أبدت الاماراتوالولاياتالمتحدة في بداية الجولة الأولى للمفاوضات لتوقيع اتفاق التجارة الحرة رغبتهما في إقامة علاقة شراكة استراتيجية في مختلف القطاعات الاقتصادية تعزز العلاقات السياسية والعسكرية القائمة بين البلدين، والاستفادة من الفرص المتاحة لكلا الاقتصادين. وعلى رغم ان الجلسة الأولى عكست هذا التوجه من دون الاشارة الى اية صعوبات تواجه البلدين للوصول الى اتفاق متوازن يعكس رغباتهما، واجهت كاثرين نوفيللي نائبة الممثل التجاري الأميركي ورئيسة الوفد الأميركي المفاوض جملة من الأسئلة من ممثلي القطاع الخاص الإماراتي والصحافة حول ما تحمله في جعبتها من شروط سياسية ومواقف تتعلق بالعمالة والتطبيع وتغيير القوانين! وأكد وزير الدولة لشؤون المال والصناعة الإماراتي ورئيس الوفد المفاوض محمد خلفان بن خرباش في الجلسة الافتتاحية استعداد الامارات لتوقيع اتفاق التجارة الحرة مع الولاياتالمتحدة. وقال: "تشكل هذه الجولة من المفاوضات نواة لمرحلة جديدة من الشراكة الاقتصادية والتجارية والتنموية الشاملة بين البلدين". ولفت الى أن بلاده من الدول الأوائل التي اتبعت سياسات السوق المفتوح في المنطقة. وأشار الى أن "هذه السياسة أتت ثمارها"، مؤكداً "انفتاح الامارات الاقتصادي محلياً وإقليمياً وعالمياً". ونوهت رئيسة الوفد الأميركي بالسياسة الاقتصادية والتجارية للامارات، وقالت إن "الولاياتالمتحدة تنظر الى الاتفاق مع الإمارات بتفاؤل بهدف جمع الجهود بين البلدين". وأكدت ان الامارات أثبتت رغبتها في العمل بنظام السوق المفتوح وسياسة المناطق الحرة، مما يعظّم من نتائج الاتفاق المزمع توقيعه بين البلدين. ولكن هذه الصورة التي حاول رسمها الوفدان الرسميان لم تكن بالوضوح نفسه عندما التقت نوفيللي مع ممثلي القطاع الخاص في الامارات. وكشفت مصادر شاركت في اللقاء ان نوفيللي واجهت تساؤلات ترقى الى حد التشكيك في أهداف الولاياتالمتحدة الأميركية من توقيعها اتفاق للتجارة الحرة مع الإمارات. وقالت المصادر ان رجال الأعمال الاماراتيين نبهوا نائبة رئيس الممثل التجاري الاميركي الى أن توقيع أي اتفاق "يجب أن يأخذ في الاعتبار خصوصية الإمارات لجهة التركيبة السكانية، والعمالة"، والتركيز على جذب الاستثمارات للإمارات الى جانب تطوير حجم التجارة بين البلدين. وأكد رجال الأعمال للمسؤولة الأميركية ان تغيير القوانين والتشريعات الاقتصادية هي "مسألة سيادية" ولا تتماشى مع القوانين الأميركية. وحاولت نوفيللي في مؤتمر صحافي اعطاء صورة وردية عن مستقبل العلاقات التجارية بين الإمارات و الولاياتالمتحدة الأميركية، واستشهدت باتفاق التجارة الحرة الذي وقعته واشنطن مع الأردن. وقالت ان قيمة الصادرات الأردنية ارتفعت من 11 مليون دولار عند بدء مفاوضات التجارة الحرة بينهما الى 1.2 بليون دولار في 2004 بسبب فتح الأسواق الاميركية امام البضائع والسلع الأردنية، والتطور الصناعي والتقني والفني الذي حققه الأردن بسبب هذا الاتفاق وخصوصاً في صناعة الأدوية أو البحث العلمي. غير أن توقيع الأردن على اتفاق كويز الذي يجمعه مع الولاياتالمتحدة واسرائيل كان أحد أبرز الأسئلة التي واجهت رئيسة الوفد الأميركي، وهو عن الثمن السياسي الذي يمكن ان تدفعه الإمارات فقالت: "لا توجد شروط سياسية" فالاتفاق اقتصادي وسيعزز التعاون السياسي والاقتصادي الممتاز بين البلدين. وأكدت أن مسألة "التطبيع" بين الإمارات واسرائيل "غير مطروحة" ولكنها زادت "ان القطاع الخاص حرّ في توجهاته". ودافعت نوفيللي عن توجه الولاياتالمتحدة الأميركية لعقد اتفاقات تجارة حرة مع دول مجلس التعاون منفردة وليس في شكل جماعي. وقالت ان هذا النهج يهدف الى التعرف على "نوايا وأهداف" كل دولة على حدة. ولكنها شددت في هذا الصدد على ان الولاياتالمتحدة الأميركية تدعم التعاون الاقتصادي بين دول مجلس التعاون التي استطاعت انجاز الاتحاد الجمركي بين الدول الست. وأعربت عن أملها في أن توقع الولاياتالمتحدة اتفاقيات للتجارة الحرة مع دول مجلس التعاون بما فيها المملكة العربية السعودية بعد انضمامها الى منظمة التجارة العالمية. ولفتت الى ان واشنطن تعمل على توقيع اتفاقات مع كل من الكويت وقطر والبحرين إضافة الى الامارات، وانها ستبدأ المفاوضات مع سلطنة عمان في مسقط الأسبوع المقبل. وذكرت مصادرة مطلعة ل"الحياة" نقلاً عن نوفيللي ان الوفد الأميركي لن يطرح خلال المفاوضات مسألة تجنيس العمالة في الامارات ولكنها قالت وبحسب المصادر لا يمكن اغفال قوانين منظمة العمل الدولية. وعن مسألة تغيير القوانين التجارية والاقتصادية في الاماراتوالولاياتالمتحدة والتي ستؤدي من الجانب الاماراتي الى تعديل قوانين الشركات التجارية والوكالات والأنظمة المالية والمصرفية، بما يسمح للشركات والأفراد التملك قالت ان الولاياتالمتحدة ستبحث في تعديل قوانينها وعرضها على الكونغرس وتنظر في "تعديل القوانين الإماراتية" إذا تطلب الأمر ذلك. وتوقعت نوفيللي أن يُوقع الاتفاق مع الامارات في أيلول سبتمبر المقبل.