صعّدت ايران فجأة لهجتها في ازمة ملفها النووي، واستبقت وصول وفد روسي لتبلغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية انه حددت التاسع من الشهر الجاري موعداً لاستئناف البحوث المتعلقة بتقنية انتاج الوقود النووي. ويرجح ان يطيح التصعيد الوساطة الروسية التي طرحت اقتراحاً بتخصيب اليورانيوم الإيراني في الأراضي الروسية. وإذ حمل الرئيس محمود احمدي نجاد على سياسة سلفيه محمد خاتمي وهاشمي رفسنجاني بوصفها"خفضت مكانة ايران في العالم الإسلامي"، رأى ان تصريحاته حول"محارق اليهود"في اوروبا اثمرت رد فعل"ايجابياً"! وأعلن نجاد أمس أن موقف بلاده من المسألة النووية"يعتبر شفافاً وصريحاً"، مؤكداً استعدادها ل"التباحث مع دول العالم في شأن عدم انحراف برنامجها عن أهدافه السلمية"، ومشيراً إلى استئناف العمل في منشآت أصفهان والبحث في استئناف العمل في ناتانز. وفي اجتماع مغلق للجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في البرلمان، أبلغ الرئيس الإيراني النواب أن سياسة الوفاق الخارجية التي تبناها الرئيسان السابقان رفسنجاني وخاتمي"لم تحقق شيئاً يذكر، وخفضت مكانة إيران في العالم الإسلامي". وزاد ان ايران في عهدهما"حاولت التودد إلى أوروبا"، كما نقل عن الرئيس النائب كاظم جلالي. واعتبر أحمدي نجاد ردّ الفعل على تصريحاته في شأن"محارق"اليهود"إيجابياً"حتى الآن، وقال:"العالم الإسلامي أصبح سلبياً خاملاً في مواجهة إسرائيل، ويحتاج إلى صدمة تقوم على الحقيقة". في المقابل، شكا جلالي الذي يترأس لجنة الصداقة البرلمانية الإيرانية - الروسية عدم اطلاع البرلمان على ما وصلت إليه المحادثات بين طهران وموسكو، قائلاً إن الحكومة ومجلس الأمن القومي"يلجآن إلى البرلمان عند حاجتهما إلى قانون ما". وذكر النائب حشمت الله فلاحتبيشة الذي حضر اجتماع لجنة السياسة الخارجية أن الرئيس يريد أن تتبنى إيران سياسة خارجية أكثر نشاطاً، وزاد:"أكدنا الحاجة إلى تعزيز الوحدة الوطنية في ضوء الظروف الراهنة التي يتحد فيها أعداؤنا ضدنا". على صعيد أزمة الملف النووي، اعتبر الناطق باسم الخارجية الإيرانية حميد رضا آصفي الاقتراح الروسي لتسوية الأزمة"غير مكتوب ولا يتعدى كونه فكرة تختلف كثيراً عن الاقتراح المدوّن، وإذا أرادوا اقتراح تخصيب اليورانيوم في روسيا فقط، فهذا غير مقبول، ولكن إذا كان ذلك يمثل خطة تكميلية أو موازية، سندرس الأمر". وأكد أن إيران ستناقش الملف مع الوفد الروسي المتوقع وصوله إلى طهران في السابع من الشهر الجاري. في الوقت ذاته، أعلن نائب رئيس الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية محمد سعيدي أن الوكالة"قررت ان تستأنف خلال الأيام المقبلة تحقيقاتها العلمية في منشآت ناتانز للوصول إلى تقنية إنتاج الوقود النووي، مستفيدة من تخصيب اليورانيوم". ونبه الى ان"قرار استئناف التخصيب لأهداف علمية منفصل عن مجمل برنامج تخصيب اليورانيوم والذي توقف بسبب معارضة الغرب له"، مشدداً على أن البحوث لا ترتبط بمسار المفاوضات مع المجتمع الدولي ودول الترويكا الأوروبية فرنسا وألمانيا وبريطانيا. وردت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مطالبةً إيران ب"الإبقاء على قرار تجميد النشاطات المتعلقة بتخصيب"اليورانيوم، بعد رسالة وجهتها إليها طهران في هذا الشأن. وتسلمت الوكالة"رسالة شفوية"من البعثة الإيرانية في فيينا تبلغها قرار"استئناف نشاطات البحوث والتطوير حول برنامج الطاقة النووية الذي عُلّق طوعاً ومن دون أي موجب قانوني"، كما ورد في بيان الوكالة. أما الناطق باسم الخارجية الفرنسية جان باتيست ماتيي، فقال:"نرغب في أن تستمر إيران في احترام تعليق كل النشاطات المتعلقة بتخصيب وإعادة معالجة اليورانيوم، كما اتفق عليه في تشرين الثاني نوفمبر 2004 ما يشمل أجهزة الطرد المركزي والبحوث". وزاد:"نطلب من إيران أن تأخذ في الاعتبار القلق الذي أعرب عنه مجلس حكام"الوكالة الدولية. وبينما تواجه طهران ضغوط الترويكا الأوروبية، أعلنت وزارة الخارجية الألمانية أن محاكمة الصياد الألماني الذي تحتجزه إيران وصديق فرنسي له بتهمة الصيد في المياه الإقليمية الإيرانية، ستبدأ غداً الخميس في مدينة بندر عباس الإيرانية. وعيّن محامٍ يتمتع بخبرة في قضايا مشابهة ليتولى الدفاع عن الألماني.