نوع جديد من "الزفات" انضم إلى قائمة "زفات" الأفراح التي يعشقها المصريون في أفراحهم. فبعد الدمياطية والبلدية والبور سعيدية والكلاسيكية والفالس، قدمت لنا السموات المفتوحة"الزفة الفضائية". برامج الحوارات الفنية من كل شكل ولون على الفضائيات الفنية دخلت في الشهور القليلة الماضية في منافسة حامية على كيفية"زف"ضيوفها من اهل الفن أثناء وصولهم"المفتعل"إلى استوديوات التصوير. غالباً ما تصور الزفة الفضائية عقب"بروفة"يؤديها الفنان بعد وصوله الى الاستوديو وحصوله على مقدار من الراحة وفنجان قهوة: سيارة ليموزين بيضاء يترجل منها الفنان ليجد في استقباله زفة بالطبول البلدية أو المزامير الإسكتلندية. وبهذا المشهد المدروس يدخل النجم وسط تهليل الجماهير الكومبارس وصراخها... وقد يطلب من فتاة أو اثنتين - ممن يصنفن ضمن جمهور الصف الأول - إطلاق زغرودة إمعاناً في الاحتفاء بالنجم ضيف الحلقة. ولا تنتهي إجراءات الزفة عند هذا الحد، بل ان بعض هذه البرامج يستعين باثنين من قارعي الطبول- ويفضل أن يكونا من ذوي البشرة السمراء- إضافة الى فتاتين جميلتين- من مواطنات شرق أوروبا- تقومان بهز"شخشيخة"من آلات الإيقاع كلما تفوه النجم ضيف الحلقة بعبارة اعتبرها المخرج"إبداعاً". وتستمر الحلقة على هذا المنوال حتى يتحول النجم إلى ما يشبه مهرج السيرك أو مونولوجيست أفراح، فيما تصبح المذيعة أقرب إلى"أسطى"فرقة العوالم التي تقود المجموعة بالمبادرة إلى التصفيق المفتعل والضحك الهستيري على نكات الضيف بغض النظر عن طرافتها أو سخافتها. ومسك الختام يكون عادة مع"زفة"قالب الحلوى الذي يحمل اسم الفنان أو صورته أو اسم المسلسل أو الفيلم الأحدث له. وتنطلق من هذا القالب"صواريخ"وألعاب نارية لا يغطي عليها سوى تهليل الجمهور وزغاريده ومحاولات المذيعة المستميتة للصراخ والصياح في الميكروفون لدعوة النجم الى تقطيع القالب. من هنا نسأل: ما الفكرة وراء تحويل البرامج الحوارية الفنية إلى زفات شعبية؟ ولماذا افتعال الترحيب بالضيف؟ هل هو لإسعاد المشاهدين أم إرضاء لغرور الفنان؟ وهل الفنان الحقيقي بحاجة إلى هذا التصنع؟ وهل يستمتع المشاهد في بيته والجمهور المأجور في الاستوديو والضيف النجم والمذيعة المايسترو بمثل هذا العمل على رغم علم الجميع بأن الأمر برمته تمثيلية سابقة التجهيز؟ أياً يكن الامر نحن اليوم بحاجة إلى برنامج فضائي يناقش صدقية برامج"الزفات"الفنية وربما استطلاع آراء المشاهدين في حال اذا كان المشاهد لا يزال هو الهدف المرجو.