سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الحرس الجمهوري يقود انقلاباً خلال وجود ولد الطايع خارج البلاد ... نواكشوط تحت سيطرة الانقلابيين وعدم وضوح موقف الوحدات المتمركزة خارج العاصمة . انقلابيو موريتانيا شكلوا "مجلساً عسكرياً" ووعدوا بالعودة الى الديموقراطية "خلال سنتين"
ساد الغموض العاصمة الموريتانية، أمس، بعد محاولة انقلاب جديدة ضد حكم الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع الذي كان في طريق العودة من المملكة العربية السعودية إلى نواكشوط بعدما شارك في مراسم جنازة الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز. وفي حين أشارت مصادر متطابقة الى أن طائرة الرئيس الموريتاني حطت في مطار نيامي الدولي في النيجر بعد تبلغه بمحاولة الانقلاب، أُفيد أن محاولة الانقلاب يقف وراءها ضباط كبار في الأمن الرئاسي والجيش. وبادرت القوات العسكرية المسيطرة على الوضع إلى إغلاق مطار نواكشوط الدولي في وجه الملاحة الجوية بما في ذلك الرحلات المدنية. وعلى رغم عدم اتضاح مدى سيطرة الانقلابيين على الأوضاع خارج العاصمة، فإنهم بادروا الى إصدار بيانهم الرقم 1 وأعلنوا تشكيل"المجلس العسكري للعدالة والديموقراطية"برئاسة العقيد أعلي ولد محمد فال والعقيد محمد ولد عبدالعزيز نائباً له. وهاجم الانقلابيون في بيانهم الذي بثه التلفزيون الرسمي سياسيات الرئيس ولد الطايع، مشيرين الى ما سموه"ممارسات استبدادية للحكم البائد". والتزموا تحضير"الظروف المواتية لديموقراطية نزيهة وشفافة"خلال فترة لا تتجاوز سنتين. كذلك أكدوا التزامهم"جميع المعاهدات والمواثيق الدولية"التي صادقت عليها. وذكرت وكالة"الأخبار"الموريتانية المستقلة"أن المجلس العسكري للعدالة والديموقراطية"أمر بإغلاق كل المؤسسات الحكومية حتى إشعار آخر. ولفتت الى ان الانقلاب"تم بمشاركة الحرس الجمهوري والمنطقة العسكرية السادسة في شكل رئيسي"في حين لف الغموض"مصير العديد من القادة العسكريين الذين لم تظهر أسماؤهم بين قادة الانقلاب". وتابعت"أن حراس السجن المدني في نواكشوط غادروا السجن وفتحوا المجال أمام المعتقلين للخروج". وتدخل وزير الاتصال الموريتاني السيد حمود ولد عبدي"من مكان مجهول في موريتانيا"ليتحدث مباشرة عن تطور الأوضاع بعد محاولة الانقلاب. ودعا في تصريح بثته قناة"الجزيرة"القطرية ما سماها"القوى الحية"الى أن"تهب للدفاع عن الشرعية والمشروعية"، في إشارة إلى حكم الرئيس الطايع، قائلاً أن مرحلة حكمه كرست"الشرعية القانونية والدستورية والإنجازات الكبيرة وتحقيق الاستقرار، بالإضافة إلى الشرعية الكبرى وهي حكم الشعب". وأفادت وكالة"الأخبار"أن منفذ الانقلاب هو العقيد محمد ولد عبدالعزيز قائد الحرس الرئاسي والعقيد محمد ولد الغزواني قائد سلاح المدرعات بمشاركة ضباط آخرين في قيادة الأركان. وذكرت بأن العقيد ولد محمد فال، مدير الأمن الوطني، وافق هو الآخر على العملية الانقلابية بعد محاصرة الحرس الرئاسي لمنزله. لكن اختياره رئيساً للمجلس العسكري الجديد يطرح تساؤلات في شأن علاقته ببقية الانقلابيين، إذ لا يُعقل ان يختاروه قائداً لهم إذا لم يكن اصلاً من المجموعة التي قادت تحركهم. ويعرف عن العقيد ولد محمد فال وفاءه المطلق للرئيس ولد الطايع وصداقتهما الحميمة، كما كان له دور فعال