أعلن الرئيس الموريتاني معاوية ولد سيد احمد الطايع أمس أن قواته نجحت في القضاء على محاولة انقلاب عسكري ضد حكمه، وقال في أول تصريح اذاعي له منذ تفجر القتال في البلاد قبل يومين ان الانقلابيين خططوا لإنهاء "عملية التنمية والتحرير" التي تنفذها حكومته. وأضاف في كلمة مقتضبة بثتها الإذاعة والتلفزيون ان القضاء على المحاولة استغرق بعض الوقت لأنه "كان من الضروري تدمير دبابة تلو دبابة". في أول إشارة رسمية إلى أن سلاح المدرعات في الجيش الموريتاني شارك في المحاولة الانقلابية. وأسفرت المحاولة والمعارك في العاصمة نواكشوط عن مقتل أعداد غير محددة من الجنود والمدنيين، بينهم قائد الأركان العامة للجيش ولد أنديان الذي قاد القوات الموالية للرئيس، وأمر الأخير الذي أشرف شخصياً على إحباط المحاولة، بتعيين مدير الأمن الوطني علي محمد فال قائداً للأركان موقتاً. راجع ص 6 وقال مصدر موثوق به ان 16 جريحاً من المدنيين نقلوا إلى المستشفى الوطني في نواكشوط، توفي منهم ثلاثة أمس. وفيما خرجت مئات من السيارات إلى شوارع المدينة، ابتهاجاً بفشل محاولة الانقلاب، ظلت السوق مقفلة ربما لتأثر أصحاب المتاجر بأعمال النهب والفوضى التي عمت نواكشوط. وأطلقت السيارات أبواقها وهتف مواطنون بحياة ولد الطايع مرددين "انتصرنا". ولا يزال الغموض يحيط بتفاصيل كثيرة عن مجريات ما حدث في اليومين الماضيين، ولم يُعرف مصير الانقلابيين الذين ذكِر أن القوات الحكومية طاردتهم إلى خارج العاصمة، فيما سمعت أصوات انفجارات شديدة حول أطراف المدينة. وعلى رغم الإشارة البسيطة إلى الانقلابيين التي تضمنتها كلمة ولد الطايع، لم يسجل هؤلاء أي شيء يدل على هويتهم الشخصية أو السياسية، حتى أن الأسماء المتداولة في شكل غير رسمي للمشاركين في المحاولة، لا تتضمن أي اسم يُعرف أن لصاحبه علاقة بحزب "البعث"، كما ليس هناك وجود للإسلاميين في صفوف الجيش الموريتاني. ولكن يعتقد أن الانقلابيين هم مجموعة من الضباط الشبان الذين يفترض أنهم يعارضون العلاقات الديبلوماسية مع إسرائيل. وما زاد غموض هوية الانقلابيين أن أياً من الأحزاب المعارضة أو غيرها لم يُصدِر أي إشارة تتعلق بالمحاولة، بالإضافة إلى غياب أي مؤشر إلى امتداد خارجي لها. ولم تتأكد أنباء تناقلتها وسائل الإعلام عن العقيد صالح ولد حنانة بوصفه قائداً للمحاولة. وعلى عكس ما ذكِر، لا علاقة لحنانة بحزب البعث العربي الاشتراكي المحظور في موريتانيا. وكان التنظيم العسكري للبعثيين الموالين للعراق نفذ محاولة انقلابية فاشلة في موريتانيا عام 1989، تلتها عملية تطهير واسعة في صفوف الجيش، إذ سجن عدد كبير من الضباط والجنود، وطرِد من الخدمة حوالى 400 ضابط. وبعد حل حزب "البعث" انبثق منه حزب "الطليعة" المعارض الذي تعرض قادته للملاحقة القانونية أخيراً وحكِموا بالسجن قبل أسبوعين.