تسيطر الأزمة الدامية في العراق على الجدل السياسي والإعلامي في بريطانيا، حيث يعكف المسؤولون والخبراء على درس استراتيجيات جديدة للخروج من العراق، ومن بينها"الاتصال"مع سورية وإيران من أجل تحقيق الاستقرار في العراق. وأبرزت صحيفتا"ذي غارديان"و"ذي اندبندانت"البريطانيتان أمس بعض التسريبات الصحافية عن هذه الخيارات المتاحة للولايات المتحدةوبريطانيا من أجل احداث تغيير جذري يؤدي الى وقف التدهور الدامي في العراق. وأوضحت"ذي غارديان"أن وزارة الخارجية البريطانية"تُحبذ اقتراحات لجنة جيمس بيكر، وزير الخارجية الأميركي السابق، في شأن اهمية الاتصالات مع طهران ودمشق". وذكرت أن سياسيين وديبلوماسيين من بريطانيا والولايات المتحدة يركزون"على نحو يتسم باليأس"على عملية مراجعة شاملة بهدف الوصول الى هذه الخيارات الجديدة، ومن بينها"مسائل كان من غير الممكن التفكير فيها من قبل". وسُربت تقارير إلى الصحيفة تفيد بأن وزارة الخارجية البريطانية تدرس على"نحو مكثف"خيارات جديدة عدة تتقارب في مضمونها مع توصيات"لجنة بيكر". وقال مسؤول بريطاني إن"المناقشات تجري على نحو عاجل"من أجل انقاذ الموقف. وقد تكشف أيضاً أن السفير البريطاني في بغداد دومنيك اسكويت والسفير البريطاني في واشنطن السير ديفيد مانينغ ساهما في تقديم معلومات ساعدت في إعداد تقرير"لجنة بيكر". وقال مصدر في الخارجية البريطانية للصحيفة إن"الوزارة تؤيد اقتراحات لجنة بيكر في شأن الحوار مع وسورية وإيران، وتشجع هذا التوجه على نحو السرعة". جدول سري للانسحاب ومع ذلك أكدت الخارجية البريطانية أنها تستبعد أي انسحاب فوري من العراق من جانب واحد أو تقسيم البلاد. وعلى العكس من ذلك، فإن بريطانيا ستُفضل الاستمرار في اتباع السياسة الحالية على نحو جوهري، إلا أن المصادر كشفت عن مناقشات"مؤلمة"تجري في شأن وضع جدول زمني للانسحاب، بما في ذلك احتمال التوصل الى"جدول سري". وذكر مسؤول بريطاني أن"كل خيار جديد أقوم بتوضيحه سيكون أسوأ مما نقوم بعمله حالياً". وتحدثت"ذي غارديان"عما تسميه ب"ثورة تتسم بالأدب"بين حلفاء مخلصين سابقين لإدارة الرئيس جورج بوش وتهدف الى اقناعه لتغيير سياساته في العراق والتخلي على نحو هادئ عن"نظريته في السياسة الخارجية"التي كان يأمل بأن تصبح محور ارثه التاريخي بعد انهيار الأوضاع في العراق. وأوضحت الصحيفة أن الخيارات التي تبحثها لندنوواشنطن تشمل الانسحاب الفوري للقوات البريطانية، وهو أمر لا يتم بحثه بجدية، حيث أن الاحتمال المعقول هو انسحاب نصف القوات البريطانية في الصيف المقبل مع حدوث خفوضات أكبر في وقت لاحق. وهناك أيضاً خيار آخر هو انسحاب قوات التحالف من العراق الآن، لكن"ذلك سيؤدي الى انفجار العراق"إلا أن ميزة هذا الخيار"هي تفادي اطالة أمد العذاب". ويقول مسؤولون بريطانيون إن هذا الخيار قد يؤدي فعلاً الى التعجيل بنشوب حرب أهلية في البلاد. والخيار الآخر هو تحقيق الانسحاب على مراحل، وهذا يمثل لب السياسة الحالية، مع ضرورة تطوير القدرات الفعالة لقوات الأمن العراقية، ومن أبرز الخيارات الأخرى مسألة التحدث مع سورية وايران. وتحبذ لندن هذا الخيار من خلال الاقرار بأنه من مصلحة البلدين تحقيق الاستقرار في العراق. إلا ان المعارضين لهذا الخيار يشيرون الى ان طهران ودمشق قد تتقدمان بمطالب في مقابل توفير اي مساعدة وان هذه المطالب قد لا تكون مقبولة. وهناك حديث ايضاً عن أهمية بروز زعيم قوي في العراق، خصوصاً لأن الحكومتين البريطانية والأميركية أعربتا عن خيبة أملهما حتى الآن إزاء حكومة نوري المالكي في العراق، بالنسبة الى التخلص من الميليشيات المسلحة وفرق الاغتيالات الشيعية. إلا ان إقصاء حكومة المالكي سيكون"بمثابة اخفاق له وقع الفضيحة بالنسبة الى السياسة حول العراق". وتتحدث الصحيفة ايضاً عن خيار تفكيك العراق ومن بين مخاطره حدوث فراغ في السلطة. وكذلك هناك امكانية اعادة نشر القوات وممارسة سياسة الاحتواء، وإقامة قواعد كبيرة في الصحراء يمكن من خلالها للقوات الأميركية والبريطانية دعم القوات العراقية. ويتردد الحديث ايضاً عن أهمية زيادة عدد القوات المتحالفة على المدى القصير بهدف توفير الأمن على نحو كاف لتحقيق نتائج اقتصادية واضحة. إلا ان المعارضين لهذا الخيار يقولون ان الوقت قد يكون متأخراً لوقف العنف. وبدورها ركزت صحيفة"ذي اندبندانت"على الخيارات التي توصلت اليها لجنة بيكر والأوضاع المأسوية في العراق في صفحتيها الأولى والثانية بالكامل.