استعد البحارة السبعة للموت، كتبوا وصاياهم الاخيرة، ودّعوا فيها زوجاتهم وأقاربهم، وانتظروا النهاية أربعة أيام مرت طويلة جداً من دون ماء أو طعام أو أمل في ان تتمكن العملية الضخمة الجارية فوق سطح الماء من انقاذهم. هذا ما كشفته مصادر طبية في المستشفى العسكري الذي نقل اليه بحارة الغواصة"اس 28"بعدما نجحت جهود فرق الانقاذ. كانت الغواصة التابعة للبحرية الروسية علقت الخميس الماضي في قاع المحيط الهادئ بعدما التفت حول مراوحها شبكة صيد سحبتها بقوة نحو اسلاك خاصة بهوائي محطة مراقبة الكترونية هي جزء من منظومة الدفاعات البحرية الروسية، وفور استقرار الغواصة على عمق 200 متر في قاع المحيط عادت الى مخيلة بحارتها السبعة صور مفزعة عن حادث غرق الغواصة النووية"كورسك"في بحر بارينتس قبل خمس سنوات وفشل محاولات انقاذ بحارتها ال118 الذين قضوا جميعاً في الحادث، وعلى رغم صعوبة الموقف خصوصاً بعدما تعلقت الأعين بعدادات تظهر مؤشراتها تناقص الهواء داخل الغواصة، قرر البحارة استباق النهاية المحتومة بكتابة وصاياهم الاخيرة، وقال اطباء في المستشفى العسكري الذي استقبل البحارة بعد ذلك ان الرسائل حوت كلمات حب ووصايا لذوي البحارة الذين فقدوا الامل في رؤية عائلاتهم من جديد. واللافت ان الرسائل كتبت بعد مرور ساعات قليلة على غرق الغواصة اي قبل يوم كامل على اعلان موسكو عن الحادث ولجوئها لطلب العون من الاميركيين والبريطانيين الذين لعبوا بعد ذلك الدور الابرز في انقاذ المحاصرين في عمق المحيط. وقررت عائلات البحارة الاحتفاظ بالرسائل الوداعية تذكاراً"لأصعب الايام التي واجهتهم"بحسب زوجة أحد البحارة الناجين. ومع تجاوز المحنة العصيبة روى الناجون تفاصيل عن ظروف حياتهم في الايام الاربعة التي قضوها في عمق المحيط، اذ اكتشف البحارة فور وقوع الحادث ان احتياطي ماء الشرب يكاد يكون معدوماً ما دفعهم الى تخصيص ثلاث جرعات من الماء لكل بحار في كل يوم، واكتفى البحارة الذين يواجهون الموت ببضع كسرات من الخبز اليابس في كل يوم لأن الغواصة التي كانت تقوم بتدريب اعتيادي لم تكن مجهزة بكميات كافية من الأطعمة والأشربة. وقال البحارة الناجون انهم قضوا الايام الاربعة متدثرين ببطانيات اضافية بسبب تدني درجة الحرارة داخل الغواصة. وكانت قيادة الاسطول طلبت من البحارة تقنين صرف الطاقة الكهربائية الى الحدود الدنيا تحسباً لانقطاع الاتصال مع الطاقم المحاصر. وأعاد الحادث الى الاذهان ذكريات مروعة عن رسالة كتبها احد بحارة"كورسك"قبل ساعات من موته الى زوجته وروى فيها تفاصيل اللحظات الاخيرة وكيف واجه بحارة الغواصة النووية مصيرهم المحتوم، واعرب عن تشاؤم طاقم"كورسك"حيال التدابير المتخذة لمحاولة انقاذهم. والطريف في حادث غرق"اس 28"ان الغواصة المخصصة اصلاً لأعمال انقاذ الغواصات الغارقة علقت في فخ لم يكن يخطر على بال أحد. وقال قائد اسطول المحيط الهادئ فيكتور فيدوروف ان لصوص الثروات البحرية نصبوا شباك صيد في منطقة محظورة بعدما استغلوا غياب اعمال المراقبة البحرية لأيام بسبب سوء الاحوال الجوية واضاف ان كاميرات المراقبة تحت الماء لم تكشف الشباك التي"اصطادت"الغواصة بسبب تعكر صفو المياه بعد عاصفة تعرضت لها المنطقة.