لم يقرر مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة التحرك في كل الاتجاهات لضمان تنفيذ قراره منع انتشار السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وضبطه وتنظيمه في داخلها، الا بعدما أيقنت الحكومة ان اطلاق عناصر تابعين للجبهة الشعبية - القيادة العامة النار على موظفَين يعملان في بلدية الناعمة بذريعة اقترابهما من مركز عسكري تابع لها، كاد يحدث ردود فعل لم تكن في الحسبان لو لم يبادر المعنيون الى ضبطها. فالحادث بحسب مصادر وزارية، كاد يتسبب بمشكلة لبنانية - لبنانية، خصوصاً ان الحادث لم يكن مجرد احتكاك فردي، ويكشف نيات لدى بعض الاطراف الفلسطينيين تتعلق بتشريع سلاحهم المنتشر خارج المخيمات. وعزت عزم الحكومة على التحرك لتنفيذ قرار مجلس الوزراء في خصوص السلاح خارج المخيمات الى ان هذا النوع من السلاح لم يعد فلسطينياً بحتاً بل له صلة بالنظام السوري وسط تخوف من استخدام هذا السلاح في اطار الضغط السوري. وأكدت ان رغبة الحكومة بتوفير الضغط العربي لوضع حد للانتشار العسكري الفلسطيني خارج المخيمات تنطلق من تأخر الحوار اللبناني - الفلسطيني بعد رفض قوى فلسطينية حليفة لسورية تشكيل وفد فلسطيني موحد للحوار مع الحكومة اللبنانية. وفي المفاوضات السابقة لانهاء السلاح خارج المخيمات كان الأمين العام لپ"حزب الله"السيد حسن نصر الله بادر الى التحرك بناء لرغبة رئيس كتلة"المستقبل"النيابية سعد الحريري وقبل اسابيع من تشكيل حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في محاولة لايجاد حل نهائي للمشكلة. والتقى نصر الله الرئيس بشار الاسد، لتأمين الدعم السوري لايجاد حل سلمي للمشكلة في ظل تخوف لبناني من تمدد هذا السلاح في اتجاه مناطق لبنانية عدة. وأبدى الأسد تجاوباً أولياً مع نصر الله وتمنى عليه الاتصال بنائب الأمين العام للقيادة العامة طلال ناجي. وعقد اجتماع في مكتب الأمانة العامة للحزب في بيروت وحضره، اضافة الى نصر الله معاونه السياسي حسين الخليل كما حضر عن فضل شرورو الى ناجي من"القيادة العامة". وحاول وفد"القيادة العامة"إقناع نصر الله بأن يشغل المواقع التابعة للجبهة عناصر من المقاومة الاسلامية بعد ان تخليها ويرفعوا أعلام"حزب الله"عليها، لكن السيد نصر الله لم يأخذ بهذا الاقتراح لأن المقاومة لم تنشئ مكاتب لها في الجنوب، وبالتالي لن تشغل مكاتب"القيادة العامة"بين الاهالي. واعتبر نصر الله ان لا مبرر لهذه القواعد وانه مع حوار مباشر مع السلطة لإيجاد حل جذري لها على قاعدة التسليم بالحقوق المدنية للفلسطينيين. كما اقترح تحويلها الى مستوصفات توفر الخدمات للبنانيين والفلسطينيين. وبقي حوار نصر الله مع"القيادة العامة"عند حدود التشاور في الاقتراحات ولم يتح له الاستمرار بعد قتل المسّاح اللبناني في البقاع الغربي على يد عناصر تنتمي الى"فتح الانتفاضة"التي تتخذ من دمشق مقراً لقيادتها، ما أدى الى فرض الجيش اللبناني فرض اجراءات وتدابير حول المواقع الفلسطينية العسكرية بدءاً من الناعمة وانتهاء بالبقاعين الغربي والاوسط. وأزيلت هذه التدابير مع بدء الحوار الفلسطيني - اللبناني الذي توقف لاحقاً بعدما قيل للوزير الفلسطيني المكلف متابعة شؤون لبنان عباس زكي من قبل بعض المنظمات إن القرار في هذا الصدد في دمشق وان المشكلة ليست مع الفصائل المنتمية الى منظمة التحرير وانما مع قوى التحالف الفلسطيني الحليفة لسورية التي لم تقبل بتشكيل وفد فلسطيني موحد للبحث مع الحكومة اللبنانية. وإزاء توقف الحوار اللبناني - الفلسطيني الذي لم يحركه قرار مجلس الوزراء انشاء مكتب تمثيلي للفلسطينيين في لبنان وجه رئيس الحكومة رسائل الى عدد من القادة العرب ومن بينهم الرئيس المصري حسني مبارك، إضافة الى الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى طالباً التدخل لانهاء مشكلة السلاح الفلسطيني لأن وظيفته سياسية ومرتبطة مباشرة بدمشق. وعلمت"الحياة"ان رسائل السنيورة الى القادة العرب سبقت الاعتداء على الموظفَين في بلدية الناعمة لكنه عاد وتحرك في اتجاه الدول العربية وتحديداً لدى مصر عندما عرج عليها وهو في طريقه الى بيروت آتياً من المملكة العربية السعودية الاسبوع الماضي. وقد أثار مبارك مسألة السلاح الفلسطيني مع الرئيس الأسد وطلب منه التدخل لازالته، خصوصاً ان المجتمع الدولي، اضافة الى لبنان ينظر الى دور هذا السلاح على انه متناغم مع التوجهات السورية وبالتالي فإن دمشق في غنى عن الانجرار الى أزمة جديدة مع لبنان. وصارح مبارك الأسد بقوله ان المجتمع الدولي يحمّل سورية مسؤولية كل ما يحصل في لبنان حتى لو كانت غير مسؤولة عنه، فكيف اذا كانت المسألة تتعلق بسلاح فلسطيني عائد لفصيل يتخذ من دمشق مقراً لقيادته. وعلمت"الحياة"ان الحكومة اللبنانية تستعد لتسطير مذكرات جديدة الى الدول العربية طالبة منها التدخل الفوري من أجل مساعدة لبنان على حل مشكلة السلاح الفلسطيني.