في إفشال انقلاب حزيران يونيو 2003. وكانت وحدات من الحرس الرئاسي بدأت منذ ساعات الصباح الأولى في السيطرة على المنشآت الحيوية في العاصمة نواكشوط ونشرت آليات مجهزة بأسلحة ثقيلة وبطاريات مضادة للطيران في نقاط إستراتيجية عدة في العاصمة. واستولى الجنود الذين انتشروا في عدد من النقاط الاستراتجية على مباني ومقار الجيش وقيادة هيئة الأركان والدرك والحرس الرئاسي والمطار والإذاعة والتلفزيون اللذين لم يبثا في الصباح برامجهما كالمعتاد عاودتا البث بعد إذاعة بيان الانقلابيين. ولم تسمع في الصباح إلا طلقات نارية طفيفة ودوي قذيفتين في العاصمة، مما يوحي بأن الانقلابيين يسيطرون على الوضع تماماً. وقال شهود إن الشوارع"كانت شبه خالية إلا من وحدات عسكرية بين مؤسسات الدولة أو قيادات الأركان". وتابع أحد الموريتانيين يصف الوضع:"الشوارع تكاد تخلو إلا من تجمعات صغيرة هنا وهناك". وأفاد آخر أن دوي إطلاق نار سمع في محيط القصر الرئاسي الذي سيطر عليه الحرس وأغلقوا الطرق المؤدية إليه وإلى مقرات الوزارات. وأفادت أوساط موريتانية أن قوات الشرطة كانت"محايدة"ولم تقم بأي أعمال قمع أو تدخل لمواجهة الوضع. وذكر شهود أن العديد من رجال الشرطة يسلمون على السكان"مهنئين بنجاح الانقلاب". وذكرت مصادر إعلامية موريتانية أن الانقلابيين اعتقلوا العديد من الضباط المقربين من الرئيس ولد الطايع ومن بينهم العقيد العربي ولد جديد قائد أركان الجيش والعقيد سيدي ولد الريحة قائد أركان الدرك وقائد أركان الحرس الوطني العقيد عينينا ولد أييه. وقالت وكالة"فرانس براس"أن ضباطاً في الحرس الرئاسي يقودون محاولة انقلابية على الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع الموجود حالياً خارج البلاد. في السياق ذاته تجمع العديد من المواطنين أمام السجن المدني في انتظار إطلاق بعض السجناء السياسيين من أمثال الشيخ محمد الحسن ولد الددو ومحمد الأمين ولد الحسن، كما حدث أثناء المحاولة الانقلابية الفاشلة في بداية حزيران يونيو 2003 والتي قُمعت بعد أربعة ايام من المواجهات. وقالت مصادر موريتانية ان القادة الذين نفذوا الانقلاب عقدوا اجتماعاً طويلاً مع القادة العسكريين لضمان التوافق بينهم وتجنب حدوث مواجهات مسلحة سيما وأن الفيالق الأساسية للجيش الموريتاني تتواجد خارج العاصمة. وذكر السيد محمد مختار الشنقيطي، رئيس"المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان"ومقره تكساس في الولاياتالمتحدة، ان الانقلابيين الذين نجحوا في قلب حكم الرئيس الطايع، يعملون على ضمان الإجماع داخل بقية هيئة الأركان وقادة النواحي. وتوقع أن يتم التشاور مع ضباط حركة"فرسان التغيير"بزعامة الضابط صالح ولد حنانة الذي نفذ محاولة انقلابية فاشلة قبل عامين لكسب الشرعية لدى المعارضة. ورجح محللون أن يكون من الصعب على الضباط الرافضين للحركة الانقلابية التدخل والحسم في الوضع قريباً نظراً إلى وجود عدد كبير من العسكريين الموريتانيين شمال البلاد وشرقها قرب ثكنة لمغيطي حيث تم نشر عدد كبير من وحدات النخبة لملاحقة الجماعات الإسلامية المسلحة التي هاجمت الثكنة أخيراً. كما أن فريقاً آخر من الجيش الموريتاني يوجد في منطقة قريبة من شمال مالي في إطار عمليات مشتركة مع القوات الجزائرية تحت إشراف الولاياتالمتحدة.