أعلن الرئيس الموريتاني معاوية ولد الطايع احباط محاولة الانقلاب التي شنها "ضباط في الجيش الوطني". وقال في كلمة مقتضبة بثتها الاذاعة اولا ثم التلفزيون ان الضباط المتمردين "استولوا على وحدة مدرعات" فاضطرت القوات الموالية الى تدميرها "دبابة دبابة". وبدا الرئيس متعباً ولكن بصحة جيدة، وهنأ الضباط وضباط الصف وجنود الجيش الموريتاني وشكرهم، مؤكدا ان الجيش اثبت انه "قادر على مواجهة اصعب الاوضاع". ونزل سكان نواكشوط بالآلاف الى الشوارع للاحتفال باحباط المحاولة الانقلابية وهم يهتفون "النصر النصر ليحيى معاوية"، في حين ظل ولد الطايع متوارياً عن الانظار حتى بعد الظهر. وتوقف اطلاق النار عند الثانية ظهراً بعدما كان استمر اربع ساعات امس، في اليوم الثاني من المعارك في العاصمة الموريتانية. وكانت السلطات الموريتانية اعلنت بعيد منتصف ليلة الاحد - الاثنين انتهاء المحاولة الانقلابية التي بدأت قبل 24 ساعة وتوقيف جميع الانقلابيين أو استسلامهم. كما اعلنت ان العقيد صالح ولد حنانة الذي اقيل من الجيش العام الماضي هو الذي قاد محاولة الانقلاب. غير ان المعارك استؤنفت في السادسة صباح أمس بالاسلحة الرشاشة والثقيلة في وسط نواكشوط حيث المباني الرسمية وعدد من المنشآت العسكرية. القاهرة، أديس أبابا - أ ف ب، رويترز - قال شهود ان القوات الموالية للرئيس الموريتاني معاوية ولد سيد أحمد الطايع استعادت سيطرتها أمس على قلب العاصمة نواكشوط من قوات متمردة تحاول الاطاحة بالرئيس، وقال وزير الاعلام حمود ولد محمد: "استسلم آخر الانقلابيين" وأكد أن الطايع يسيطر على الوضع بشكل كامل، فيما قال مسؤول رفيع المستوى في الحكومة طلب عدم كشف هويته ان "الانقلابيين كانوا بقيادة العقيد صالح ولد حنانة" الذي عزل من منصبه في الجيش العام الماضي. وذكر الشهود أن "القوات الموالية تسيطر على وسط المدينة وعلى قصر الرئاسة. ونزل اتباع الرئيس الى الشوارع للاحتفال". وذكرت مصادر مقربة من القصر الرئاسي أن الرئيس معاوية ظل يقود شخصياً العمليات المضادة للانقلابيين يساعده علي ولد محمد فال مدير الأمن الوطني في موريتانيا. ولم يعرف بعد مصير رئيس الوزراء الشيخ العافية ولد محمد، ورئيس الاركان وقائد الحرس الجمهوري. وأفادت الانباء أن الحياة العامة بدأت تعود بالتدريج الى حالها الطبيعية. واستؤنفت المعارك صباح أمس في نواكشوط بعد ليلة هادئة على رغم اعلان الحكومة الموريتانية ان محاولة الانقلاب التي بدأت قبل 24 ساعة سحقت واعتقل آخر الجنود المتمردين. وقال شهود ان دوي نيران اسلحة ثقيلة هز وسط العاصمة الموريتانية أمس بعد ليلة من الهدوء النسبي. وألقت الانفجارات التي سمع بعضها قرب مقر الرئاسة بظلالها على تصريح حكومي في وقت سابق بأن محاولة الانقلاب التي وقعت في البلاد دُحرت وجرى اعتقال المتآمرين. واستؤنف اطلاق النار في الساعة السادسة بالتوقيت المحلي وتوقيت غرينتش على جبهات عدة وسط المدينة والمطار والضواحي الجنوبية. وتركزت المعارك التي دارت ليلاً في العاصمة في المناطق المحيطة بثكنة حي عرفات على بعد نحو ثلاثة كيلومترات في جنوب العاصمة الذي اصبح معقلا للمتمردين. وبرر مصدر حكومي تجدد الاشتباكات مشيرا الى ان مجموعة من المتمردين حاولت الفرار عند الصباح فاطلق الجيش النظامي النار عليها، غير ان الاشاعات راجت في العاصمة وخيمت بلبلة كبيرة لأربع ساعات. توقف اطلاق النار في العاصمة الموريتانية عصر أمس، ونزل آلاف الاشخاص الى الشوارع، ما أدى الى ازدحام كبير في حركة السير، وخصوصا جوار مقر الحزب الجمهوري الديموقراطي والاجتماعي الحاكم. واختلطت ابواق السيارات بالزغاريد وقرع الطبول وصيحات الفرح في حين رفعت الحشود صوراً للرئيس. واستمر الاحتفال نحو ساعتين ونصف ساعة، وعاد عدد من الوزراء الى مكاتبهم لاستئناف عملهم. وشوهد مدير مكتب الرئيس يتوجه في سيارة الى القصر الرئاسي، فيما جال وزير الاتصال على مقرات وسائل الاعلام الرسمية من إذاعة وتلفزيون ووكالة انباء لتأكيد عودة الامور الى طبيعتها. وأكد مصدر حكومي، ان المتمردين تحصنوا في مقر رئاسة اركان الدرك الوطني وأرادوا مع بزوغ الفجر الخروج منه. واضاف