على رغم انتهاء سباق الدراما الرمضانية، فإن هناك صراعاً من نوع آخر ما تزال تشهده الصحف المصرية والقنوات الفضائية والإذاعات حول اختيار الأفضل والأسوأ بين ما عرض على الشاشات. وقد أجمع النقاد في اختياراتهم على أن مسلسل"حدائق الشيطان"هو أفضل عمل درامي بث في رمضان، يليه"سكة الهلالي"و"حضرة المتهم ابي"على رغم نقاط ضعف العملين. وبالنسبة الى الممثلين فإن الفنان السوري جمال سليمان احتل المرتبة الأولى كأفضل ممثل في الدراما المصرية لهذا العام ومن بعده يأتي النجمان المصريان يحيى الفخراني ونور الشريف. وبين الممثلات جاءت الفنانة منة شلبي في أعلى القائمة عن دورها المتميز في مسلسل"سكة الهلالي"تليها النجمة زينة عن دورها في"حضرة المتهم أبي"ثم سمية الخشاب في"حدائق الشيطان". رهان النجومية الاكيد انه لا يوجد نجم يريد أن يكرر نفسه، او يقدم عملاً يسيء الى رصيده، خصوصاً إذا خانه التقدير في عمل سابق، ولعل هذا هو حال النجم المصري يحيى الفخراني الذي يملك رصيداً من الثقة والاحترام عند الجمهور العربي، وسبق وقدم الكثير من الاعمال الجيدة مثل"ليالي الحلمية"و"زيزنيا"و"الليل وآخره"و"نصف ربيع الآخر"وغيرها، من دون أن يوفق في مسلسله ما قبل الأخير"المرسى والبحار". من هنا راهن بقوة على مسلسل"سكة الهلالي"خصوصاً ان العمل يتناول أحداثاً معاصرة: الانتخابات المصرية لعام 2005. وللاسف فإن المسلسل الذي بدا متماسكاً في جزئه الأول، سرعان ما خضع للتلفيق الدرامي والتحولات غير المنطقية وغير المبررة بالنسبة الى بناء الشخصيات. فمثلاً في إحدى الحلقات شاهدنا د-مصطفى الهلالي غيّر قناعاته وأصبح شخصية استغلالية وانتهازية من دون سابق إنذار، ثم في الحلقة التالية يعود الى رشده من دون أن نفهم السبب. والأكيد ان حب الجمهور المفرط للفخراني وقدرته على الامساك بخيوط الشخصية، انقذاه من غضب المشاهد نظراً الى الاستسهال وعدم المنطقية اللذين شابا العمل في الكثير من حلقاته- الحال نفسه تكرر مع النجم المصري نور الشريف، الذي وان جاء مسلسله اكثر تماسكاً من مسلسل الفخراني، فإن الكثيرين عابوا عليه خضوعه واستسلامه لكاتب السيناريو والمؤلف محمد جلال عبد القوي، الذي فرض ابنه احمد عبد القوي في دور البطولة على رغم ادائه الضعيف وعدم تمتعه بموهبة تؤهله للتعامل مع شخصية مليئة بالتناقضات ومركبة درامياً مثل شخصية الإبن الضال... ما أضعف المسلسل وحرمه من الحصول على المرتبة الاولى في سباق المسلسلات. رابحون واللافت أن بعض الرابحين في هذا الموسم هم نجوم عادة ما نشاهدهم في السينما والتلفزيون في ادوار ثانية، ولكن من خلال مساحتهم الدرامية وموهبتهم يشعرونك بأنهم اصحاب البطولة المطلقة في ما قدموا. ومن أبرز النجوم الذين يعاد اكتشافهم مع كل عمل جديد، احمد راتب وصلاح عبد الله وخيرية احمد. وقدم احمد راتب في هذا الموسم شخصية مكيافيللية في مسلسل"سكة الهلالي": شخصية رضوان الكومي المنافق المستغل الذي لا يتردد في ارتكاب الآثام للوصول الى هدفه. وقد ارتفع راتب بأدائه الى درجة جعلت المشاهد ينفر من الشخصية، وهنا تبرز موهبة الممثل الذي يملك القدرة على التلون في الاداء. يتكرر الامر نفسه مع الفنان صلاح عبد الله الذي تستهلكه السينما المصرية في ادوار نمطية لا تضيف اليه جديداً. إذ أطل علينا في الأيام الماضية بثلاثة اوجه مختلفة: عطية الساعاتي رجل الاعمال والبرلماني الناقد "سكة الهلالي"، وعوض مرافق جمال سليمان المخلص "حدائق الشيطان"، وجزرة المستغل "سوق الخضار". وفي كل شخصية من الشخصيات الثلاث أثبت عبد الله مقدرة واداء تمثيلياً كبيرين، يؤكدان موهبته التي لم تستغل جيداً بعد. وكما حققت منة شلبي نجوميتها في زمن قياسي في السينما، ها هي تفعل الامر نفسه في التلفزيون، إذ اتضح أنها من اكثر الفنانات الشابات اتساقاً مع نفسها. ونعرف أنها لا تضع شروطاً لاختيار الدور، فالمهم بالنسبة إليها هو مضمون الشخصية، وما ستضيفه الى رصيدها الفني. وقد أجادت في تقديم دور نانسي في"سكة الهلالي"صاحبة التحولات الدرامية من فتاة منفلتة مدمنة لا تجد القدوة او من يردعها الى فتاة جادة تبحث عن حياة حقيقية يملؤها الدفء من دون ان تخشى ان يقال عنها انها"ابنة راقصة ومشكوك في نسبها". وهكذا نجحت منة في التحدي الذي وضعته لنفسها بوقوفها امام النجم يحيى الفخراني، هي التي تحلم منذ زمن أن تشارك الفخراني احد أعماله. إذ تميزت بجرأة كبيرة، ولم تخش الإطلالة امام الكاميرا من دون ماكياج، لتثبت انها تزداد نضجاً فنياً يوماً بعد يوم. ومن النجمات الشابات اللواتي لفتن الأنظار ايضاً الفنانة زينة التي جسدت دور"هنا"الفتاة الآتية من الريف المصري الى المدينة في"حضرة المتهم أبي". وقد لاقت هذه الشخصية استحسان الجمهور على رغم نهايتها الكئيبة. أياً يكن الامر لن يبقى بعد فترة زمنية قليلة في ذاكرة المشاهد بين كل ما قدمته الشاشة الصغيرة إلا نجوم أعيد اكتشافهم وآخرون صاروا نجوماً... وهذا هو الأهم.