على المساندة في اقناع العائلة بالموافقة على الانضمام إلى رحلة ما، خصوصاً بالنسبة الى الفتيات اللواتي يواجهن الرفض في غالبية الأحيان. ويساند بعض الشباب شقيقاتهم أمام الأهل بعد اتفاق سري بينهما بأن تتحمل هي بعض نفقات الرحلة، فيما يعترض آخرون معتبرين الأمر «مساً برجولتهم». فمن العيب ان تخرج شقيقتهم مع مجموعة مختلطة لقضاء وقت طويل خارج المنزل. وإذا ما ارادت ان تقوم برحلة سياحية فعليها ان تقنع العائلة بالقيام بها والانضمام اليها بدلاً من البحث عن رفاق آخرين. وينظر بعض الشباب من الذكور الى انضمام شقيقاتهم الى المجموعات الشبابية كنوع من «الفلتان» والتمرد على التقاليد والأعراف على رغم انهم انفسهم لا يمانعون مرافقة فتيات أخريات لهم في تلك الرحلات. ويلجأ بعض الشباب الى الشركات السياحية التي تتقاضى اجوراً في مقابل تنظيم الرحلات وتجنب أفرادها النفقات الإضافية فيما لو نظموا تلك الرحلات بأنفسهم. ويبدو الجو الجامعي الأنسب لتشكيل المجموعات الشبابية المختلطة خصوصاً مع اقتراب العطلة الصيفية حيث يفتقد الطلاب من الجنسين مثل تلك المشاريع بعد التخرج والانشغال بهموم الحياة اليومية، فضلاً عن ضعف التواصل بين افراد الشلل بعد الزواج. ويقول محمد جاسم (27 سنة) وهو طالب دراسات عليا في جامعة بغداد ان العمر الافتراضي للشلل المختلطة في العراق قصير بالمقارنة ببلدان اخرى. فغالبية تلك الأواصر تولد وتنتهي داخل أسوار الجامعة، وإن كان هناك تواصل لاحق يقتصر على الشباب دون الفتيات. ويضيف: «غالبية الفتيات يعزفن عن التواصل مع الشلة بعد الزواج تحسباً لغيرة الزوج، بل ان بعضهن يتجنبن تبادل السلام مع زملاء سابقين إذا التقينهم في الأماكن العامة». ويرى محمد ان التجاهل بعد التخرج خصوصاً بعد الزواج لا يقتصر على الفتيات فالتقاليد السائدة في المجتمع تعيق الفتيات والشباب معاً من التواصل الاجتماعي بعد فترة الدراسة. وغالباً ما يقطع الشبان علاقاتهم مع شلتهم بعد الزواج خوفاً من افتضاح امرهم أمام الزوجة، لاسيما ان هؤلاء يكونون على علم بكل المغامرات العاطفية التي سبقت الارتباط. وتؤكد اسيل ناصر (31 سنة) ان التواصل مع الشلة يخضع لطبيعة التنشئة الاجتماعية والأسرية. فالعائلات الأكثر وعياً وانفتاحاً تسمح للشباب والفتيات بالتواصل مع اصدقائهم بعد التخرج والزواج. اما اذا كان الشباب ينتمون الى عائلات محافظة ومتشددة، فإن علاقتهم تلك تبقى طي الكتمان وتنتهي في وقت قصير وإن كانت علاقة صداقة وزمالة فحسب. وتضيف: «المشكلة تكمن في عقلية بعض الشبان الذين ينخرطون في تلك الشلل ويحرمون شقيقاتهم من الانضمام اليها. بل ان بعضهم ينظر الى زميلاته داخل الشلة نفسها بنوع من الاستغراب. لكنها ليست حالة عامة فغالبية الطلاب تفهموا معنى الشلة والصداقة بين الجنسين حتى انهم باتوا يميلون إلى اخراج الشباب من ذوي العقليات الضيقة في حال فشلوا في احتوائهم». لكن في مطلق الأحوال، تؤيد اسيل محمد اختصار عمر الشلل الشبابية في العراق، باعتبارها تجمعات مرحلية ناتجة من جو الاختلاط الجامعي غالباً ما تتشتت بعد التخرج.