استبعدت مصادر رسمية إماراتية ان تتوصل الإمارات إلى اتفاق لإقامة منطقة للتجارة الحرة مع الولاياتالمتحدة قريباً، على رغم موافقة الكونغرس أخيراً على اتفاق بهذا الشأن مع عُمان، علماً أن الإمارات وعُمان بدأتا معاً مطلع عام 2005 مفاوضات لتحرير التجارة مع الولاياتالمتحدة. وأكدت المصادر انه لم يحدد بعد موعد لجولة جديدة من المفاوضات بين الإماراتوالولاياتالمتحدة بعد إلغاء جولة كانت مقررة في أيار مايو الماضي بسبب عدم حسم عدد من النقاط العالقة، من بينها ملف الوكالات التجارية وقانون الشركات الذي يحدد حصة الأجنبي بپ49 في المئة، وتزامن الموعد مع الزوبعة التي آثارها الكونغرس حول إدارة شركة"موانئ دبي"لبعض الموانئ الأميركية بعد شراء الشركة الإماراتية شركة"بي أند أو"البريطانية. وأشارت المصادر إلى ان الاقتصاد العُماني"يسمح باتخاذ هذه الخطوة بسرعة، في حين ان أمور الإمارات معقدة، وتحتاج إلى وقت للتوصل إلى اتفاق"، في إشارة ضمنية إلى جملة من النقاط العالقة في مفاوضات الإمارات مع أميركا، من بينها إلغاء مقاطعة إسرائيل، ومقاطعة أي دولة يفرض عليها حظر تجاري من الولاياتالمتحدة. وعلى رغم ان القيادة السياسية في الإمارات فضلت عدم ربط ملف"بي أند أو"مع إلغاء جولة مفاوضات التجارة الحرة مع الولاياتالمتحدة، غير ان مصادر الهيئات الاقتصادية أشارت إلى ان نقاط الخلاف تشمل أيضاً تردد الإمارات في فتح الباب على مصراعيه أمام المستثمرين الأميركيين في قطاع المصارف والاتصالات والتأمين، وإصرارها على التعامل في إطار مبدأ"المعاملة بالمثل"والتعديل"التدريجي"لقوانينها حتى تمنح قطاعها الاقتصادي الفرصة ليتواءم مع الوافد الجديد. يشار إلى ان السلطات الإماراتية ألغت قبل أيام قليلة بعض الوكالات التجارية المتعلقة بالمواد الاستهلاكية، وبدأت تبحث مع الوكلاء في القطاعات الأخرى لإيجاد مخرج ينصفهم في حال إلغاء وكالاتهم. وكشف المصدر ان الدولة تتجه إلى تعديل قانون الشركات قبل نهاية السنة، وأنها قد ترفع حصة الأجنبي إلى 75 في المئة، علماً ان الإمارات تسمح للأجنبي بتملك بنسبة 100 في المئة في إطار المناطق الحرة المنتشرة في إرجاء الدولة. وترى الهيئات الاقتصادية أن الإمارات قد تستجيب لبعض المطالب الأميركية الاقتصادية مثل تحديد الحد الأدنى للأجور، وإنشاء نقابات عمالية، ورفع نسبة تملك الأجنبي في الشركات، حيث تعكف الجهات المختصة على تعديل قوانين العمل والشركات التجارية وبعض القوانين الاقتصادية الأخرى ضمن نهج تصحيحي سيخدم الاقتصاد الوطني ويلبي مطالب بعض الجهات الدولية ضمن التزامات الدولة في إطار منظمة التجارة العالمية، إلا أنهم استبعدوا الموافقة على بعض المطالب غير الاقتصادية مثل إلغاء مقاطعة إسرائيل. ولا تنكر الهيئات الاقتصادية أهمية إقامة منطقة تجارة حرة مع اكبر دولة في العالم، خصوصاً أنها تندرج في إطار"الاستراتيجية"التي رسمتها الإمارات لنفسها خلال السنوات الماضية، وهي انتهاج سياسة الاقتصاد الحر والانفتاح على العالم بهدف تنويع اقتصادها. ولكن يعتبر البعض أن مطالب الولاياتالمتحدة تحمل في طياتها استحقاقات كثيرة"غير متوازنة"، كما وصفها رجل الأعمال الإماراتي هشام شيراوي. ويبرز عدم التوازن في المطالب الأميركية جلياً في قطاع المصارف. ففي الوقت الذي تضع القوانين المحلية الخاصة في كل ولاية شروطاً"تعجيزية"أمام المصارف التي تنوي العمل في هذه الولاية أو تلك، مثل فرض ضرائب باهظة، والاشتراط على المصارف الأجنبية تعيين نسبة معينة من الأميركيين، ووضع مواصفات محددة للموظفين الوافدين العاملين في القطاع المالي، فإنها تطلب من الإمارات فتح هذا القطاع كاملاً أمام المصارف الأميركية. ولا تمانع الإمارات في التوقف عن فرض الضرائب على أرباح المصارف الأميركية في الإمارات، لكنها تصر ان يكون ذلك في إطار تسوية تتضمن مبدأي العدالة والمعاملة بالمثل، علماً ان الضرائب المفروضة على المصارف الأجنبية في الإمارات لا تأتي، هي الأخرى، في إطار قانون اتحادي، وإنما تعتمد على تشريعات كل إمارة على حدة. وعلى رغم الجدال، هناك من يرى ان الإمارات تفاوض الولاياتالمتحدة الأميركية وهي في"موقف قوي"، كونها ثاني اكبر اقتصاد خليجي، وهذا يمكنها من الحصول على امتيازات لم تحصل عليها الدول الخليجية التي سبقتها إلى التوقيع مع أميركا لإقامة منطقة تجارة حرة بينهما. وقال المحلل الاقتصادي عبدالخالق عبدالله ان"موقف الإمارات التفاوضي أقوى من البحرين كونها تحتضن الكثير من الاستثمارات الأميركية، مما يمكنها من انتزاع امتيازات من الولاياتالمتحدة لم تحصل عليها المملكة. كما يمكنها من التحكم في الإطار الزمني للتفاوض".