طوت الخرطوم أمس ملف التمرد في شرق السودان، بعدما وقعت اتفاقاً نهائياً للسلام مع"جبهة الشرق"جاء حصيلة خمسة أشهر من المفاوضات التي استضافتها العاصمة الاريترية أسمرا. ومن شأن الاتفاق الذي يضع إطاراً لتقاسم الثروة والسلطة والترتيبات الأمنية في شرق البلاد، أن ينهي 12 عاماً من التوتر بين الحكومة والإقليم الفقير الذي كان سبب التمرد فيه اقتصادياً بالأساس. ووقع الطرفان اتفاق السلام النهائي في القصر الرئاسي في أسمرا مساء أمس، بحضور الرئيس السوداني عمر البشير ونائبه الفريق سلفاكير ميارديت والرئيس الاريتري أسياس أفورقي وزعيم"جبهة الشرق"موسى محمد أحمد، إضافة إلى مسؤولين عرب وأفارقة، بينهم الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى. وتعهد البشير تطبيق الاتفاق الذي اعتبره"حلاً أفريقياً لمشكلة أفريقية، من دون وصاية أجنبية"، فيما وصف زعيم"جبهة الشرق"الاتفاق بأنه"تاريخي يطوي نهائياً صفحة نزاع، ويفتح صفحة تنمية الشرق". وجدد البشير رفضه نشر قوات دولية في إقليم دارفور. وقال إن السودان"لن يصبح أبداً أول بلد أفريقي يسمح بأن تبدأ إعادة استعمار القارة من فوق أراضيه". غير أنه أضاف:"لكننا مع دور للأمم المتحدة في تقديم الدعم اللوجيستي والموارد المطلوبة للاتحاد الأفريقي للنهوض بدوره"في حفظ السلام في الإقليم. ووصف مستشار الرئيس السوداني رئيس الوفد الحكومي إلى المفاوضات مصطفى عثمان إسماعيل الاتفاق بأنه"فجر جديد"و"خريطة طريق للاستقرار والتنمية في الشرق". وعلى رغم أن إقليم شرق السودان يضم أكبر مناجم الذهب والماس في البلاد، إضافة إلى ميناء"بور سودان"الوحيد الذي ينقل الصادرات النفطية للبلاد، فإن قاطنيه يعانون أوضاعاً اقتصادية صعبة. وأثمرت المفاوضات التي ترعاها اريتريا ثلاثة اتفاقات مرحلية في شأن الترتيبات الأمنية، وتوزيع الثروة، وتقاسم السلطة. وشهد الأخير صعوبات تجاوزها الطرفان سريعاً، وتوصلا إلى الاتفاق النهائي الذي وقعاه أمس. وينص الاتفاق على إشراك زعماء الشرق في تسيير شؤون البلاد، إضافة إلى تشكيل صندوق لتنمية المنطقة بموازنة قدرها 600 مليون دولار على خمس سنوات. ورحب أحمد حامد بركي رئيس قبيلة الرشيدية، إحدى قبيلتي التمرد، باتفاق السلام. وقال:"لقد عانينا من الحرب ونؤيد السلام تماماً. الناس في الشرق يتوقعون الاستقرار مع سريان السلام، وأن تنفق على التنمية الأموال التي تنفق الآن على الحرب". وأضاف:"الشيء الأول الذي سيفعلونه هو رفع حال الطوارئ وفتح الحدود مع اريتريا للتجارة".