أبلغ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي السفير الاميركي في العراق زلماي خليل زاد انه"صديق لاميركا وليس رجلها في العراق". وجاء هذا الاعلان بعد اصدار المالكي وزاد بياناً مشتركاً مساء الجمعة اعلنا فيه الاتفاق التام على تحقيق"الاهداف المشتركة"التي ستتيح للعراق ان يكون دولة"ديموقراطية مستقرة"وذلك بعد ايام من الخلاف العلني بين الحكومة العراقية والادارة الاميركية، سببه ضغوط واشنطن على المالكي للقبول بتحديد جدول زمني للاصلاح السياسي ونزع اسلحة الميليشيات. اعلن عضو البرلمان العراقي حسن السنيد، الذي تحدث الى رئيس الوزراء العراقي بعد لقائه السفير الأميركي، أن المالكي اكد لزاد انه"صديق للولايات المتحدة وليس رجلها في العراق". ويتعرض المالكي لضغوط من جانب الاميركيين الذين حاولوا دفعه الى القبول بتحديد جدول زمني للاصلاح السياسي ونزع اسلحة الميليشيات عشية انتخابات الكونغرس التي يواجه فيها الجمهوريون منافسة شديدة من جانب خصومهم الديموقراطيين، خصوصاً بعد تراجع تأييد الأميركيين للحرب على العراق وتزايد المطالبة بسحب الجنود الأميركيين بسبب استمرار تدهور الأوضاع الأمنية في هذا البلد. وقال السنيد ان"المالكي يرفض تحديد اي جدول زمني لا يأخذ في الاعتبار الظروف الموضوعية الامنية في البلاد". ونقل السنيد عن المالكي قوله"انا رجل منتخب من خلال انتخابات عامة وبرلمان منتخب. ويجب التنسيق الامني معي في اتخاذ القرارات الامنية وألا يكون القرار متفرداً من قبل اميركا". واضاف ان"الاميركيين يحاولون حمل رئيس الوزراء على اتخاذ قرارات امنية صعبة وهو يرى انها غير مناسبة بهذا الوقت". واشار السنيد الى ان رئيس الوزراء مهتم بأن يُقنع الرئيس الاميركي والمسؤولين في ادارته بالحصول على دعم الولاياتالمتحدة في تطوير قوات الامن العراقية حسب التزامها ودعم مشروع المصالحة الوطنية. وتابع"ان المالكي مهتم بأن يُقوّم مع الاميركيين الظروف الامنية ومشروع تمديد بقاء القوات الاجنبية في العراق". وشدد السنيد على ان"المالكي يؤكد ان قرار التمديد يجب ان يمر من خلال البرلمان". اتفاق تام وكانت السفارة الأميركية في بغداد نشرت بياناً مشتركاً صادراً عن الحكومة العراقية والسفارة الأميركية اثر اجتماع المالكي وخليل زاد مساء الجمعة أكد"الاتفاق التام"بين الطرفين لتحقيق الاهداف التي ستتيح للعراق ان يكون دولة"ديموقراطية مستقرة". وأضاف ان الحكومة العراقية"ملتزمة بالعمل على اقامة علاقات جيدة ومتينة مع حكومة الولاياتالمتحدة ... لاقامة عراق ديموقراطي ومستقر ومواجهة التحديات الارهابية في اطار التحالف الاستراتيجي بين البلدين". واعلنت الولاياتالمتحدة في البيان"استعدادها الكامل"لمساعدة الحكومة العراقية على تحقيق اهدافها حسب"الجدول الزمني"الذي وضعته الحكومة العراقية التي بدورها"ترحب بدعم الولاياتالمتحدة في الوقت الذي تمضي فيه قدما في تنفيذ خططها للمصالحة الوطنية وتعزيز قوات الامن العراقية". وفي مسعى على ما يبدو لتبديد الجدل الذي اثير في الايام الماضية حول مطالبة الادارة الأميركية بغداد بالتزام"جدول زمني"لبرنامج عملها في شأن ارساء الاستقرار في العراق، اكد البيان ان"الحكومة العراقية أوضحت المسائل التي يفترض ان تُحل مع جدولها الزمني". واكد