أقال المجلس الوطني لاتحاد الكتاب الجزائريين الشاعر عز الدين ميهوبي من رئاسة الاتحاد في اجتماع عقده في 15/9 الجاري في مدينة قسنطينة، بأربعة وعشرين صوتاً ومعارضة ثلاثة أصوات ممن حضروا الاجتماع أو وكَّلوا الحاضرين من مجموع 37 عضواً، وهي المرة الأولى التي يُقالُ فيها رئيس الاتحاد منذ إنشائه. وفي بيان أصدره المجلس أوضح أنَّ المؤتمر التاسع سيُعقَد على مدار يومين في الفترة الممتدة من 15 إلى 30 تشرين الثاني نوفمبر المقبل، وأنَّه كلَّف اللجنة التحضيرية المنتخبة من أعضائه في 28/04/2005 بالقيام بمهمة الرئيس إلى حين عقده وإبلاغ من يهمُّه الأمر بذلك. وأشار إلى أن أسباب الإقالة تعود إلى عرقلة رئيس الاتحاد لأعمال اللجنة التحضيرية للمؤتمر التاسع واستخفافه بالمجلس إذ رفض حضور الاجتماع على رغم علمه المُسبَق بموعده على رغم وجوده في مكان عقده إضافة إلى أمور أخرى. وأوضح البيان أن مبررات المعارضين للإقالة ومنهم كاتب هذه السطور هي أنها جاءت متأخِّرة ولا معنى لها في الظرف الراهن لأن عهدة المُقال ستنتهي بصورة طبيعية بعد شهرين على أكثر تقدير من الآن، عندما سيعقد المؤتمر. ومع أن هذه الإقالة كانت مُنتظَرَةً منذ أمد بعيد للاحتقان والانسداد الكبيرين اللذين يعرفهما الاتحاد ومحيطُه منذ منتصف العهد، إلا أنها فاجأت كلَّ الأوساط تقريباً لموعدها غير المناسب للسبب السابق ذكره، ولكونها نغماً نشازاً في الجوِّ العام الذي تعيشه الجزائر هذه الأيام استعدادا للاستفتاء حول مشروع ميثاق السلم والمصالحة الوطنية المُزمَع إجراؤه في 29 من الشهر الجاري. وللإشارة كان عز الدين ميهوبي يقضي إلى تاريخ إقالته عهدته الثانية على رأس الاتحاد، وقد بدأ في تهاية سنة 2001 بعد عهدة اولى انتُخِب لها أثناء المؤتمر السابع الاستثنائي الذي عقد في مدينة سطيف في ربيع سنة 1998 آذار مارس ونيسان ابريل. هذه الإقالةُ محاولة ناجحة بعد محاولات أخرى عدة سابقة أجهضت كلُّها ولم تر النور. هذا وكان أربعة أعضاء من المجلس الوطني أحدهم عضوٌ في الأمانة الوطنية، ومنهم كاتب هذه السطور وكان سبق أن سحبوا ثقتهم من ميهوبي في بيان مؤرَّخ في 12/10/2002 تناقلته الصحافة المحلية والعربية ولخَّص آنذاك المآخذ على ميهوبي التي يتداولها مناوئوه وأهمها: - تغييب دور الأمانة الوطنية والمجلس الوطني اللذين لا يجتمعان دورياً إطلاقاً كما تنص على ذلك قوانين الاتحاد، بل يجتمعان"مناسباتيً"وفي دورات متباعدة، وما نجم عن ذلك من تفرُّد وتوحُّدٍ كاملين في تسيير شؤون الاتحاد مما أغضب الكثيرين وأوجد حالة من التذمُّر العام في قاعدة الاتحاد من الكتاب والمثقفين. - غياب ترشيد للمصاريف واستعمال لا عقلاني لمقدرات الاتحاد وهو ما أوقعه في عجز عن الدفع أدى إلى انقطاع نهائي للهاتف والفاكس عن مقره