نجحت دول الخليج العربي في تفعيل حركة فنية شتائية مع نشاطات تجاوزت اهتماماتها وتطلعاتها البعد المحلي إلى البعد العربي، ونجحت في تفعيل حركة تجارية وسياحية، تحتاجها المنطقة بعد خريف هادئ خفتت فيه أضواء النجوم وشلّت تقريباً حركة السياحة... واستفادت تلك الدول جيداً من طقس لطيف في فترة الشتاء، وقدمت تظاهرات محلية فرضت اسمها على خريطة المهرجانات العربية وكونت قاعدة جماهيرية لا بأس بها. تلك المهرجانات استطاعت أن تستقطب أهم النجوم الذين بدأوا فعلاً يستعدون لمهرجانات الكويتوالدوحة ودبي ... وبعيداً من الناحية الفنية، انتعشت السوق المحلية وسلّطت الأضواء على عادات تلك البلاد وتقاليدها وتراثها. بين تلك الفعاليات، يأتي مهرجان الدوحة الغنائي في مقدم لائحة النشاطات الفنية التي بدأت تحتل موقعاً متميزاً في خريطة المهرجانات العربية، وتشكّل محطة انطلاق رئيسة للنجوم. ولعلّ تمسّك المهرجان بالأصالة من جهة، وعدم اعتماده على شركة إنتاج تدعمه ما يعني حرية أكبر في التحرك في اختيار النجوم وأمسياتهم، من أبرز أسباب تميّز تلك التظاهرة التي ينتظرها الكثير من أهل قطر والخليج والمقيمين العرب. من ناحية ثانية، استطاع مهرجان الدوحة أن يشكل منبراً لتصريحات نارية، ونقاشات جادة حول وضع الأغنية العربية اليوم. وفي وقت، عرف منظمو"الدوحة الغنائي"، كيف تؤكل الكتف، فأعطوا مؤتمرات الفنانين الصحافية مساحة أساسية على هامش الحفلات الفنية وتجاوب الفنانون مع تلك المؤتمرات. كيف لا، وقد شنّ كل من ديانا حداد وملحم بركات وهاني شاكر وعبادي الجوهر وغيرهم السنة الماضية حملة شعواء ضدّ من يتاجرون بالفن ويحاربون الجيدّ؟ الدورة السابعة الدورة السابعة من المهرجان تبدأ في 11 من الشهر الجاري. وكعادتها، استقطبت إدارة المهرجان كبار الفنانين العرب للمشاركة في السهرات الستة التي تستمر حتى 17 كانون الثاني يناير الجاري. وتوقيت هذا العام جاء مناسباً مع إطلاق عدد من المطربين المشاركين ألبوماتهم الجديدة. فأحلام انضمت أخيراً إلى"روتانا"، وأطلقت بعض أغاني ألبومها منذ يومين، وهي بعدما حرمت لسنوات من مهرجان"هلا فبراير"، تنتظرها ليلة صاخبة. وفنان العرب محمد عبده، سيحمل جديده إلى جمهور الدوحة، بعد أن اعتاد إطلاق أغانيه في مهرجان"جدة غير"، ويقدم من ألبومه"الأماكن"أغاني عدة، بينها"العروس"وپ"الوفا طبعي". من الكويت، تطلّ الفنانة نوال على خشبة مسرح الدفنة. ولم يعرف بعد إذا كانت ستقدم أي جديد من ألبومها الذي كان من المقرر طرحه قبل عيد الأضحى. وفي ليلة خاصة جداً، يلتقي جمهور الدوحة مع كاظم الساهر الذي ألهب حضور المهرجان السنة الماضية، وها هو يغني هذا العام بغداد والمرأة من خلال أغاني"انتهى المشوار". كما تغني في الليلة ذاتها المطربة السورية أصالة، صاحبة حنجرة الذهب. والمعروف أن أصالة التي قدمت ألبومات خليجية صرفة، تخصّ جمهور الخليج بأغان محلية جميلة، فضلاً عن أغانيها الناجحة من ألبومها الأخير"عادي". ومن مصر، اختارت إدارة المهرجان الفنانة المتألقة شيرين التي حققت صدى طيباً عند أهل قطر وزوارهم من البلدان المجاورة. حصة الأسد في ليلة شيرين ستكون مع أعمال ألبومها الأخير، ذات المبيعات المرتفعة،"لازم أعيش". فرصة الوجوه الشابة هذه المرة أيضاً أرادت إدارة المهرجان دعم الوجوه الشابة. وها هو الفنان الإماراتي عيضه المنهالي يشارك في الأمسيات الغنائية. غير أن طلّة المنهالي هذه السنة ستكون مختلفة. فعندما شارك في الدورة الرابعة، كانت انطلاقته الفنية في بدايتها، فتعرّف اليه الجمهور وأحب أغانيه. أما اليوم، فجمهور قطر ينتظر المنهالي ليستمع إلى أعماله الناجحة، ويحتفي بموهبة استطاعت أن تبدع تجديداً مطلوباً في الأغنية الإماراتية الكلاسيكية. وتدعم قطر أيضاً الفنانين المحللين. وها هو الفنان سعد الفهد الذي حافظ على حضوره الفني في الدورات الثانية والثالثة والخامسة، يستعيد فرصة الغناء أمام جمهور المهرجان العريض. وإذا كانت المغربية أسماء المنور شكلّت المفاجأة الفنية الشابة للعام الماضي، فهذه السنة تراهن إدارة المهرجان على الفنانة اليمنية أروى التي تغني في ليلة إحياء التراث اليمني مع أبو بكر سالم وكرامة مرسال وعبود الخواجه. وفي وقت أشار محمد المرزوقي، رئيس اللجنة المنظمة للمهرجان إلى أن الحرف الموسيقي مفتاح الصولو، شعار المهرجان،"ليس إلا دليل على تمكسنا بالأصالة"، أكد تيسير عبدالله، المسؤول الإعلامي للمهرجان، أن المؤتمرات الصحافية ستأخذ هذا العام أيضاً حيزاً أساسياً من النشاطات . من يتابع نشاطات مهرجان الدوحة منذ انطلاقته حتى اليوم، يلاحظ أن الأسماء الكبيرة المشاركة هذا العام سبق لها الغناء على خشبة المهرجان: أحلام تشارك للمرة السابعة على التوالي، محمد عبده ونوال للمرة السادسة، كاظم الساهر للمرة الخامسة... إلا أن حرص هؤلاء الفنانين على المشاركة وعدم استضافة الدورة الحالية لنجوم الصف الثاني، وتمسّك إدارة المهرجان بطريقة احتفاء خاصة بالنجوم المشاركين طريقة استقبالهم، مؤتمراتهم الصحافية الضخمة ليست سوى أدلة على تفوّق مهرجان الدوحة... لكن السؤال المطروح هو: ما الجديد الذي سيقدمه النجوم لجمهور اعتاد سماعهم في السنوات الماضية، وهل من تصريحات نارية؟ وهل سيؤمنون للمهرجان نقلة نوعية جيدة، تخرجه من عباءة البعد العربي، ليستضيف في السنوات المقبلة نجوماً عالميين، وينافس"بيت الدين"وپ"بعلبك"وپ"قرطاج"وپ"جرش"؟