المصدر ان الجيش النظامي اطلق عليهم النار لمنعهم من الفرار. وتسبب استئناف اطلاق النار بالاسلحة الثقيلة والخفيفة في حال من الذعر في صفوف السكان، في حين اعلنت السلطات ليلاً ان الوضع بات تحت السيطرة. وشوهدت دبابتان محترقتان امام مبنى الإذاعة القريب من قصر الرئاسة. وقال سكان ان اعداداً كبيرة من القوات الموالية للرئيس الموريتاني وصلت الى العاصمة من شرق البلاد، كما دخلت العاصمة تعزيزات اخرى من الشمال. وتحاول المستشفيات جاهدة علاج أعداد كبيرة من الجرحى تدفقوا عليها. وقالت مصادر طبية انه ليس بمقدور احد تحديد عدد القتلى. ولم يصدر مدبرو الانقلاب اي بيان علني ولم يتضح اذا كانت محاولة الانقلاب لها صلة بالتوترات السياسية المتزايدة بعد شن حملة على الاسلاميين والساسة المؤيدين للرئيس العراقي السابق صدام حسين. وبعيد منتصف الليلة قبل الماضية، اعلن عضو في الحكومة لعدد من الصحافيين استسلام آخر العناصر المتمردة او اعتقالهم واستعادة الجيش الشرعي ثكنة مدرعات وتحويلها الى مقره العام. وأوضح ان محاولة الانقلاب قادها ضابط سابق هو العقيد صالح ولد حنانة، مؤكداً بذلك المعلومات التي اوردتها وكالة الانباء المغربية في وقت سابق. واضاف ان "الاذاعة والتلفزيون سيبدآن برامجهما في الساعات الاولى من صباح اليوم الاثنين"، وهو ما لم يحدث حتى ظهر أمس. وبقيت وسائل الاعلام الرسمية صامتة طيلة أول من أمس باستثناء استئناف وجيز للبث الاذاعي قبيل الظهر. كما ان الرئيس ولد طايع لم يوجه اي رسالة الى مواطنيه منذ بداية الاضطرابات التي اندلعت ليل لسبت الاحد، تاركاً العنان للإشاعات عن مصيره. ونفت السفارة الاميركية في نواكشوط أمس "نفياً قاطعاً" ان يكون الرئيس الموريتاني لجأ اليها. وتقع السفارة الاميركية قرب مقر الرئاسة الموريتانية. وكان مصدر ديبلوماسي فرنسي أعلن أول من أمس في باريس ان الرئيس الموريتاني لم يلجأ الى السفارة الفرنسية في نواكشوط خلافاً للاشاعات التي سرت في المدينة. ولم يظهر ولد الطايع طوال يوم الاحد واكدت السلطات ان الرئيس الموريتاني في مأمن وانه يتولى العمليات للسيطرة على الانقلاب. وتبين ان الوضع كان أكثر تعقيداً بالنسبة الى الجيش النظامي ونظام الرئيس ولد الطايع الذي استولى على السلطة اثر انقلاب في 1984 ثم انتخب في 1992 واعيد انتخابه في 1997. وهو الآن مرشح الى الانتخابات الرئاسية المقررة في السابع من تشرين الثاني نوفمبر المقبل. ولم تهدأ حدة المعارك إلا مساء الاحد بعد وصول تعزيزات من عناصر المدفعية وفوج المظليين من الشمال والشرق والجنوب الى القوات الموالية. ووصلت هذه التعزيزات خصوصاً من مدينة اطار في شمال البلاد والتي يتحدر منها الرئيس ولد الطايع. وسادت موريتانيا اخيراً موجة من عدم الارتياح في اعتقال عشرات من المعارضين الاسلاميين. ولم تجد صداقة ولد الطايع مع اسرائيل تأييداً يذكر في موريتانيا. وفي عام 1999 أصبحت موريتانيا ثالث دولة عربية تقيم علاقات ديبلوماسية كاملة مع اسرائيل. على صعيد آخر، دان الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى أمس محاولة الانقلاب في موريتانيا، مشدداً على ضرورة عودة الاستقرار الى البلاد. وأفاد بيان للجامعة العربية ان موسى "أكد ادانته أي محاولة للاستيلاء على السلطة بالقوة". واضاف ان موسى اتصل هاتفياً بوزير الخارجية الموريتاني محمد ولد الطلبه للإطلاع على أحدث التطورات في البلاد وأنه شدد على حرص الجامعة العربية "على عودة الاستقرار الفوري الى موريتانيا". كما أدان رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي بالوكالة عمارة عيسى "بشدة" محاولة الانقلاب، وقال في بيان أول من أمس انه "يتابع بقلق كبير المعلومات عن محاولة انقلاب في موريتانيا". وأضاف عيسى انه "يدين بشدة هذه المحاولة الانقلابية التي تتناقض مع اعلان لومي في شأن التغييرات الحكومية المنافية للدستور ومع المبادئ الواردة في البيان التأسيسي للاتحاد الافريقي". وأكد عيسى "الرفض المطلق للاتحاد الافريقي لكل محاولة استيلاء على السلطة بالقوة او بأي وسيلة اخرى غير دستورية وتمسك الاتحاد الافريقي باحترام النظام الدستوري".