"بشرى" سارة ل "حزب الله" بحلول العيد، ان تنهمك "قوات التحالف" الدولية في جنوبلبنان بالبحث عن قواعد اشتباك جديدة، لصد الخروق الإسرائيلية لأجواء البلد... لا مطاردة مقاتلي الحزب لنزع سلاحهم، أو تجريد حملات على الكهوف لجمع آلاف من الصواريخ التي فشلت حرب تموز يوليو الإسرائيلية في تدميرها. وهي"بشرى"سارّة كذلك للبنانيين الذين لا تفارقهم مأساة الحرب وكوارثها، والقلق من ان تنقلب الصواريخ الى وجهة شمالية، الى الداخل، اذا انفجرت سيول الشتائم بين الأكثرية والمعارضة صدامات في الشارع، على قاعدة الحقن السياسي مذهبياً، وأوتار"الطعن في الظهر". هي بشرى إذا تخيّل اللبنانيون أنهم سيشهدون هذه المرة"حرباً"من نوع شاذ عن المألوف: بين صواريخ قوات الطوارئ يونيفيل، والطائرات الإسرائيلية! "يونيفيل"تلبننت إذاً؟... ألذلك يهدد جيش العدو بقصف مواقعها جنوب الليطاني، إذا استهدفت طائراته!؟ إنه سجال"لبناني"بامتياز، وقبل ان نصدق واقعة الحرب المقبلة بين العدو والقوات الدولية !، يجدر عدم الاستخفاف بحديث الإسرائيليين عن امتلاكهم أدلة نُقِلت الى واشنطن، حول ازدياد تهريب السلاح الى"حزب الله"، عبر سورية، وبتهديدهم بإجراء حين ينفد صبرهم. فمسعاهم بالتأكيد، إرغام القوات الدولية على التشدد مع"حزب الله"، وبدء مرحلة نزع سلاحه، بعد"تعايش"بين الجيش اللبناني في الجنوب، والترسانة الخفية للحزب. ليس ذلك حتماً على جدول أعمال الحزب، ولا القوات المتعددة الجنسية في وارد خوض حرب مع إسرائيل إكراماً لسيادة لبنان، أو استعجال المواجهة مع"حزب الله"، خصوصاً لأن الأممالمتحدة ما زالت ترى الحوار سبيلاً وحيداً لنزع سلاح"الميليشيات"اللبنانية وغير اللبنانية. كل ما في الأمر قد يكون قنابل دخانية وأخرى صوتية، بعضها للتعمية وأخرى تندرج في سياق الضغوط الفرنسية على الدولة العبرية، لمنعها من إسقاط القرار 1701 سريعاً، بعدما ضمِن مظلة دولية لغلّ يدي"حزب الله"، و"تحييد"منطقة جنوب الليطاني عن حسابات الصراع الغربي مع سورية وإيران. ولم يكن بلا دلالة تذكير وزير الدفاع الإسرائيلي عمير بيرتس بأن قوات"يونيفيل"شُكِّلت لتعمل ضد الحزب وليس الدولة العبرية. يثلج صدور اللبنانيين ان يشعروا بأن هذه القوات ستسعى الى حماية سيادتهم في الفضاء، وليست مجرد وسيلة لإسقاط دور المقاومة جنوباً، عبر إبعادها أو إرغامها على إخفاء السلاح. لكن من المبالغة حياكة أوهام، بمقاس حماية دولة عظمى في مجلس الأمن، فالأكيد ان لبنان ظل لسنوات طويلة مجرد ساحة لمحاور، وأن اميركا وحلفاءها لا يريدونه منصة انتقام من اسرائيل، إذا حانت ساعة المواجهة العسكرية مع ايران... مثلما لا يرغبون في رؤية بعضه منصة انتقام سورية، في حال دانت المحكمة الدولية"خيط تورط"سوري في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. وإذا كان الاشتباك اللفظي بين"يونيفيل"وإسرائيل، مادة لتقطيع المراحل، فيما ايران تتوعد بالرد على أي عقاب دولي لمشروعها النووي، وسورية تتوجس مجدداً ما تعتبره"مؤامرة"لتوريطها باغتيال الحريري، فاللبنانيون على موعد مع الاشتباك الكبير بعد العيد: مشروع إسقاط أو تبديل حكومة فؤاد السنيورة بحكومة وحدة وطنية. هو الذي وعد به الأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصرالله في مهرجان النصر في ضاحية بيروت، وتحوّل تراشقاً"نووياً"بين الأكثرية والمعارضة، يكاد ان ينسي الطبقة السياسية مآسي الذين نكبوا بالحرب، في دماء أهلهم وخبر أرزاقهم. الهدنة صامدة في الجنوب،"نووية"فوق الليطاني، وإذ افتقد كثيرون نصرالله في يوم القدس، لعله يهدّئ مخاوف الشيعة والسنّة والمسيحيين والدروز من مشاريع حروب"صغيرة"، لم يهدّئ قادة"حزب الله"قلق بيروت من الآتي الأعظم تفجيرات، اغتيالات...، وقبله تتجدد ذخيرة الطعن والرجم، بكل النعوت، على طريق حكومة"الوحدة"! فهل يكون حوار بالنيات المخلصة لإنقاذ البلد، على قاعدة القصف المدفعي على الكرامات والأدوار... بما يتلبس عباءات طوائفية، ويجرّح بالحس الوطني بذريعة حرية الرأي، وعدم السكوت على"الشيطان"؟ وكأن حرباً مجنونة لم تدمر عشرات البلدات اللبنانية، ولم تزهق أرواح المئات، ولم تعلّم الزعامات فضيلة الانحناء امام العواصف. العاصفة آتية، مجدداً، وأياً تكن هدية العيد التي وعد بها مدير الحوار رئيس البرلمان نبيه بري، المأزق اكبر بكثير من مجرد ترتيب لقاء بين السيد حسن نصر الله وزعيم تيار"المستقبل"سعد الحريري، مهما صفت النيات. فالإنقاذ لا يصمد بالنيات، ولعل رسالة غالبية اللبنانيين الى زعيم"حزب الله"الصامد بالنصر، ان يطمئنها مرة وحيدة وإلى الأبد، إلى إغلاق نوافذ لبنان في وجه رياح الشرق. أيهما"أقدس": نوافذ الشرق أم بوابة الجنوب؟