تبدأ دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم جولة المفاوضات الرسمية مع الولاياتالمتحدة الأميركية بهدف إقامة منطقة تجارة حرة بينهما، بعد ان مهدت لها بمؤشرات إيجابية، بانتظار تنازلات مشابهة من الأميركيين. وحمل الوفد الإماراتي معه إلى واشنطن ملفات متخمة، بعد ان أعلن خلال الأسابيع القليلة الماضية استعداده لتعديل مجموعة من القوانين، لتتلاءم مع المتطلبات الأميركية، لكنه ربط بين تنازلاته هذه، وحجم التنازلات التي ستقدمها الولاياتالمتحدة خلال المفاوضات. وقالت مصادر إماراتية رسمية ل"الحياة"، ان مفاوضات اليوم هي مفاضات"حقيقية"، مشيرة إلى ان اجتماع ابوظبي في آذار مارس الماضي، كان للإعلان عن بدء المفاوضات, وأوضحت المصادر، ان المفاوضات تشمل تقديم كلا الطرفين لائحة بالقطاعات الخدمية، المتوقع فتحها أمام الطرف الآخر في المرحلة الأولى من الاتفاق. ولفتت إلى ان الوفد المفاوض حمل معه إلى واشنطن ملف"الملكية الفكرية"، ولائحة بالسلع التي تريد الإمارات إعفاءها من الرسوم الجمركية الأميركية، علماً ان الإمارات تطبق حالياً سبعة قوانين عالمية متعلقة بالملكية الفكرية. استعدادات قبل المفاوضات واستبقت الجهات الرسمية الإماراتية هذه الجولة، بالإعلان عن استعدادها تعديل قانون العمل والشركات والوكالات التجارية وحق الأجانب بالتملك"الكامل"للعقار، إضافة إلى إعلان المصرف المركزي الإماراتي عدم ممانعته فتح القطاع المصرفي أمام المصارف الأميركية شرط تطبيق مبدأ"المعاملة بالمثل". كما سمحت الإمارات قبل أيام لشركة اتصالات أخرى بالعمل على أراضيها، بعد ان احتكرت مؤسسة الإمارات للاتصالات"اتصالات"السوق المحلي على مدى عقود من الزمن، وهي خطوة تعتبرها الفعاليات الاقتصادية تمهيداً لإلغاء قانون الاحتكار. وذهبت الإمارات إلى ابعد من هذا، بالإعلان عن أنها تدرس مشروع قانون يسمح للعمالة الأجنبية فيها بتشكيل نقابات واتحادات عمالية، ترعى حقوقها مع أصحاب العمل، وهي خطوة غير مسبوقة في منطقة الخليج، على رغم ان العمالة الأجنبية تشكل اكثر من 85 في المئة من إجمالي عدد السكان البالغ أربعة ملايين نسمة، وهي اعلى نسبة في المنطقة. أما قانون الشركات، فصرحت الجهات الرسمية بأنها ستصدر قانوناً معدلًا قبل نهاية العام، يزيد نسبة تملك الأجانب لمشاريعهم التجارية والاستثمارية من 49 في المئة إلى التملك الكامل وشبه الكامل، اعتماداً على القطاع الذي تعمل فيه الشركة. كما أشارت إلى نيتها تعديل قانون الوكالات التجارية. التوصل الى اتفاق متوازن ولم تنتظر الإمارات بدء المفاوضات الرسمية حتى تعلن عن مطلبها بالتوصل إلى اتفاق يضمن مصلحة الطرفين، اذ قال ولي عهد دبي وزير الدفاع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ان الإمارات تريد التوصل إلى اتفاق"متوازن". واستبقت الإمارات الجولة بعقد سلسلة من الاجتماعات مع ممثلي القطاعات الخدمية وصناعة المنسوجات والتأمين، للوقوف على آرائهم ومقترحاتهم في تحرير قطاع الخدمات في إطار الاتفاق، وبحث المقترحات في شأن تحرير قطاع التأمين مع الولاياتالمتحدة وتجارة المنسوجات وقواعد المنشأ. كما عقدت وزارة الاقتصاد والتخطيط اجتماعات أخرى مكثفة مع الجهات الرسمية ذات العلاقة في تجارة الخدمات، لتنسيق الموقف التفاوضي للدولة بما يحقق المصلحة الاقتصادية والتنمية. وتأتي الجولة الثانية من المفاوضات بعد أيام من إعلان عُمان عن احتمال توقيع اتفاقها مع الولاياتالمتحدة في نهاية الشهر الجاري، علماً ان الولاياتالمتحدة أعلنت رغبتها توقيع الاتفاق مع الإمارات قبل نهاية هذا العام.