خلا خطاب القائم بأعمال رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود أولمرت أمام "مؤتمر هرتسليا" حول ميزان المناعة القومية لاسرائيل، من عناوين صارخة أو لافتة يمكن أن تؤشر الى تغيير في التوجه الاسرائيلي أو في مقاربة أقطاب الدولة العبرية من حل الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي ولم يأت بجديد يتعدى ما جاء في البرنامج السياسي للحزب الذي يقوده "كديما" المرشح لتحقيق أفضل نتيجة في الانتخابات البرلمانية بعد شهرين. وحرص أولمرت على أن يظهر، في أول خطاب علني منذ تسلم صلاحيات رئيس الحكومة ارييل شارون قبل ثلاثة اسابيع، رسمياً ومتزناً، وهو الذي زوّد في السابق وسائل الاعلام بعناوين كثيرة عن مشاريع شارون السياسية. ونأى بنفسه عن كل ما يمكن أن يعكر "الاجماع القومي" حول القضايا الرئيسة وتفادى الحديث عن مزيد من الانسحابات الاسرائيلية الاحادية الجانب من مناطق فلسطينية محتلة، علماً انه صاحب الفكرة وكان الداعم الأبرز لشارون في تنفيذ فك الارتباط عن قطاع غزة، فأكد من جديد تمسك اسرائيل بخريطة الطريق التي تقضي، وفقاً للتفسير الاسرائيلي، بقيام السلطة الفلسطينية بتفكيك البنى التحتية للفصائل المسلحة شرطاً لاستئناف المفاوضات معولاً على دعم دولي واسع لهذا المطلب. وكرر أولمرت الهاجس الاسرائيلي من اختلال "الميزان الديموغرافي" لمصلحة العرب في "فلسطين التاريخية" ممهداً لتبرير وجوب الانسحاب من المدن الفلسطينيةالمحتلة المأهولة بالسكان ومشدداً على أهمية ترسيم الحدود الدائمة للدولة العبرية وفقاً لاعتبارات ديموغرافية لا على أساس إبقاء السيطرة الاحتلال على عدد كبير من الفلسطينيين ليقول أيضاً ان حزبه - كما "العمل" و "ليكود" - لن يتخلى عن "القدس الموحدة" عاصمة للدولة اليهودية. ورأى مراقبون ان همّ أولمرت الأول، خلافاً للسابق حين لم يكن مرشحاً لرئاسة الحكومة، كان التشديد على الخطوط العريضة لسياسة تحظى بتأييد الوسط الاسرائيلي سعياً منه لعدم إبعاد أي من ناخبي "كديما" الذين التفوا حول الحزب بداعي انه يمثل التيار المركزي في اسرائيل. كما اهتم أولمرت بالتأكيد للاسرائيليين ان الدولة العبرية أقوى من أن تخشى فوز "حركة المقاومة الاسلامية" حماس في الانتخابات التشريعية التي تجري اليوم، وانه مهما تكن النتائج فإن رئيس السلطة الفلسطينية مطالب بتنفيذ تعهده لاسرائيل وللمجتمع الدولي بتجريد "حماس" من سلاحها، ملمحاً الى ان اسرائيل "التي تفضل التوصل الى تسوية عبر التفاوض مع الفلسطينيين" قد تضطر الى فرض تسوية كهذه، من دون استشارة الفلسطينيين اذا لم تنفذ السلطة التزاماتها. وجاء التفسير ل "عدم القلق الاسرائيلي" من فوز محتمل ل "حماس" من القطب الثاني في "كديما" شمعون بيريز الذي اعتبر في حديث اذاعي ان للفلسطينيين، وليس لاسرائيل، ما يخسرونه من فوز "حماس" وتساءل: "من سيتفاوض مع حماس في حال شكلت الحكومة الفلسطينية؟ من سيتفاوض مع تنظيم ارهابي؟ من سيقدم المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية؟ ماذا ستفعل حماس اذا لم تتخل عن سلاحها؟ كيف ستصرف معاشات نحو 150 ألف موظف؟". وتابع ان من السابق لأوانه الحديث عن فوز للحركة الاسلامية "وأنا شخصياً اقترح ان ننتظر بهدوء أعصاب ظهور النتائج وان كنت شخصياً استبعد فوز حماس". ورفض بيريز التمييز بين التيار المعتدل في الحركة والتيار المتشدد، وقال ان المفاوضات لا تتم مع أفراد انما مع تنظيم أو حزب.