البيان ان"حكومة الولاياتالمتحدة تدعم بالكامل هذه الاهداف وستُقدم مساعدتها لانجاحها". وتابع:"في الوقت الذي نُقر فيه بوجود صعوبات فاننا ندرك أن شراكتنا القوية المستمرة ستتيح لنا التصدي للتحديات التي تواجه العراق". وبعد صدور البيان قال مسؤول عراقي ان موقف الحكومة لم يتغير، مشيراً الى الاستياء من التصريحات الاميركية التي فسرت في بغداد على انها جزء من"برنامج انتخابي"في الولاياتالمتحدة. وقال"ليس من حق أحد ان يفرض علينا اي برنامج زمني". وظهرت مؤشرات الخلاف بين بغدادوواشنطن حين اعلن السفير الاميركي في العراق الثلثاء ان الحكومة العراقية وافقت على"برنامج عمل"وفقاً"لجدول زمني"تم الاتفاق عليه مع واشنطن. ورد المالكي، الذي بدا عليه الانزعاج من تصريحات زاد، في اليوم التالي ان حكومته لم توافق على اي جدول زمني يحدد القرارات الواجب اتخاذها لارساء الاستقرار في العراق، وانه لا يمكن لاحد ان يفرض ذلك. وأوضح المالكي"الجميع يعلم ان هذه الحكومة هي حكومة ارادة شعبية وليس لأحد الحق ان يضع لها جدولا زمنيا"، مؤكدا"الحكومة منتخبة من الشعب ... ومن حق الشعب الذي انتخبها فقط ان يتحدث في مسألة جدول زمني". وطغى الجدل في شأن لهجة الحديث، والى أي مدى يستجيب المالكي لنفاد صبر واشنطن ازاء جهود كبح جماح الميليشيات الطائفية، على الحملة الانتخابية للكونغرس في 7 تشرين الثاني نوفمبر المقبل التي قد يخسر فيها الجمهوريون السيطرة على مجلسي النواب والشيوخ. ويقول بعض المعارضين انه يتعين سحب القوات الاميركية بسرعة فيما ينزلق العراق الى حرب أهلية في ظل وجود حكومة غير فاعلة. وبدا أن البيان يهدف الى تبديد الانطباع بتزايد الخلافات بين واشنطن وحلفائها العراقيين. وكان الرئيس جورج بوش قال في وقت سابق هذا الاسبوع انه سيستمر في مساندة المالكي"ما دام يواصل اتخاذ قرارات صعبة". ورد المالكي منتقداً السياسة الأمنية الأميركية في بلاده، مشيراً الى ان قوات الامن العراقية بحاجة الى مزيد من الاسلحة وحرية المناورة كي يتمكن من اتخاذ هذه"القرارات الصعبة". وتطالب واشنطن المالكي بقمع"فرق الاعدام"التابعة للميليشيات الشيعية التي يُنحى باللائمة عليها في كثير من جرائم القتل. وقالت منظمة مراقبة حقوق الانسان"هيومان رايتس ووتش"التي تتخذ من نيويورك مقراً لها ان مئات الاشخاص يتعرضون شهرياً للخطف والتعذيب والقتل على أيدي"فرق الاعدام"التي يُعتقد انها تضم افراداً من قوات الامن. وقالت مديرة ادارة الشرق الاوسط في المنظمة سارة لي ويتسون:"تشير الادلة الى ان قوات الامن متورطة في هذه الجرائم المروعة، والى الآن لم تعتبرهم الحكومة مسؤولين". وغامرت القوات الاميركية أول من أمس بدخول مدينة الصدر شرق بغداد معقل ميليشيا"جيش المهدي"التابع للزعيم الشيعي مقتدى الصدر بحثاً عن جندي أميركي مخطوف بعد يومين من قيامها بعملية أخرى في المنطقة ذاتها أدت الى مقتل 10 واعتقال 13 وتسببت في زيادة التوتر مع الحكومة العراقية. وداهمت القوات العراقية والاميركية ايضا مكتباً للصدر في شرق بغداد واعتقلت ثلاثة من المشتبه بهم في عملية تفتيش منفصلة عن الجندي. وتعتمد حكومة المالكي على تأييد الكتلة الصدرية 30 نائباً في البرلمان وتكافح لايجاد توازن بين المطالب المختلفة للأطراف المشاركة في الحكومة.