"الوضع كان لا يطاق ولم يكن أمامي خيار"، يقول شمشون، المسيحي العراقي الذي لجأ الى سورية منذ اذار مارس 2005 بعدما هاجمت مجموعة مسلحة منزله في بغداد. ويضيف هذا المدرس السابق 64 عاما متحدثا عن العنف الاعمى الذي يضرب العراق يوميا"افضل اللجوء ألف مرة على العنف". ويتكتم شمشون على اسم عائلته، ويؤكد انه يعيش على المساعدات المالية التي يرسلها اليه شقيقه المقيم في استراليا. ويقول ان"العراقيين هم الأكثر تعرضا للاضطهاد في العالم"، لافتا الى انه تقدم بثلاثة طلبات للهجرة في سفارات استراليا وكندا والولاياتالمتحدة. بدوره، يعتبر يوسف كارياكوس يوحنا ان الوضع في العراق"لا يطاق"، ويقول وهو يلعب الورق في مقهى في مدينة جرمانا على بعد عشرة كيلومترات من دمشق، مع مجموعة من مواطنيه المسيحيين العراقيين، ان"الجار هناك يقتل جاره". ويؤكد يوسف الذي فر من العراق قبل عامين ان"سورية أصبحت بلدي". اما جورج ايشو 40 عاما الصيرفي السابق فجاء الى سورية منذ خمسة اشهر ويقول"أملك مالاً يتيح لي العيش مع زوجتي وولدي". وفي رأيه ان العراقيين الذين لجأوا الى سورية ميسورون اكثر من سواهم. ويضيف:"لم يكن ثمة فوضى في عهد صدام حسين ولا عنف في الشوارع". ويتابع:"أتوقع ان تسوء الامور، الجميع يهربون من العراق"، مشيرا الى ان كلفة سيارة الاجرة من بغداد الى دمشق تبلغ حاليا 500 دولار بعدما كانت 300 دولار قبل بضعة اشهر. ويحمل"عناصر فاسدة من دول مجاورة"مسؤولية العنف في العراق. ويتدخل عراقي آخر ينتمي الى الطائفة السريانية متهماً"ميليشيات الاحزاب الحاكمة في العراقوالولاياتالمتحدة بارتكاب العنف"، ومؤكداً:"اننا ضحايا هذا العنف". ويستغرب ثالث ان تكون"قوة كبرى"مثل الولاياتالمتحدة عاجزة عن السيطرة على الوضع. اما مالك المقهي الملقب ب"ابو عنتر"فيأمل بأن"يحصل العراقيون في سورية على إذن بالإقامة لعام واحد"، بدل الاذن الحالي الذي يسمح لهم بالاقامة ثلاثة اشهر قابلة للتجديد. ويؤكد انهم"يسعون الى اللجوء"في دول غربية مشيراً بيده الى زبائنه العراقيين. معظم هؤلاء لا يعملون، ويلتقون يوميا في هذا المكان العابق بالغبار لتبادل الاحاديث ومشاهدة التلفزيون ولعب الورق. ويأملون بالانضمام الى ذويهم الذين توجهوا الى استراليا وكندا والولاياتالمتحدة والسويد. وحده عماد كنو 34 عاما يلزم الصمت بقبعته الحمراء وقميصه الأحمر والأسود. ويجيب رداً على سؤال انه يقيم في المانيا وقصد دمشق منذ اسبوعين لتمضية العطلة مع أبيه وأمه اللذين هربا من بغداد ويقيمان الآن في شمال سورية. ويعمل عماد طباخاً في مطعم يوناني في المانيا، ويعتبر انه"محظوظ"لان الناس هناك"لا يقلقون على مستقبلهم". ويوضح سليمان يوسف يوسف الكاتب السوري المتخصص في شؤون مسيحيي العراق ان نحو 300 الف عراقي يقيمون في سورية منذ الاجتياح الاميركي لبلدهم في آذار 2003. ويقدر عددهم في سورية بمئة الف، يقيمون خصوصاً في ضواحي دمشق وحلب والقامشلي. ويؤكد يوسف ان مسيحيي العراق وغالبيتهم من الطائفة الكلدانية اضافة الى السريان والارمن،"مستهدفون من الجماعات الاصولية المتطرفة". واوردت دراسة نشرتها في حزيران يونيو اللجنة الاميركية للاجئين والمهاجرين في واشنطن ان 644500 عراقي لجأوا الى الاردن وسورية عام 2005، علما ان سورية تستضيف 351 الف عراقي.