الدهون مهمة جداً للإنسان كغيرها من المجموعات الغذائية الأخرى مثل البروتينات والمعادن والسكريات والفيتامينات، فالجسم لا يستطيع التخلي عنها بأي شكل من الاشكال لأنها تعتبر مصدراً مهماً للطاقة، كما انها تزوده بالأحماض الدهنية الاساسية التي لا يستطيع صنعها، ولهذا لا مفر له من تأمينها من طريق التغذية، كذلك تلعب الادهان ادواراً في مجالات شتى، اذ تدخل في تركيب جدران الخلايا والأنسجة العصبية وتشكل وسادة عازلة وواقية تحت الجلد. وهي ضرورية لصنع الهرمونات وخزن وامتصاص الفيتامينات A.D.EK، كما تلعب دوراً في انتاج اشباه الهرمونات التي تسهم في انجاز بعض العمليات الكيميائية والاستقلابية المفيدة. والأدهان في الجسم ثلاثة انواع: الكوليسترول والفوسفوليبيدات والغليسيريدات الثلاثية Triglycerides، وهذه الاخيرة يتجول قسم منها في الدم، اما القسم الباقي فيتواجد في مستودعات الجسم الدهنية. وكما ان ارتفاع الكوليسترول في الدم يشكل عامل خطر يدفع الى استيطان الامراض القلبية الوعائية، فإن ارتفاع الغليسيريدات الثلاثية في الدم يشكل خطراً على الصحة. وفي السطور الآتية نتطرق الى اهم التساؤلات التي قد تخطر على البال لنتعرف الى اسرار هذه الادهان: ما هي الكمية الطبيعية للغليسيريدات الثلاثية في الدم؟ - الكمية عند الرجال هي 0.45 الى 1.75 غرام في كل ليتر دم. - الكمية عند النساء هي 0.35 الى 1.40 غرام في الليتر. - الكمية عند الأطفال أقل مما هي عند الكبار. متى يقال ان فلاناً يعاني من زيادة في الغليسيريدات الثلاثية؟ - إذا تجاوز مستوى الغليسيريدات الثلاثية في الدم الغرامين في الليتر فعندها يقال ان الشخص يعاني من ارتفاع فيها، وعند المرضى قد يتعدى مستوى الغليسيريدات العشرة غرامات وهي حالة قد تتأتى عنها عواقب وخيمة أهمها التهاب البانكرياس الحاد. كيف يتم الكشف عن ارتفاع الغليسيريدات الثلاثية؟ - ان التشخيص يتم باجراء فحص الدم بعد فترة صيام تتراوح بين 12 و14 ساعة لا مانع من شرب الماء خلال تلك المدة. وعلى المريض ان يتحاشى شرب الكحوليات وأن لا يبالغ في المأكولات في الاسبوعين السابقين لموعد فحص الدم. ما هي العوامل التي ترفع من مستوى الغليسيريدات الثلاثية في الدم؟ - هناك عوامل فيزيولوجية وعوامل مرضية. - العوامل الفيزيولوجية هي: 1- تناول الوجبات الغنية بالدسم والسكريات. 2- استهلاك المشروبات الكحولية. 3- بعض الأدوية مثل الاستروجين ومانعات الحمل والكوليسترامين والكورتيزونات وبعض مضادات الالتهاب. 4- الحمل. - أما العوامل المرضية فنذكر: السمنة وقصور الغدة الدرقية والداء السكري غير المعالج جيداً واحتشاء العضلة القلبية وتشمع الكبد الكحولي والإفلاس الكلوي وارتفاع الضغط الشرياني وأمراض خزن الفلوكوجين أي مخازن السكر والتصلب الشرياني. هل هناك امراض تسبب نقص الغليسيريدات الثلاثية؟ - نعم، وهذه الامراض هي: سوء التغذية، وتناذر سوء الامتصاص وزيادة نشاط الغدة الدرقية. ما هي العوارض التي يتظاهر بها ارتفاع الغليسيريدات الثلاثية؟ - ان وجود كميات عالية تسرح وتمرح في الدم قد ينتج منها المعاناة من العوارض والعلامات الآتية: 1- الآلام البطنية عقب تناول الطعام. 2- ترسبات جلدية صفراء اللون عقدية الشكل. 3- ضخامة الكبد والطحال. 4- اعتلال الأعصاب المحيطية. 5- اضطرابات في الذاكرة. 6- نوبات النقرس. 7- تموت رأس عظمة الفخذ. ما هي اختلاطات ارتفاع الغليسيريدات الثلاثية؟ - ان زيادة الغليسيريدات الثلاثية في الدم تشكل عامل خطر يمهد للإصابة بالتهاب البانكرياس الحاد والأمراض القلبية - الوعائية اضافة الى الاصابات الدماغية الوعائية، واذا ارتبط ارتفاع الغليسيريدات مع ارتفاع الكوليسترول في الدم، فإن خطر الامراض القلبية والدماغية الوعائية يزداد اكثر وأكثر. ان ارتفاع الغليسيريدات الثلاثية يشجع على تكوّن وتطور الترسبات على باطن الشرايين الى جانب انه يخلق بلبلة على صعيد عوامل تخثر الدم. كيف يعالج ارتفاع الغليسيريدات الثلاثية؟ - ان العلاج يعتمد اولاً وأخيراً على اتباع قواعد صحية غذائية وهذه اذا طبقت في شكل جيد فإنها تعطي نتائج رائعة بل ممتازة، وهذه القواعد تشمل: 1- اذا كانت هناك زيادة في الوزن فلا مفر من انقاصها، ان فقدان بضعة كيلوغرامات غالباً ما تعيد الغليسيريدات الى مكانها الطبيعي. 2- الابتعاد الى اقصى حد عن الاغذية والمشروبات الحاوية على السكاكر البسيطة السريعة الامتصاص مثل: السكر الابيض والعسل والشوكولاته والمشروبات الغازية والمربيات والحلويات والعوامات وفاتحات الشهية والمهضمات. 3- عدم المبالغة في شرب العصائر حتى ولو كانت طبيعية لأنها تحتوي كمية معتبرة من السكر، وكذا الحال مع الفاكهة. 4- مراقبة الوجبات الجاهزة والمحضرة مسبقاً لأنها قد تعج بالسكاكر. 5- الحذر من المشروبات الروحية والمشروبات المخلوطة بها. 6- التقنين في كمية الادهان الحيوانية المنشأ نظراً الى غناها بالأحماض الدهنية المشبعة وانتقاء الأدهان غير المشبعة وخصوصاً تلك الغنية بأحماض اوميغا -3، وهذه الاخيرة توجد بوفرة في السمك والصويا والكتان والجوز. 7- ممارسة الرياضة البدنية. وفي الختام بقيت هناك بضع ملاحظات يجدر التنويه بها وهي: أ- اذا لم يكن المريض يعاني من زيادة في الوزن، أي إذا كان وزنه طبيعياً، فلا حاجة للحرمان من المواد الدهنية او الحد منها لأن الجسم يستطيع صنع الغليسيريدات الثلاثية اعتباراً من السكاكر. ب- هناك من يحذف من وجباته كلياً النشويات مثل المعكرونة والبطاطا والرز والخبز والبقول الجافة، ان هذا الاجراء لن يحسن من صورة الغليسيريدات الثلاثية في الدم، اضافة الى مكان تعرض صاحبه لخطر نقص السكر في الدم، لذلك يجب اعطاء الضوء الأخضر للأغذية المنوه عنها آنفاً شرط الاعتدال الذي هو سيد الاحوال، فالمبالغة في أكلها تؤدي الى ارتفاع حاد ومفاجئ في مستوى الغليسيريدات في الدم. ج- عدم إحداث تغييرات جوهرية في نمط التغذية في الايام التي تسبق فحص الدم لأنها تؤثر في شكل واضح على مستوى الغليسيريدات في الدم فتؤدي الى نتائج كاذبة. د- ان القرفة مفيدة في خفض شحوم الدم أي الغليسيريدات الثلاثية والكوليسترول السيئ ويكفي تناول نصف ملعقة من مسحوق القرفة كل يوم للحصول على الفائدة المرجوة.