المركزي في ارقى وأفخم وأجمل شوارع العاصمة إضافة إلى الانقطاع المتكرِّر للكهرباء، علما أن ما تلقاه ميهوبي من دعم مالي على امتداد عُهدتيه هو أضعاف مجموع ما تلقته كلُّ العهدات السابقة. - الإهمال والتسيب في التسيير اليومي لشؤون الاتحاد مما أدى إلى تدهور وضعية المقر، وتضييع الأمانة ما أدَّى إلى ضياع مصالح مادية ومعنوية للاتحاد وللمثقفين والأدباء الجزائريين داخل الوطن وخارجه. - التفرُّدُ المطلق في الإشراف على إصدارات الاتحاد وغياب لجنة قراءة تتحمَّل مسؤولية ترشيح النصوص للنشر وتقرير ما يصلُحُ منها لذلك مما أدَّى إلى غياب الحدِّ الأدنى من المستوى المطلوب علمياً وفنياً في كثير مما صدر باسم الاتحاد، هذا مع التغييب الكلي والتام لمجلَّة الاتحاد الكاتب الجزائري التي لم يصدر منها على امتداد عهدتي ميهوبي سوى عدد واحد يتيم على شكل تابلويد من 24 صفحة، وهي ذات الحجم الكبير وفي شكل كتاب. كما لا ينسى مناوئو ميهوبي الإشارةَ إلى تغييبه أو إلغائه أو تنازله عن كثير من المهرجانات الثقافية الأدبية الفكرية التي كان الاتحاد يشرف على تنظيمها أو يسهم فيها. من جهته ينفي عز الدين ميهوبي هذه الاتهامات جملة وتفصيلاً ويرى أن إقالته غير قانونية لأن الاجتماع الذي تمَّت فيه غير قانوني لعدم توفُّر النصاب القانوني للحضور ولأن الوكالة في رأيه لا تغني عن التواجد الطبيعي للشخص الموكِّل في مكان الاجتماع. ويتباهى بأنه سيترك وراءه أكثر من مئتي عنوان لكتب طبعها الاتحاد في عهدتيه. وفي هذه النقطة يردُّ عليه خصومه بأن الطباعة لم تقتصر على الاتحاد بل أن كلَّ الجمعيات المُعتمَدَة الموجودة في الساحة طبعت هي أيضاً ومنها من طبع أحسن من الاتحاد شكلاً ومضموناً، كما أن الطباعة ليست مجهوداً من ميهوبي أو الاتحاد بل صادفت برنامجاً للحكومة أُنشئ بموجبه صندوق دعم الإبداع الذي أعطى الفرصة لكثيرين ممن استفادوا منه هيئات وأفراداً. هذا وتجدر الإشارة إلى أنَّ عز الدين ميهوبي قد انتُخِب رئيساً للاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب الذي عُقد في الجزائر في نهاية سنة 2003. هنا أيضاً يأخذ عليه خصومُه أنه لم يَقم بها كما ينبغي، وبأنه كان ضحية للانتشاء بالمنصب مما أنساه المطالبة بصلاحيات. والحق أن في هذا الكلام شيئاً من الصحة. فمنصب الرئيس لم يكن موجوداً بل استُحدِث ترضية. والخلاصة أن ميهوبي كما يرى كثيرٌ من كتاب الجزائر داخل الاتحاد وخارجه فشل فشلاً ذريعاً وأخفق إخفاقاً غير مسبوق في تسيير الاتحاد حتى في أحلك ظروفه. الشيء الوحيد الذي أفلح فيه هو تسخيرُه الاتحاد الذي فتح له أبواباً ما كان ليدخل منها ورسم له آفاقاً ما كان ليرتادها لخدمة شخصه وتلميع صورته، فكان أن دخل وأوصد الباب من دون الآخرين وسدَّ الآفاق في وجوههم فحدث ما حدث.