وضعت قمة طرابلس الافريقية المصغرة التي اختتمت أعمالها في ساعة مبكرة صباح أمس،"خريطة طريق"لحل أزمة دارفور، مؤكدة رفضها أي تدخل أجنبي في هذا الاقليم السوداني المضطرب، داعية إلى ضرورة التعجيل باستئناف مفاوصات أبوجا بين الحكومة والمتمردين. كما تبنت، في بيانها الختامي الذي وزع صباحاً، توصيات"حوار طرابلس 3"التي صدرت الأسبوع الماضي بعد لقاءات في العاصمة الليبية بين القيادات الأهلية في دارفور وقيادات حركتي التمرد -"حركة تحرير السودان"و"حركة العدالة والمساواة"- في الإقليم. وفي حين رتّب الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي لقاء في خيمته جمع الرئيس السوداني عمر البشير والرئيس الاريتري أساياس أفورقي، فإن مسؤولين سودانيين قالوا ان"من السابق لأوانه"الحديث عن مصالحة بين البلدين. وأكد بيان"قمة طرابلس"رفضها أي تدخل أجنبي في مشكلة دارفور وحصر معالجتها في إطار افريقي و"مواجهة أي عوامل سلبية أو إشارات خاطئة تصدر عن أي طرف أجنبي تعوق الوصول الى حل للأزمة". وحض البيان على ضرورة استئناف مفاوضات أبوجا بين أطراف الأزمة وعلى أعلى المستويات في موعد لا يتجاوز نهاية أيار مايو الجاري بمشاركة مندوبين عن الدول المشاركة في قمة طرابلس. وفي هذا الإطار، قال وزير نيجيري ان الاتفاق تم على استئناف مفاوضات أبوجا في 30 أيار الجاري، في حين لمّح مسؤول مصري الى ان موعدها في 1 حزيران يونيو المقبل. ودعت القمة الدول الإفريقية الى توفير الأفراد اللازمين لتعزيز بعثة الاتحاد الافريقي في دارفور، وحضت المجتمع الدولي على تقديم الدعم اللوجستي للبعثة. وأكدت دعم المصالحات التي تمت بين قبائل دارفور، داعية الى ضرورة الاسراع بمعالجة قضايا الديات والتعويضات ومحاكمة مرتكبي الجرائم في الإقليم"وفق القوانين الوطنية"، في تأييد واضح لموقف الخرطوم الخاص برفض تسليم المتهمين الى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. وطالب البيان الأطراف كافة بالتزام ما جاء في اتفاقات انجامينا وأبوجا حول وقف اطلاق النار وتعزيز الوضع الأمني وتحسين الوضع الإنساني بالتعاون مع بعثة الاتحاد الافريقي ولجنة مراقبة وقف النار. وكلف القادة الافارقة آلية للمتابعة بتتبع الوضع على الأرض في الإقليم وعرض نتائج ما تتوصل اليه على القادة والرؤساء. ونوه بيان القمة بجهود الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي والرئيس النيجيري اوليسيغون اوباسانجو الرئيس الحالي للاتحاد الافريقي في حل هذه الأزمة، وجدد التفويض للزعيم الليبي للاستمرار في اتصالاته مع أطراف الأزمة والرؤساء المشاركين في هذه القمة للوصول الى حل. كما اعربت القمة عن تقديرها لجهود المجتمع الدولي ومساهماته من أجل رفع المعاناة عن سكان دارفور. وكانت قمة طرابلس المصغرة حول أزمة دارفور بدأت أعمالها مساء الاثنين برعاية العقيد القذافي ومشاركة كل من الرؤساء المصري حسني مبارك والنيجيري اوباسانجو والسوداني عمر البشير والتشادي ادريس ديبي والاريتري أساياس افورقي ونائب الرئيس الغابوني ديد جوب ديفونجي. كما حضر القمة الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى وممثل عن الاتحاد الافريقي. وأكد الرئيس النيجيري في الجلسة الإفتتاحية للقمة ضرورة أن يكون إجتماع طرابلس حاسماً، مشيراً إلى انه يمثل فرصة كبيرة لحل أزمة دارفور في إطار من الوفاق والتسامح. وحذر من أن أي محاولات لتأخير حل الأزمة من شأنه أن يشجع القوى الخارجية على التدخل في شؤون القارة الإفريقية، وسيجعل إفريقيا تفقد صدقيتها أمام العالم. وقال:"يجب أن نضع كل النزاعات خلفنا كي نتمكن من تحقيق التنمية في القارة الإفريقية". وثمن جهود الزعيم الليبي لإيجاد حل لهذه الأزمة وتمكين السودان من أن ينعم بالسلام والاستقرار. ولاحظ أن حضور الرئيس الإريتري أفورقي هذه القمة سيزيد من فرص نجاحها، مؤكداً أن حضوره"يؤكد قدرتنا على التغلب على كل المصاعب ويعطينا الأمل بالنجاح هذه المرة". وسبقت القمة سلسلة محادثات تمهيدية مصغرة جرت بين العقيد القذافي وبقية الرؤساء المشاركين في القمة تناولت تذليل العقبات أو الخلافات في وجهات النظر التي قد تطرأ بين المشاركين في رؤيتهم لحل النزاع في دارفور. وكان الغائب الأبرز عن القمة هما حركتا التمرد في الاقليم، على رغم وجود ممثلين لهما في العاصمة الليبية. وكانت حركتا التمرد طلبتا من العقيد القذافي في"حوار طرابلس 3"ان ينقل الى القمة الافريقية المصغرة مطالبهما في شأن تسوية النزاع. وقال الرئيس البشير في تصريح عقب اختتام القمة إنها"أكدت رفضها واستبعادها أي تدخل أجنبي في اقليم دارفور وان تظل قضية دارفور قضية افريقية تخص الافارقة فقط". وأضاف أن القمة دعت إلى ضرورة"التعجيل"باستئناف مفاوضات أبوجا بين الحكومة السودانية والمتمردين على أعلى مستوى في أجل لا يتجاوز نهاية هذا الشهر. أما وزير خارجية السودان مصطفى عثمان إسماعيل فقال في تصريح ان القمة اكدت دعمها لجهود الحكومة السودانية في اجراء المصالحات الداخلية وتحقيق العدالة بمساعدة أفريقية، ودعت إلى عقد مؤتمر جامع لكل أهالي دارفور عقب انتهاء الجولة المقبلة من مفاوضات أبوجا التي ستعقد قبل نهاية الشهر الجاري. وحول ما اذا كانت قمة طرابلس تشكل بداية فعلية لحل أزمة دارفور، قال اسماعيل:"اعتقد اننا وضعنا في طرابلس"خريطة طريق"واضحة لحل القضية ونأمل بان تتضافر الجهود في الفترة المقبلة لحسم هذه القضية التي أرّقت السودان ودول الجوار حتى نصل إلى حل نهائي لهذه القضية". وعن جهود ليبيا لتحقيق مصالحة بين السودان واريتريا، قال الوزير السوداني ان هناك جهوداً واتصالات في هذا الصدد لم تستكمل بعد لكنها ستتواصل و"من السابق لأوانه التحدث عن نتائج نهائية قبل ان تنتهي هذه المساعي". وأكد ان الاجتماع بين البشير وافورقي في حد ذاته مهم و"نأمل بان تنتهي هذه اللقاءات بنتائج تنهي الفتور الحاصل في العلاقات بين البلدين وتذليل العقبات التي تعطل انطلاق العلاقات بينهما".