دعا وزير الثقافة العراقي نوري الرواي رجال الدين العراقيين بمختلف انتمائهم الديني والمذهبي إلى نبذ العنف والحفاظ على الوحدة الوطنية وعدم الرضوخ إلى من وصفهم ب"اصحاب الافكار المتطرفة". جاء ذلك في مؤتمر عام لرجال الدين عقد في بغداد امس تحت شعار"علماء الدين خانة السلام للبلاد والعباد"حضرته شخصيات دينية من مختلف الاديان والمذاهب وممثلون عن المرجعيات العليا في النجف والتيار الصدري و"مؤتمر أهل العراق"والوقف الشيعي. وشدد وكيل وزير الثقافة جابر الجابري على ضرورة تحصين الساحة العراقية من الاختراقات المشبوهة التي تحمل ألوية الدين والشريعة والقيام بدور وقائي لتحصين وتأهيل المجتمع العراقي من غزو الارهاب. وقال ل"الحياة"ان"تحصين الشباب العراقي بمصل مضاد لظاهرة الارهاب بات امراً حتمياً بسبب انتشار العنف في البلاد وانسياق بعض السذج والبسطاء من العراقيين وراء من يرتدون الرداء المزيف للدين"، مؤكداً"ضرورة اجماع رجال الدين على انكار مشاهد الارهاب التي تتخذ من الشارع العراقي مسرحاً منذ اكثر من عامين". وذكر الشيخ عادل الساعدي ممثل المرجع الشيعي آية الله محمد اليعقوبي ل"الحياة"ان المرجعية"تسعى إلى تثبيت موقفها تجاه الارهاب كونه لا يمثل الدين الاسلامي ولا يمت بصلة إلى المقاومة الشريفة في البلاد، لا سيما ان المقاومة تمثل الشعب ولا تستهدفه، كما ان الاجندة التي يعتمدها الارهابيون لا تمت بصلة إلى مفهوم الجهاد في الاسلام الامر الذي دفع القوات الاميركية إلى استخدامه ورقة ضغط لتمزيق وحدة العراق واشاعة التناحر بين اطيافه". وطالب عضو مجلس الحكم المنحل السيد محمد بحر العلوم الحكومة العراقية بتحمل مسؤولياتها ومحاكمة"حاملي راية الفتنة"، وقال ان تخاذل السلطة في هذا المجال يوجب على رجال الدين اتخاذ موقف حازم بشأن القضية، مشيراً إلى دور القوات الاميركية في توسيع دائرة العمليات الارهابية نتيجة الاخطاء الخطيرة التي ترتكبها في محاسبة منفذيها ومنها اطلاق سراح العشرات منهم بحجة عدم التأكد من هوياتهم، داعياً إلى تجفيف منابع الارهاب الفكرية. واقترح الاب جميل نيسان ممثل الطائفة المسيحية في المؤتمر فتح باب الحوار مع الذين يمارسون اعمال العنف في البلاد من العراقيين. وقال ان الدولة تتحمل جزءاً من مسؤولية انتشار الارهاب لعجزها عن توفير فرص العمل والخدمات الرئيسية للمواطنين مثل الماء والكهرباء مشككاً في امكانية معالجة الظاهرة من قبل الدولة بعدما اصبح الارهاب اقوى منها. وحذر الشيخ ستار جبار ممثل الصابئة المندائيين من صمت بعض الاطراف بدون تسميتها وعدم اعلانها موقفاً محدداً ازاء القضية، وقال ل"الحياة"ان"استمرار الوضع الحالي على ما هو عليه قد يفضي إلى هدم البلاد ونكون جميعنا خاسرين"، مؤكداً ان جميع العراقيين على اختلاف مذاهبهم نالوا نصيباً من عمليات العنف وان الارهاب بات حالة عامة وليس له دين او موطن محدد. ووصف صالح الحيدري رئيس ديوان الوقف الشيعي الدعوة إلى محاربة الارهاب"بالدعوة السامية"التي يتوجب اسنادها من قبل رجال الدين، وطالبهم بابداء مواقف واضحة من الارهاب وتشخيص العناصر التي تمارس القتل على الهوية. واقترح حارث العبيدي عضو"مؤتمر أهل العراق"سني تشكيل مؤتمر عام لرجال الدين تنبثق عنه لجان لتفعيل المقررات التي يخرج بها لمواجهة اعمال العنف التي استهدفت السنة والشيعة على حد سواء. وقال رجل الدين السني عبد الجليل حمادي ان العراق يتعرض لتهديدات خطيرة تقف عائقاً امام استقراره الامني وتتمثل بالوجود الاجنبي والتهديد الطائفي والعرقي حيث تستغل بعض الاطراف التنوع الديني والقومي في البلاد لتغذية مشاريع الانفصال مشدداً على اهمية دفن المشروع الطائفي في البلاد وتجاوز العناوين الفرعية باتجاه الوحدة. وحذر من"نوعين من الارهاب السائد في العراق اولهما الارهاب الاميركي وثانيهما ارهاب الدولة". وقال ان"شجب الارهاب يجب ان لا يقتصر على العمليات التي ينفذها الزرقاوي او بعض الجهات التي تستهدف المدنيين انما يمتد ليشمل جميع انواع الارهاب بما فيها الارهاب الحكومي الذي تمارسه الدولة من خلال اجهزتها الامنية". على صعيد متصل أكدت مصادر مطلعة ل"الحياة"عزم عدد من التيارات السياسية والدينية على توقيع ميثاق شرف يدعو إلى تحريم سفك دم العراقيين من اية جهة كانت، وقال عدنان الدليمي الامين العام لمؤتمر اهل العراق ل"الحياة"ان الميثاق قد يواجه معارضة لبعض فقراته من بعض الاحزاب السياسية في الحكومة، لا سيما ان احدى فقراته تشير إلى تحريم سفك الدم العراقي من قبل الدولة واجهزتها واعتبار ضرب المدن الآمنة وتشريد سكانها ارهاباً لا يقل خطورة عن العمليات التي يمارسها اعوان الزرقاوي في العراق. فيما قلل فخري القيسي عضو مجلس الحوار الوطني العراقي وأحد قادة النهج السلفي من تأثير توقيع الميثاق على انحسار المشكلات الامنية التي تشهدها البلاد معتبراً ان سيكون بمثابة ذر الرماد في العيون ومفضلاً العودة إلى الشريعة الاسلامية التي حرّمت دم المسلمين.