قرر اعضاء قياديون في المكتب الوطني لاتحاد الكتّاب الجزائريين سحب ثقتهم بالرئيس الحالي للاتحاد عزالدين ميهوبي، لفشله في تسيير امور الاتحاد، وتدهور اوضاعه المادية والمعنوية بحسب ما جاء في البيان المذيل بإمضاءات اربعة اعضاء من المجلس الوطني والأمانة الوطنية وهم: احمد منور، مصطفى فاسي، رابح خدوسي، ابراهيم صحراوي. وقد عقد الشاعر عزالدين ميهوبي ندوة صحافية لتوضيح بعض ما خُفي عن الجميع، وأصرّ على ان ازمة الاتحاد ناجمة عن مشكلات مادية بحتة لا علاقة لها بالاتهامات التي وردت في البيان الذي اصدره الأعضاء السابق ذكرهم، ولم يخف ميهوبي تذمره من هؤلاء الأعضاء مؤكداً ان الاتحاد لم يتلق التمويل السنوي الذي تقدمه وزارة الثقافة والاتصال منذ 1999 وقدره مليون ونصف مليون دينار وهو مبلغ ضئيل يقول عزالدين ميهوبي - لا يغطي نفقات الاتحاد ولا يسمح له بتحقيق حضور ثقافي وطني ودولي. ويضيف: "ان الاتحاد لا يقبل سياسة "الترقيع" التي تنتهجها وزارة الثقافة والاتصال التي سبق لها ان قدمت مبلغ 30 مليون سنتيم 3 آلاف دولار اميركي للاتحاد وتم رفضها لأنه - بحسب رئيس الاتحاد - لا ينبغي ان نتعامل مع هذا التنظيم بالطريقة نفسها التي يتعامل بها مع الجمعيات الثقافية الجهوية الأخرى. وتحدّث عن مبلغ 750 مليون سنتيم سبعة آلاف وخمسمئة دولار الذي اقترحه سابقاً على وزارة الثقافة ليكون تمويلاً سنوياً للاتحاد. وقد احتلت مواضيع هامشية جلّ حديث ميهوبي كالحديث عن فاتورة التلفون والكهرباء وسواها. ولم يشكل العجز الأدبي وجمود الاتحاد الذي لم يعد يقدم شيئاً للثقافة وبررهما المتحدث كذلك بأزمة التمويل. ولم يذكر اي امر عن ضعف او عجز "كتّاب" اتحاد الكتّاب عن فتح فضاءات اوسع لأنفسهم بعيداً من الحسابات الشخصية والنزاعات حول الأسفار تحت غطاء تمثيل الثقافة الجزائرية في الخارج. وأزمة اتحاد الكتّاب الجزائريين لا يمكن وصفها بالجديدة او الوحيدة ان صح التعبير، فهذا الوضع المزري الذي يعاني منه حالياً عانى منه سابقاً عندما كان الناقد عبدالله حمادي رئيساً عليه، فقد انتُخب ميهوبي بعد المؤتمر الثامن ل"الانبعاث" الذي أُقيم في سطيف في آذار مارس عام 1997. وكان الاتحاد حينذاك في حال ركود تام. وأقام الكتّاب والأدباء مؤتمر الانبعاث محاولين انقاذ الهيئة الأولى للمثقفين. فخرج المؤتمرون بالإجماع على تزكية او انتخاب الشاعر عزالدين ميهوبي، الذي اعيد انتخابه ثانية في كانون الأول ديسمبر 2001. وقد صرّح عام 1999 لمجلة "العربي" في حوار اجراه معه سهيل الخالدي انه يُعد لإصدار اكثر من مجلة: "المساءلة" و"الرؤيا" و"الكاتب الجزائري" بحسب الوضع المادي والمعنوي، وهذه تصريحات قالها منذ سنة توليه رئاسة الاتحاد. إذ لا شيء من ذلك تحقق. علماً ان الاتحاد يضم 350 كاتباً ومبدعاً، وله 30 فرعاً جهوياً في ربوع الجزائر. وكان ينوي الاتحاد بحسب تصريحات ميهوبي ان يؤسس فرعين احدهما في اوروبا وآخر في المشرق والخليج العربي. وهذا يعني ان كل عوامل النجاح كانت متوافرة للنهوض بالاتحاد، خصوصاً ان ميهوبي قبل بلوغه البرلمان نائباً عن ولاية المسيلة التي ولد في إحدى قراها سنة 1959 يشهد له بالنشاط والمثابرة، إذ له دواوين عدة ومنها: "في البدء كان الأوراس"، "النخلة والمجذاف"، "اللعن والغفران"، "قناديل من وطني". وقد سبق له ان ترأس تحرير جريدة "الشعب" وأصدر جريدة رياضية ناجحة جداً اسمها "الملاعب"، وأدار التلفزيون الجزائري فترة. وفي عزّ هذا الهجوم الأخير الذي تعرّض له، يبدو ميهوبي غير مبال بكل ما يقال عنه وانه تغير بنسبة 180 درجة، وأنه لم يعد الشخص نفسه الذي انتخب بالإجماع رئيساً للاتحاد سنة 1997. ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا لم تُسحب الثقة من ميهوبي سابقاً؟ ولماذا جُدّد انتخابه ما دام غير اهل للثقة؟ هل لأنه كان نائباً في البرلمان وكل الألسنة تتملقه؟ رداً على هذا السؤال يقول ابراهيم صحراوي وهو ناقد معروف، وله مكانته في الساحة الثقافية، وهو احد الأعضاء الموقعين بيان سحب الثقة: "هذا سؤال جيد، لماذا لم نسحب الثقة من ميهوبي قبلاً ولمَ فعلنا ذلك الآن؟ لا علاقة للبرلمان إطلاقاً بقضية سحب الثقة إن كنتِ متابعة جيدة لاتحاد الكتّاب وأجوائه ستعلمين انني في ما يخصني لم اكن ابداً على وئام مع عز الدين في ما يتعلق بتسيير اتحاد الكتّاب، والكل في الاتحاد يتذكر استقالتي من الأمانة الوطنية لاتحاد الكتّاب صيف سنة 2000 لاختلافي مع ميهوبي في طرق التسيير واختلاف وجهتي نظرنا في الموضوع مع انه صديقي وليست لأي منا حساسية تجاه الآخر إلا في موضوع الاتحاد بطبيعة الحال. تسييره يا سيدتي "كارثي" لأنه لا مبال ومهمل وقد كنا، الموقعين على البيان ومن ضمنهم انا، نؤخر ونؤجل اعلانه متعللين بإمكان انصلاح عز الدين في يوم من الأيام... ولكن...". اما البيان الذي وقعه المنسحبون فمن نقاطه: تدهور اوضاع الاتحاد مادياً ومعنوياً، سوء التسيير والتفرد بالقرار والرأي، تغييب دور المجلس الوطني الذي لم يجتمع إلا مرة واحدة منذ المؤتمر الثامن، تغييب دور الأمانة الوطنية التي لم تجتمع منذ اكثر من ستة اشهر ولم تجتمع اطلاقاً بأعضائها كلهم...