خلف الأسوار التي تحيط بمدينة أريحا في الضفة الغربية، يجري تحويل قطعة أرض جافة مساحتها تقدر بنحو 16 فدانا الى ساحة جديدة لتدريب قوات موالية للرئيس محمود عباس. وتأتي هذه التدريبات في وقت عرضت اميركا 20 مليون دولار لتعزيز قوات الرئاسة وتوليها الامن في معبر"المنطار"للبضائع بين غزة واسرائيل. وتدعم الولاياتالمتحدة وحلفاؤها قوة الحرس الرئاسي التابعة لعباس كثقل محتمل مضاد لافراد حركة"حماس"الذين يقودون الحكومة ويعكفون حالياً على تشكيل"قوة تنفيذية"خاصة بهم تابعة لوزارة الداخلية. وزادت المخاوف من حدوث مواجهة حتمية بين الفصائل المتناحرة الاسبوع الجاري بعد نشوب اقتتال داخلي هو الاسوأ منذ حصول الفلسطينيين على قدر من الحكم الذاتي عام 1994، اسفر عن مقتل أحد أفراد الحرس الرئاسي. وأصبح تعزيز قوة الحرس الرئاسي بنسبة نحو 70 في المئة جزءاً محورياً من السياسة الاميركية منذ تغلبت"حماس"على حركة"فتح"التي يتزعمها عباس في الانتخابات التشريعية التي جرت في كانون الثاني يناير وتولت السلطة. وبينما تؤيد"فتح"فكرة اقامة دولة الى جانب اسرائيل، يدعو ميثاق"حماس"الى القضاء على الدولة اليهودية. ويقول مسؤولون فلسطينيون واسرائيليون انه خلافا لقوات الامن التي تتبع الحكومة التي تقودها"حماس"، فان الحرس الرئاسي يتلقى مساعدات غربية تشمل تدريبات أميركية ومعدات أوروبية وأسلحة مصرية وأردنية. وقالت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس بعد الاجتماع مع عباس في الضفة الغربية اول من امس انهما ناقشا ضرورة تحسين مستوى القوات الامنية التي تتبعه. وتقضي الخطط الاميركية بتخصيص نحو 20 مليون دولار لتعزيز قوات عباس. وقال ديبلوماسيون ان التمويل الدولي سيساعد في الانتهاء من بناء معسكر التدريب في أريحا وبناء آخر في غزة. واوضح ديبلوماسي غربي يعمل مع عباس على تطبيق هذه الخطة:"انهم يزدادون حجما ويفعلون المزيد في صمت"، علماً ان عدد أفراد الحرس الرئاسي ارتفع منذ تولي"حماس"السلطة من 2500 عنصر الى ما بين 3500 و4000 آلاف يتلقون تدريباتهم في الضفة الغربيةوغزة. ويقول ديبلوماسيون غربيون مطلعون على خطط عباس انها تهدف على المدى القريب الى تشكيل قوة قوامها ستة آلاف فرد. لكن قوة الشرطة الجديدة التابعة ل"حماس"نمت أيضاً، إذ ان هناك نحو ثلاثة الاف اسم في جدول الرواتب. لكن"حماس"تقول ان عدد أفراد القوة بلغ الآن 5600. ويعتقد بعض الديبلوماسيين الغربيين أن موجة من أعمال القتل التي استهدفت قوات أخرى ينظر اليها على أنها موالية ل"فتح"، رجحت كفة ميزان القوة العسكرية لصالح"حماس". ولم يتضح متى سيحصل عباس على الأموال لزيادة عدد أفراد الحرس الرئاسي ولمعسكر التدريب الجديد في أريحا الذي يقع بين مصنع معادن وناد لركوب الخيل. فالقيود التي يفرضها الكونغرس قد تجعل من الصعب على الولاياتالمتحدة تسديد هذه الاموال. وقال ديبلوماسيون ان واشنطن قد تدفع نحو نصف المبلغ، ثم تقنع مانحين أوروبيين وعرباً وآسيويين بدفع الباقي. واوضح ديبلوماسيون انه رغم قطع المساعدات الاجنبية المباشرة عن الحكومة الفلسطينية التي تقودها"حماس"، فإن عباس تلقى ما لا يقل عن 250 مليون دولار من مانحين عرب وأوروبيين خصص معظمها لدفع الرواتب المتأخرة لموظفي الحكومة. وفي معسكر التدريب الجديد في أريحا، أخذت جرافة تمهد الارض للثكنات المصممة لاستيعاب 500 مجند جديد. وكان في الموقع عدد من أساسات المباني، ووصل بناء حوائط البعض حتى النصف. وافاد الرائد أبو زيد وهو مسؤول كبير بالحرس الرئاسي في أريحا ان من المقرر الانتهاء من العمل في المعسكر بحلول كانون الثاني المقبل. وقال ديبلوماسي غربي ان الحرس الرئاسي جند مهندسيه المدنيين والمعماريين للحد من النفقات. وسعت واشنطن لابعاد الاضواء عن هذه المساعي لتفادي انتقاد الرأي العام لعباس الذي يتهمه فعلا بعض قادة"حماس"بأنه يخدم مصالح حليفة اسرائيل. وافادت مصادر في الحرس الرئاسي بأنه خلال فصل الصيف عمل فريق من المدربين الامنيين الاميركيين سرا مع أفراد الحرس الرئاسي في معسكر تدريبهم الحالي المقام على أرض مساحتها نحو 1.2 فدان في أريحا. ورفض مسؤولون أميركيون التعقيب. وحض مسؤولون أميركيون اسرائيل على السماح للحرس الرئاسي بتلقي أسلحة وذخيرة جديدة من مصر والاردن. وتريد الولاياتالمتحدة الآن أن تتولى قوة عباس المسؤولية الامنية الكاملة على الجانب الفلسطيني من معبر المنطار التجاري بين غزة واسرائيل، وتحاول حمل الدول الاوروبية على ارسال مراقبين. وتجوّل مساعدو المنسق الامني الاميركي اللفتنانت جنرال كيث دايتون بين اسرائيل والفلسطينيين اخيرا في معسكرات التدريب مع ديبلوماسيين من هولندا على أمل أن يوافقوا على تمويل المنشأة، لكن هولندا امتنعت عن تقديم التمويل. وقال واحد من الديبلوماسيين المشاركين:"ليس هذا هو الوقت المناسب لبناء منشأة تدريب بهذا الحجم لا تشمل أجهزة الامن الاخرى". وأضاف أن هولندا تفضل تقديم الدعم لعباس بأشكال أخرى مثل مساعدته في تحسين الوضع الامني عند معبر المنطار.